قال الدكتور أحمد ربيع عميد كلية الدعوة الأسبق إن الأمم القوية تحافظ على الصدق بين أبنائها، مشيرًا إلى أن الشرائع الدينية كلها أجمعت على أهميّة الصدق، وأن الصدق خُلق من أخلاق الإسلام الرفيعة، وصفة من صفات عباد الله المتَّقين، وسمة من سمات الأنبياء والمرسلين، وجميع عباد الله الصالحين.
جاد ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الدكتور أحمد ربيع، اليوم الاثنين، ضمن انعقاد فعاليات اليوم الثالث على التوالي في الأسبوع الثقافي الخامس من مسجد المهند بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة بمحافظة القاهرة، تحت عنوان: "من مكارم الأخلاق.. التحلي بفضيلة الصدق"، وذلك في إطار الدور التثقيفي الذي تقوم به وزارة الأوقاف.
وحاضر في الفعاليات أيضا الدكتور على الله الجمال إمام وخطيب مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها)، وقدم لها محمد مصطفى يحيى المذيع بإذاعة القرآن الكريم، وكان فيها القارئ الشيخ عيد أبو عشرة قارئًا، والمبتهل الشيخ محمد الملطاوي مبتهلًا، وبحضور الشيخ محمد الجوهري مدير إدارة القاهرة الجديدة، وجمع غفير من رواد المسجد.
وأوضح الدكتور أحمد ربيع أن التحلي بالصدق كان من أوليات دعوته (صلى الله عليه وسلم)، كما جاء مصرحًا بذلك في قصة أبي سفيان مع هرقل، وفيها: أن هرقل قال لأبي سفيان: "فماذا يأمركم؟" يعني: النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة"، ويكفي الصدق شرفًا وفضلا أن مرتبة الصدِّيقية تأتي في المرتبة الثانية بعد مرتبة النبوة، قال (سبحانه): "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا".
وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نتحلى بهذا الخُلق العظيم، وأن نكون مع الصادقين، قال (سبحانه): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"، وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يَهْدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدقُ ويتحرَّى الصدق حتى يُكتَب عند الله صدِّيقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".
من جانبه، أكد الدكتور على الله الجمال أن الصدق نطق الإنسان بالكلام الحق المطابق للواقع، وفيه معانٍ أخرى منها صراحة الإنسان مع نفسه، ومواجهته مع ذاته دون كذب أو خداع بغية التخلص من العيوب، وتزكية النفس، والارتقاء بها إلى أعلى المراتب.
وأشار إلى أن الصدق فضيلة ونجاة، وطمأنينة وراحة بال، وهو منبع الفضائل وأصل المروءة، والصدق مع الله من أرفع مقامات العبودية والطاعة، ويكون بتصفية السرائر وإخلاص العمل لله تعالى وتنقيته من الرياء والسمعة، موضحًا أن الله (عز وجل) ذم المنافقين لكذبهم فقال (سبحانه): "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ".
وأوضح أن الصدق في الأعمال لا يتحقق إلا بثمن، ولا يصير خلقًا إلا بتضحية ومجاهدة طويلة وشاقة، إنه خلق لا يتحمله إلا المخلص فهو يستوجب على المسلم أن يحفظ لسانه فلا يتكلم إلا بصدق ولا ينطق إلا بحق، فأحسن الكلام ما صدق فيه قائله قال (سبحانه): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا"، وقال (سبحانه): "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا"، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، مختتمًا حديثه بأن الصدق يقتضي أن يكون العبد مطيعا لربه ممتثلا لأمره، ومجتنبًا لنهيه، آخذًا بكتابه مقتديًا برسوله (صلى الله عليه وسلم)، وأن مقتضيات الصدق التحري في قول الحق في السر والعلانية، والإخلاص في النية والعمل، والوفاء بالعهود.