بعيدًا عن "الجدل" ما إذا كانت الزيادة السكانية فى مصر نقمة أم نعمة؟ فالجهاز المركزى للتعداد يبشرنا بانخفاض معدل الإنجاب إلى 2.85 طفل لكل سيدة مقارنة بـ 3.5 عام 2014.
وتكشف نتائج المسح الصحى الذى أجراه الجهاز فى الفترة من 2014 إلى 2021 أن هذا الانخفاض حدث لسببين رئيسيين، أولهما: الأثر الإيجابى لمستوى التعليم على معدل الإنجاب، فأكثر من 81% من السيدات اللاتى لديهن ثلاثة أطفال أو أكثر لا يرغبن فى إنجاب المزيد، وهؤلاء مما أتممن التعليم الثانوى أو الجامعى، والطريف أن 20% منهن اعترفن أن مواليدهن الجدد لم يكن مرغوبًا فيهم، أى أنهم جاءوا على غير إرادتهم!، لعدم استخدام الوسيلة المناسبة لمنع الحمل!
السبب الثانى وهو مرتبط بالأول أيضًا، زيادة نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة، لتصل النسبة إلى 67% مقابل 58% عام 2014، وقد ارتبطت هذه الزيادة فى استخدام وسائل منع الحمل المختلفة بالمستوى التعليمى وأيضًا بالتقدم فى العمر.
ولكن الطريف أن نتائج المسح تشير أيضًا إلى انخفاض نسبة الإنجاب فى الحضر مقارنة بالريف حيث انخفضت فى الأول إلى 2.5 فقط، فيما مازالت فى الريف حوالى 3.5 طفل لكل سيدة خلال فترة المسح، وأعتقد أن ذلك قد يعود للمعتقدات الموروثة، أو لغياب الرعاية الصحية، خاصة أن المسح يشير لأنخفاض دور الجمعيات الأهلية فى توفير وسائل منع الحمل مقارنة بالقطاع الحكومى.
ولكن هناك أيضًا مجموعة من المؤشرات يجب التوقف عندهاـ منها مثلا الارتفاع الشديد فى الولادات القيصرية على مستوى كل الأقاليم المصرية بما فيها الحدودية لتصل النسبة إلى 72% مقابل 52% فقط عام 2014، والغريب أن هذه النسبة ارتفعت فى حضر الوجه البحرى 84% والقبلى إلى 76% كما لفت النظر أيضًا ارتفاع النسبة فى المحافظات الحدودية إلى 53% مقارنة بحوالى 41% فقط عام 2014، وقد قيل إن الأطباء ينصحون السيدات اللاتى ينجبن قيصريًا بعدم الحمل لمدة ثلاث سنوات وقد يكون هذا أحد العوامل بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية والمعيشية الضاغطة، والتى جعلت الأسر المصرية تهتم بالكيف وليس الكم، خاصة عندما يتوفر قدر مناسب من التعليم!
وقد كشفت النتائج أيضًا عن ارتفاع معدل وفيات الأطفال حديثى الولادة ليصل إلى 18 لكل ألف مولود عام 2021 مقابل 14 فى عام 2014، فهل الولادة القيصرية لها علاقة بارتفاع هذه النسبة.. الجواب عند الأطباء!
تبقى الإشارة إلى النتيجة الغريبة التى كشفت عنها المسح وهى ارتفاع نسبة المصابين بالأنيميا لتصل إلى 43% بينما كانت 27% فقط عام 2014.
تلك كانت نتائج ومؤشرات المسح الصحى الذى أجراه جهاز التعداد و الإحصاء للأسر المصرية من خلال "العينة" ونأمل أن يدرس المتخصصون تلك المؤشرات، وأن يستفيد منها متخذى القرار الاجتماعى والاقتصادى.
حفظ الله مصر وألهم أهلها الرشد والصواب