كتب: عاطف عبد الغنى
ليس فى العنوان أية خدعة فالفتاة صاحبة هذه المأساة بالفعل اسمها الثلاثى: أمل فريد شوقي، وهى ليست ابنة للفنان المشهور، لكن مأساتها لم ترد فى أكثر أفلام الفنان مأساوية وسوادا دراميا.
قصة الفتاة كما رواها لـ "دار المعارف" أحد المتطوعين المنضمين لمبادرة فريق المتابعة الشعبية بقليوب البلد التابعة لمحافظة القليوبية، وقال فيها إن هذه الفتاة التى لم تتجاوز سن الطفولة (18عاما) لم يكن أحد يهتم بها من قبل فى الحى الذى نسكنه، فقط نعرف أن اسمها أمل، (عرفنا الآن اسمها الثلاثى).
ولايعلم أحد من أين اتت، فتاة مراهقة لاتخلو ملامحها من مسحة جمال على الرغم من تلطخ وجهها بمخلفات وتراب شارع الشهيد الذى تسكن زاوية خربة منه.
يبدو بوضوح عليها معاناتها من مرض نفسي، ينعكس هذا على سلوكياتها، وقد اتخذت من أحد المنازل المهدمة عند مسجد علاء الدين، من امالها تأوى إليه عندما تعانى التعب واليأس.
تهيم على وجهها فى النهار شبه ذاهلة، وذات ليلة سمع أهل المنطقة، صراخها الهيستيرى لأول مرة، وعندما اقتربوا منها وجدوها وقد ولدت طفلا يرقد إلى جوارها، حاولوا مساعدتها بقدر ما استطاعوا، لكن لم يمر وقت طويل حتى عثر أهل الحي على الطفل ميتا في الخرابة التى تأوى إليها فى منامها.
وتستمر أمل فى سيرتها المعتادة فى النهار ذاهلة أو تصرخ فى نوبات هيسترية، وفى الليل تتجول تتسول ما تقتات وتعيش منه، ولم يمر العام على ولادتها الطفله الأول وموته، حتى ظهرت أعراض حمل أخرى عليها ولا يعلم أحد فى المنطقة -كالمرة السابقة - من أي شخص حملت.
ومثل الأولى ولدت أمل طفلها الثانى، وكانت تحمله وتسير به عاريا في الشوارع، وعندما يشتد بكاء الطفل تقوم بضربه، ويحاول الناس إيقافها، فتهاجمهم ظنا منها أنهم يريدون إيذاء الطفل، وهى تدافع عنه.
ومر يوم فأخر، قبل أن يتناهى إلى أسماع أهل حارة الشهيد، بكاء طفل شديد ليلا، لكنهم لم يأهبوا لأمر اعتادوه، وعند الفجر انقطع فجأة بكاء الطفل، فاطمئن أهل الحارة، وعندما أتى النهار اكتشف أهل الحارة أن الطفل كان ابن أمل الثانى وقد عثروا عليه إلى جوارها ميتا.
ودخلت أمل فى طور سلوكى جديد تنتابها فيها حالات هيسترية فى النهار، وعويل وبكاء فى الليل، لقد تمكن المرض النفسى والجسدى من أمل، ولم تعد تأكل ولا تشرب، وظهر على جلدها آثار عدم النظافة.
واستدعى شخص ما الإسعاف لعلها تنقذها مما وصلت إليه، وجاء رجال الاسعاف فى سيارة لكنهم صنفوا الحالة على أنها فتاة شوارع، ورفض أهل الحى جميعهم التوقيع على أوراق المسئولية عن أمل فانصرفت سيارة الاسعاف وتركت خلفها أمل فى معاناتها.
واستمر الحال على ما هو عليه حتي علم بالأمر مسئولو المتابعة الشعبية بقليوب، ومنهم: محمد كامل الباشا، و وليد سيد مرعي، وتولي الفريق حالة أمل، التى لم يساعدهم فيها حتى اللحظة أي مسؤل أو جهة حكومية، حتي ما تدعي جمعية خيرية تحمل اسم "الصفوة" ومقرها فى المنطقة كان المسئولون عنها يعدون بالمساعدة ثم ينكثوا بوعودهم، ثم يتجاهلوا الرد على مكالمات فريق الإنقاذ.
3 أيام، مضى الأمر فيها على هذا المنوال، وتأخرت حالة أمل، فقرر فريق المتابعة تحمل المسئولية منفردا، وقام أفراده باستئجار عربة إسعاف علي نفقتهم، بعد أن أجروا اتصالات مع مسئولين بمستشفى الخانكة، ولما وصلوا بأمل إلى المستشفى رفضت "الخانكة" استلامها بزعم أن القسم الحريمى مغلق منذ فترة وسوف يتم تحويلها للعباسية.
واختتم فريق المتابعة الشعبية الذى تولى حالة أمل رسالته التى بعث بها لـ "دار المعارف بهذه العبارة:
" نحن الآن مساء الخميس الأول من مارس إلى جوار أمل فى سيارة الإسعاف، فى طريقنا إلى مستشفى العباسية، ادعوا معنا أن يقبل المسئولون في المستشفى حالة أمل وينقذوا من الضياع والعذاب روح بريئة خلقها الله.