نحتاج دائما إلى رؤية المجتمع و مشكلاته بعين الطائر من أعلى لكي تكون لدينا نظرة شاملة لكل التفاصيل و المتغيرات و المؤثرات التي تسبب المشكلات المجتمعية أو تكون سببا في خلق مشكلات مستقبلية و لاشك في ان الشريحة المجتمعية للسجينات و خاصة بعد خروجهن من السجن و تعرضهن للمعاناة من وصمة السجن والصدمة المجتمعية يصبح أمامهن تحدي كبير لاعادة الدمج المجتمعي و التمكين الاقتصادي للانخراط في المجتمع بشكل طبيعي و يمكننا هنا ان نفعل آلية العناقيد الصناعية و حلقات الانتاج لتحقيق هذا الهدف وفق استراتيجية علمية منظمة بخطوات قابلة للتنفيذ .
إن إعادة الدمج المجتمعي للسجينات بعد خروجهن من السجن يحتاج إلى جهود مختلفة تبدأ من داخل السجن بالتأهيل الاجتماعي النفسي للعودة لمواجهة المجتمع من جديد كأشخاص أسوياء مع رفع المهارات و القدرات الفردية بما يمكنهن من توليد الدخل بشكل مستدام ثم يأتي الدور المهم و الأكثر خطورة لثقافة المجتمع في تقبل السجينات بعد خروجهن من السجن و انقضاء فترة العقوبة ليندمجوا في الحياة بشكل طبيعي .
وفي المرحلة الأولى للخروج من السجن يكون مكان الإيواء المؤقت المؤهل علميا لاستقبالهن مهم جدا لعدم عودتهن إلى الجريمة والانحراف مرة أخرى بمكان يشمل الإقامة و الإعاشة و إعادة التأهيل الاجتماعي النفسي و الترفية أيضا لإعادة طعم الحياة الحرة اليهن.
و تأتي المرحلة الثانية لتشمل التدريب والتعليم الفني لزيادة المهارات واكتشاف المواهب الموجودة لديهن لإعادة التوجية السليم لهن و خلق قيمة مضافة في فرص استدامة توليد الدخل و خاصة في المشروعات متناهية الصغر التي تعتمد على المهارة الفردية و التي يمكن تنفيذها من المنزل في البداية .
يلي ذلك المرحلة الثالثة و هي مرحلة التمويل و المتابعة و التقويم لكل الأفكار التي يتم تنفيذها حتى نضمن نجاحها و تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ثم تأتي المرحلة الرابعة و هي مرحلة العناقيد الصناعية و حلقات الإنتاج المتشابكة لخلق تكامل بين هذه المشروعات المتناهية الصغر لتتحول إلى مشروعات صغيرة ومتوسطة بالشراكة مع الجهات الصناعية والتجارية المختلفة لتكتمل شبكة الحماية الاجتماعية للسجينات بشكل علمي قابل للتطبيق.
إن تمكين السجينات بعد خروجهن من السجن يمثل بعدا مهما من أبعاد الأمن القومي الاجتماعي ليتحولن إلى قيمة اجتماعية مضافة للمجتمع و ليس العكس .
لا شك في إن قضية تمكين السجينات بعد خروجهن من السجن تحتاج إلى جهود وأفكار إبتكارية إبداعية يساهم فيها قطاعات الدولة والمجتمع المدني والأحزاب والخبراء من العلماء حتى يتحقق الدمج الاجتماعي الاقتصادي ذو القيمة المضافة لحياتهن للوصول إلى الحياة الكريمة و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين.