كما تدين تدان ( تجمل بالأخلاق)

كما تدين تدان ( تجمل بالأخلاق)منال ماجد

الرأى22-10-2022 | 15:41

سيده ستينيه جمعت بيننا صاله انتظار فى احد المستشفيات تشكوا آلاما من عمودها الفقري
تكسو ملامحها البسيطة التي تنبأ عن جمال وجاذبيه لا تزال تظهر بوضوح بين خطوط تقدم العمر ومسحات الحزن التي يقهرها الرضا
وقفت تسال موظفه الاستقبال عن الإجراءات
بصوت خفيض وجدت الموظفة صعوبه فى إدراكها
فقمت على الفور بتوضيح ما تريده السيده
وأشرت لها ان تجلس لتستريح حتى تتم الإجراءات وجلست الي جوارها
فإذا بها تحكي لى عن مرضها الذي بدأت تعاني من آلامه منذ سنين طويله لكنها لم تذهب فيها ولو مره لتحاول العلاج
فهي ارمله منذ سنوات بعيده ومسئوله عن تربيه ثلاث فتيات وحدها وبعون الله قبل كل شئ
قامت بتربيتهم على اكمل وجه سهرت بجوارهم وقت الامتحانات
مرت بثلاث مرات ثانويه عامه وما ادراكم ما هي
ثم مرحله الجامعه والحكايات التي لا تنتهي للبنات
حتي أكملت رسالتها فذهبت كل منهن الي بيت الزوجيه ليمنحوها لقب جده
وها هي بعد رحله شقاء طويله مضت فيها وحيده تحمل مسئوليه ثلاث فتيات
تدخل المستشفى وحيده
تعاني من الام أصعب بكثير من تلك التى فى ظهرها
الام فتيات جاحدات تركن أمهن الستينيه المريضة التي تعاني من الآلام تمضي وحيده
وكأنها لم تكن هناك تمشط شعرهن يوما
وتعد لهن أطيب الطعام
وتساعدهن فى رحله الدراسه
وتتحمل غضبات المراهقة وتبعات قصص الحب الاول و تقلبات سنه أولى زواج ومتابعت الحمل والاستعداد لاستقبال الأحفاد
تمضى وحيده تتحمل الام جسدها لكنها تنوء بآلام الجحود فتبث حزنها لكل من يجاورها وتسرد
قصه وحدتها
أمسك يدها اعاونها على النهوض فقد حان دورها لتدخل الى الطبيب
انظر بعيدا
أتخيل البنات الثلاث فى مثل عمرها الستيني يعانون من الآلام
يدخلون الى استقبال ذات المستشفي
لكنهم لن يجدوني هناك لاستمع اليهن وأطيب خاطرهن بكلام رقيق ولن اخد بأيديهن عندما يصبهم الدور ليدخلوا الى الطبيب
سيعانون أضعاف الآلام
وستقتلهم الوحده
وربما يغفر لهن الله اذا ترقرقت عيونهم بالدموع
وطلبوا السماح والمغفره
وأدركوا ان الإهمال والجحود وعقوق الوالدين
ذنب قد لا يغتفر
فلنربي أبنائنا على المشاركه ولنعلمهم العطاء
وإظهار تعبنا لا يضير فى بعض الأحيان
ولنعلمهم أن سعاده الدنيا لا تكمن فى إسعاد ذواتنا بل منتهى السعاده أن نقدمها الى الآخرين فهى الشئ الوحيد الذى قُسم زاد
وأن الدنيا تدور كما تدين تدان

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2