تجربة د. طارق شوقى، وزير التربية و التعليم السابق، فى تطوير المنظومة التعليمية تعد من أكثر التجارب جدلاً على مر تاريخ الوزارة لما صاحبها من لغط كبير.. وها هو وبعد مرور 40 يومًا من خروجه من الوزارة يكون السؤال: هل د. طارق شوقى قد أصاب وكان على حق فيما فعله أم أنه أخفق وأخطأ؟!
وللإجابة عن هذا السؤال فإن الأمر يتطلب منا أن نجيب أولاً عن سؤال آخر.. وهو هل كنا فعلاً فى احتياج لتطوير المنظومة التعليمية؟.. والإجابة: نعم.. لقد كنا فى أشد الحاجة لنسف المنظومة التعليمية السابقة وقلبها رأسًا على عقب، بعد أن "ترهلت" وعفا عليها الزمن وأفرزت أمراضًا تعليمية خطيرة، فى مقدمتها الدروس الخصوصية وهجر التلاميذ للمدارس وتفشى الغش الجماعى وغيرها، فضلاً عن اعتمادها على الحفظ والتلقين والذى أدى إلى تخريج أجيال لا تستخدم العقل.. وكذلك تخريجها أجيالاً كاملة لا يحتاجها سوق العمل، مما أدى إلى ازدياد البطالة، وبالتالى فإن طارق شوقى قد أصاب وكان على حق فيما فعله فى قلبه المنظومة التعليمية والامتحانية رأسًا على عقب واستبدالها من النظام الورقى إلى النظام الإلكترونى باستخدام "التاب" وجعلها قائمة على الفهم والتفكير.
لكنه قد أخطأ فى اختياره تطويرًا لا يتناسب مع ظروف ومعطيات بلدنا.. فضلاً عن أنه لم يجهّز له البنية التحتية قبل التنفيذ مثل تزويد المدارس بشبكات "النت" وغيرها، كما أنه لم يبدأ عملية التطوير من بداية السلم التعليمىأى بدءًا من الحضانة، فضلاً عن عدم قيامه بتدريب المعلمين بالشكل الأمثل على المنظومة التعليمية الجديدة، مما أدى إلى إجهاض التطوير قبل أن يبدأ، وعلينا أن نعلم أنه سيظل هذا التخبط فى السياسة التعليمية إلى ما لا نهاية وحتى لو قمنا بتغيير ألف وزير لعدم وجود استراتيجية محددة المعالم يسير عليها أى وزير يتولى حقيبة التعليم.. لكن ما يحدث أن أى وزير يتولى حقيبة التعليم يقوم بإحداث التطوير والتغيير وفقا لأهوائه ومزاج معاليه.. وهذا ما شاهدناه في الـ 45 سنة الأخيرة، فمرة إلغاء سنة سادسة ابتدائي مما تسبب فى السنة الفراغ ثم إعادتها مما تسبب فى حدوث الدفعة المزدوجة.. ومرة الثانوية العامة من سنتين ومرة أخرى من سنتين بالتحسين ومرة من سنة واحدة (!!)
إننا فى أشد الحاجة لوضع استراتيجية لتطوير التعليم لـ 10 و15 سنة القادمة بالشكل الذى نريد أن تكون عليه المنظومة التعليمية والخريجون ليتواكب مع سوق العمل.. يلتزم بتنفيذها أى وزير يتولى حقيبة التعليم ويستكملها من يخلفه.. وغير ذلك نكون بنضحك على أنفسنا وسنكون "محلك سر" لا نتقدم خطوة للأمام.