كثيرة هي النماذج التي قدمتها السينما المصرية للشخصيات السوداوية العدمية التي فقدت إيمانها بالحلم والأمل والمستقبل، وتسعى دومًا لبث روح الإحباط واليأس لدى من يقترب منها أو يتعامل معها، مثل الشخصية التي لعبها الفنان أحمد
عبد العزيز فى فيلم "عودة مواطن".
وهؤلاء هم لصوص الروح الذين قد ينغصون عليك عيشتك ويثبطون من عزيمتك ويخفضون معنوياتك كلما التقيت بواحد منهم.. وهم أشخاص مدمنون للشكوى، لا يعرفون كلمة الحمد لله، ولا يتحدثون إلا عن كل ما هو سيئ فى حياتهم، رغبة فى استدرار العطف أو دفع الحسد، أو بدافع سلوك إنسانى فطرى مجبول على التمرد ومتعود على الشكوى وعدم القناعة.
وإذا نجوت من تأثير هؤلاء وجلست مع أصدقاء لك فى العمل أو على المقهى أو فى النادى أو أى مكان آخر، وتابعت حديثهم ستجد الجميع يشكون ضيق ذات اليد أو اعتلال الصحة أو عقوق الأبناء، أو يتبارون فى الكلام عن كل ما هو محزن وسلبي.. ونادرًا ما ستجد أحدًا منهم يتحدث عن خير حدث له أو شىء مفيد ينفعك به، أو معلومة جديدة تضيفها إلى رصيد ثقافتك، ولن تجد سوى الشكوى والقنوط واليأس والإحباط.
وإذا هربت من ذلك كله إلى مشاهدة برنامج تليفزيونى، فلن تجد أمامك سوى المشاكل من كل نوع.. لا أحد يبشر بأمل فى شىء.. الكل يشكو.. والكل يتبارى فى ذكر العيوب والمساوئ والأخبار التعيسة.. وإذا طاوعت نفسك وتابعت نشرات الأخبار فسترفع ضغط دمك بدون فائدة أو مبرر.. لا كلام سوى عن التلوث وجرائم السرقة والرشوة والقتل وارتفاع الأسعار والنصب على الغلابة.
ومن النادر أن تقرأ موضوعًا متفائلاً أو مقالاً يجد من خلاله كاتبه أى بقعة ضوء ليتحدث عنها.. فالكل يشكو والكل ينعي الماضي وأيام الزمن الجميل.. والأخطر من ذلك هو جلد الذات المستمر والمبالغة الشديدة فى نواحى القصور لدينا ونواحى التفوق لدى الآخرين.. وهى حرب نفسية نمارسها ضد أنفسنا.. ولا يحلم أى عدو مهما أنفق من أموال بأن يصل إلى نتيجتها الحتمية وهى قتل الأمل فى نفوس الناس وعدم إحساسهم بأى طعم للحياة أو رغبة فيها، وهو ما قد يؤدى إلى الاكتئاب بدرجاته التى قد تصل إلى درجة الرغبة فى الموت والإقدام على الانتحار المادى والمعنوى.
فلماذا نفعل ذلك بأنفسنا، وماذا يمكن أن يحدث لنا إذا اسودت الدنيا فى وجوهنا؟! ولماذا لا ننشر الأمل ونحمد الله على ما ننعم به من أمن وأمان رغم ظروف الأوبئة والحرب التي تجتاح العالم، وتضغط على اقتصاديات أغنى الدول وتوقعها فى الأزمات، وتضطر شعوبها المرفهة للتظاهر والاحتجاج ضد رفع أسعار الوقود وصعوبة الحياة والخوف من المستقبل.
يا سارقو الأرواح رفقًا بنا.. كرهتونا فى عيشتنا!