قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن ما نعيش اليوم هو نفير علمي في الوقوف لمشكلات العصر ووضع الحلول المناسبة لها، مشيرا إلى أن مؤتمر الشئون الإسلامية خدمة للدين والوطن وبحث لحلول القضايا التي نواجهها ونتشارك فيها.
وتابع وزير الأوقاف خلال المؤتمر الدولي الـ 33 للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي تستضيفه القاهرة على مدى يومين تحت شعار: "الاجتهاد ضرورة العصر"، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن الاجتهاد ضرورة العصر، فقد عانينا في مجتمعاتنا المسلمة وعانى العالم كله من الفتاوى الشاذة والمؤدلجة على حد سواء، كما عانينا من افتئات غير المؤهلين وغير المتخصصين وتجرؤهم على الإفتاء والذهاب إلى أقصى الطرف تشددًا وتطرفًا يمينيًّا، أو انحرافًا وتطرفًا يساريًّا، فإذا أضيف إلى هؤلاء وأولئك محبو الظهور من اللاهثين خلف كل شاذ أو غريب من الآراء، تأكد لدينا أننا في حاجة إلى إرساء وترسيخ قواعد الاجتهاد وضوابطه، وبخاصة الاجتهاد الجماعي في القضايا التي لا يمكن البناء فيها على الأقوال الفردية، والتي تتطلب الفتوى فيها خبرات متعددة ومتكاملة، ولا سيما في القضايا الاقتصادية والطبية والبيطرية وشئون الهندسة الزراعية وغير ذلك من مفردات حياتنا ومستجدات عصرنا التي تحتاج إلى رأي أهل الخبرة لتبنى عليه الفتوى.
وأوضح وزير الأوقاف أنه لا شك أن هذا الاجتهاد الجماعي سيسهم بشكل كبير وواضح وبنَّاء في القضاء على الآراء الشاذة، وعلى إزالة كثير من أسباب التطرف، والانغلاق، والجمود، والتقليد الأعمى، وسوء الفهم، والوقوف عند حرفية النصّ، والابتعاد عن فقه المقاصد والمآلات، وعدم فهم القواعد الكلية للتشريع، وإتاحة الفرصة لتصدر غير المؤهلين وغير المتخصصين لبعض جوانب المشهد الدعوي.
وأضاف أن هذا الاجتهاد الجماعي يمكن أن يؤدي إلى تحقيق جانب كبير من التقارب بين العلماء، ويزيل كثيرًا من أسباب الفُرْقَة والخلاف، مما يسهم - بلا شك - في وحدة صف الأمة، ولا سيما في مواجهة الأفكار الشاذة والمنحرفة والضالة والمتطرفة.
وتابع: "فتح الإسلام باب الاجتهاد واسعًا، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ الله (عز وجل) يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا"، وطبعيّ أن هذا التجديد لا يكون إلا بالاجتهاد والنظر ومراعاة ظروف العصر ومستجداته.
وأقر نبينا (صلى الله عليه وسلم) مبدأ الاجتهاد حتى في حياته (صلى الله عليه وسلم) فقد بعث (صلى الله عليه وسلم) سيدنا مُعَاذ بن جبل (رضي الله عنه) إِلَى الْيَمَنِ، وقَالَ لَهُ: (كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟)، قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ الله، قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ في كِتَابِ الله؟)، قَالَ: أَقْضِي بِسُنَّةِ رَسُولِ الله، قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ في سُنَّةِ رَسُولِ الله؟)، قَالَ: أَجْتَهِدُ رأيي ولَا آلُو".