برغم الانتقادات الأولية التي حذرت من الإقدام على تلك الخطوة، وافقت الحكومة الألمانية، اليوم الأربعاء، على بيع حصة في محطة حاويات بميناء هامبروج الذي يعد أكبر موانىء ألمانيا لمؤسسة كوسكو الصينية العملاقة للشحن الملاحي والخدمات الملاحية.
وقالت صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية المتخصصة في شئون الاقتصاد والسياسة إن موافقة الحكومة الألمانية على الصفقة، قد أحدث إنقسامًا بين أعضاء البرلمان الألماني (البوندستاج) كما قوبل بأصوات منتقدة له في مفوضية الاتحاد الأوروبي ببروكسيل.
وتعد الصين هي أكبر شريك تجارة لألمانيا، وفي الأسبوع القادم سيقوم المستشار الألماني أولاف شولتز، بأول زيارة رسمية له منذ توليه منصبة، لبكين وبصحبته وفد اقتصادي وتجاري ألماني رفيع.
وأشارت الفاينانشيال تايمز، في أحدث تقاريرها الإخبارية، إلى أن الجانب الصيني سيشتري نسبة 25 في المائة من أسهم وأصول محطة توللر بورت لمعاملة الحاويات في ميناء هامبورج والتي تعد أحد محطات معاملة الحاويات في الميناء، وذلك وفق ما أعلنته المستشارية الألمانية، اليوم الأربعاء، وأن المستشار الألماني أولاف شولتز، أصر على إتمام صفقة البيع برغم كافة الانتقادات الرافضة للبيع للصينيين لما قد يشكله ذلك من تهديدات للأمن القومى الألماني، بحسب ما ذكرته الصحيفة.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير الفاينانشيال تايمز، عن معارضة وزارات الاقتصاد والخارجية والدفاع والأمن في الحكومة الألمانية لإتمام عملية البيع للمؤسسة الصينية العملاقة مما استتبعه عمل تعديلات من جانب وزارة الاقتصاد الألمانية لعدد من بنود العقد.
وجاء في التقرير أن مؤسسة كوسكو الصينية كانت قد تقدمت في ال عام الماضي بمخطط استحواذ على نسبة 35 في المائة من أسهم محطة معاملة الحاويات السابق الإشارة إليها لقاء 65 مليون يورو، وهي الحصة المملوكة أصلاً لمؤسسة "اتش اتش ال ايه" الألمانية للاستثمارات الملاحية التي عرضت بيعها.
وقال محللون للفاينانشيال تايمز إن صفقة البيع التي تمت الموافقة عليها اليوم جاءت في توقيت حرج لمسار العلاقات الألمانية الصينية على خلفية الصراع الدائر في أوكرانيا وما تعتبره أصوات سياسية ألمانية وغربية "انحيازات من جانب بكين للموقف الروسي" الأمر الذي أعطى زخمًا مضاعفًا للأصوات التي عارضت إتمام صفقة الاستحواز التي وافقت الحكومة الألمانية عليها اليوم.
وفي الاتجاه المقابل، قالت وزارة الاقتصاد الألمانية، إن ما تم عمله من أحكام ضبط وصياغة بنود البيع وعقوده بين المؤسسة الألمانية البائعة لحصتها في محطة الحاويات والمؤسسة الصينية المشترية لن يدع أي مجال للجانب الصيني في التأثير على سياسات الإدارة والتشغيل في المحطة التي تعد شركات التجارة الملاحية الصينية أكبر متعامل معها وزبون لها.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية إنه بموجب التعديلات التي ادخلت على الاتفاق، فلن يكون مسموحًا إجراء أي صفقات شراء جديدة للجانب الصيني في أسهم منشآت ميناء هامبورج تتعدى نسبتها 25 في المائة من إجمالي القيمة التقديرية للأصل المطروحة اسهمه للبيع، واعتبرت وزارة الاقتصاد الألمانية أن هذا الشرط المانع سيحول دون ميلاد أي شراكات استراتيجية مع الجانب الصيني في إدارة محطة توللر بورت في ميناء هامبورج.
وتعد مؤسسة كوسكو الصينية التي يقع مقرها في هونج كونج فرعًا تابعًا لمؤسسة كوسكو الملاحية العملاقة المملوكة للحكومة الصينية وهي مؤسسة تقدم إلى جانب خدماتها المدنية خدمات أخرى لخدمة القوات البحرية الصينية.
وعلى امتداد القارة الأوروبية تمتلك مؤسسات وشركات أعمال صينية حصصًا في عشرات الموانىء الأوروبية من بينها حصص تمتلكها الصين في ميناء لوهارفي، وكذلك ميناء دينكيرك في فرنسا، وفي بلجيكا تمتلك مؤسسات ملاحة وإدارة موانىء صينية حصصًا في ميناء انتوريب وميناء بروجيس، كما تمتلك المؤسسات الصينية حصصًا في موانىء تقع في إسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا.
وكانت الحكومة الألمانية، قد وافقت، اليوم الأربعاء، على مشاركة مجموعة صينية في تشغيل منفذ في ميناء هامبورج.
وقالت وزارة الاقتصاد في بيان لها، إن مجموعة كوسكو الصينية ستتمكن فقط من الحصول على حصة "تقل عن 25%" في هذا المنفذ بدلاً من 35% مما يحول دون الاستحواذ على حصه استراتيجيه.
يشار ان القرار يهدف إلى تهدئة انتقادات وُجهت للمستشار أولاف شولتو، في ألمانيا وفي الاتحاد الأوروبي بتهمة دعم الاستثمار الصيني في هذه البنية التحتية الاقتصادية الاستراتيجية، وذلك مع الإعلان عن زيارة مرتقبه للمستشار الألماني إلى الصين.
يذكر أن ميناء هامبورج، هو أهم ميناء في ألمانيا، والثالث في أوروبا بعد روتردام الهولندي وأنتويرب البلجيكي، كما تعد كوسكو أكبر شركة مالكة للسفن التجارية في الصين.