انعقد فى شرم الشيخ مدينة السلام العالمية مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى المعروف باسم cop27 فى الفترة من6-18 نوفمبر 2022 بغرض مناقشة الأضرار الناشئة عن التغير المناخى الحالى وسبل مواجهتها من خلال تنفيذ اتفاقيات تحرص على اتخاذ العديد من الإجراءات التى تهدف إلى تقليل الانبعاثات الحرارية على مستوى العالم وهو الأمر الذى يأمل معه المختصين إلى تقليل معدلات ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية بدلا من المعدل الحالى الذى يصل إلى قرابة الثلاث درجات مئوية سنويا الأمر الذى يهدد العالم بالعديد من الأزمات أهمها ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات مما يعنى غرق العديد من الشواطئ و المدن الساحلية بل وقد تختفى بعض الدول الجزرية من الوجود.. مثل دولة غرينادا على سبيل المثال .
وقد حضر المؤتمر وفود 190 دولة (35 ألف مشارك) منهم نحو 110 رؤساء دول وحكومات مما أعطى للمؤتمر زخما سياسيا غير عاد، خاصة أن رؤساء دول وحكومات كبريات الدول الغربية كانت حاضرة ممثلة فى رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ورئيس وزراء انجلترا وإيطاليا وألمانيا وأسبانيا ورئيسة المفوضية الأوربية .. بالإضافة إلى مشاركة واسعة من رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية والأفريقية.. الأمر الذى جعل من هذا المؤتمر فرصة نادرة للقاء معظم قادة العالم فى مكان واحد؛ لبحث العديد من الإشكاليات الأخرى، التى تواجههم بصرف النظر عن الهدف الرئيسى للمؤتمر وهو التغير المناخى.. مما أعطاه صبغة مؤتمر قمة عالمى على أرض مصر .. لما لا وهى أم الدنيا.. فتجتمع لديها الدنيا..
وبانعقاد هذا المؤتمر الحاشد على أرض مصر كان لابد من إلقاء الضوء على بعض من تفاصيل هذا التجمع الدولى النادر، الذى حفل بالعديد من الأحداث التى ينبغى الإلتفات إليها .. أولا – فرضت الحرب الروسية الاوكرانية نفسها على المؤتمر، خاصة عندما عبر الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته الافتتاحية عن رغبة مصر والعالم فى إنهاء هذا النزاع .. وأنه على استعداد شخصى؛ لبذل أى جهد فى سبيل ذلك ملمحا إلى ضرورة البدء فى مفاوضات إنهاء العمل العسكرى بين الطرفين وهو الأمر الذى قابله ترحيب من كل الوفود المشاركة.. ومن كل من دولتى النزاع روسيا وأوكرانيا وهو ما قد يكون شرارة البدء فى إيقاف تلك الحرب التى عانى من تداعياتها الجميع ثانيا - بالرغم من حجم التمثيل الدبلوماسى المرتفع لمعظم دول أوروبا الغربية وأمريكا المشاركة فى المؤتمر .. إلا أنه كان من اللافت للنظر انخفاض مستويات التمثيل الدبلوماسى لدول شرقى أوروبا وآسيا .. فقد مثل كلا من روسيا و الصين المبعوث الشخصى للرئيس ..!! أما اليابان فقد اكتفت بوفد يترأسه عمدة طوكيو بينما اكتفت كلا من كوريا الجنوبية والهند بوزراء البيئة ..!! علما بأن قائمة أكثر الدول الأكثر مساهمة فى حجم الانبعاثات الحرارية على مستوى العالم تشمل الصين على رأس القائمة تليها أمريكا والهند وروسيا واليابان وألمانيا بالترتيب ..
أى أن المساهمين فى الانبعاثات الكربونية بنسبة تتجاوز الخمسين فى المائة .. لم يكن لديهم الحرص الكافى على حضور قادتهم للمؤتمر وهو الأمر الذى قد يؤثر بالفعل على مخرجات مؤتمر شرم الشيخ ويدفع نحو وجود مؤشرات مقلقة حول التزام الدول الكبرى شرق العالم بواجباتها تجاه قضية المناخ ..؟ لا سيما أن معظمها من الدول الأكثر تلويثا للبيئة ..!! وهو الأمر الذى يعكس حجم التوترات السياسية فى العالم وحجم الاستقضاب الحاد بين شرق العالم وغربه، مؤكدا أننا فى الطريق إلى عالم جديد متعدد الأقضاب .. له من العيوب مثل ماله من المميزات ثالثا – جرى العرف أن تشهد مؤتمرات المناخ تظاهرات ووقفات احتجاجية من قبل جمعيات المجتمع المدنى المعنية بالبيئة وهى منظمات تهتم بالطبيعة وتدعو لنهج سياسة تحافظ على البيئة والهدف من تواجدهم هو ممارسة قدر أكبر من الضغوط على قادة وزعماء العالم فى هذا المحفل الدولى الكبير لإجبارهم على اتخاذ قرارات تتماشى مع مطالبهم فى حماية البيئة وتفعيل دور الاقتصاد الأخضر.. إلا أن الملفت فى هذا العام هو إصرار عدد كبير من الجمعيات المعنية فى الأساس بتنفيذ أجندات وضغوط على دول بعينها تحت مسمى الحفاظ على حقوق الإنسان .. فكان أن أصرت إحداها وهى منظمة العفو الدولية على ممارسة كل الضغوط على السلطة المصرية بضرورة الإفراج عن مسجون جنائى مستغلة هذا الملتقى الأكبر فى مصر وللأسف بدعم وتأييد من بعض المسئولين السياسيين البارزين الحاضرين للمؤتمر.. وكأن الإفراج عن هذا السجين المجرم قانونا سيقلل من حجم الانبعاثات الكربونية فى الكوكب .. أو سيضيف أى قيمة إيجابية للبشرية .. !! وكان الاهتمام الإعلامى الدولى المبالغ فيه والمصاحب لهذه القضية دورا يؤكد أنه لا يوجد إعلام حر .. فى العالم الحر وإنما فى مجملها مجرد أبواق موجهة أو مدفوعة الأجر مسخرة للدفاع عن عملاء ولتحقيق أهداف جهات وحكومات معادية أو مختلفة فى المصالح .. وعلى نفس الصعيد تزمرت جمعية أخرى من عدم حصولها على الموافقات اللازمة لحضور المؤتمر كونها تدعو إلى الحفاظ على حقوق ..المثليين .. !! وكأن فرض ثقافة الشذوذ التى حرمتها كل الأديان على المجتمعات أصبحت فرض عين لا ينبغى الاعتراض عليه ..؟ و من ثم فكلها محاولات مضنية من ما يسمى بجمعيات المجتمع المدنى التى تهدف فى الأساس إلى تشوية وجه الدولة المصرية والتغطية على نجاحها فى تنظيم مثل هذا المؤتمر ..إلا أن تعامل الدولة المصرية مع مثل هذه الملفات كان فى غاية الاحترافية وهو ما اكسبها المزيد من الاحترام والتقدير سواء على المستوى الداخلي أو الخارجى ..
رابعا- كان لدعوات أهل الشر للشعب المصرى من أجل التظاهر واحتلال الميادين والتى بدأوا فى الترويج لها منذ أكثر من شهر مع تحديد التوقيت والذى بدأ أنه اختير بعناية بحيث يتم صناعة حالة من عدم الاستقرار والاضطرابات أثناء وجود زعماء العالم فى مصر وفى توقيت يظن معه أهل الشر أن جميع الأجهزة الأمنية فى مصر مشغولة بتأمين المؤتمر.. الأمر الذى قد يسبب حال حدوثه حرجا بالغا للقيادة المصرية فقد وجدت دعواهم تلك .. صدى عكسى لدى المواطن المصرى الذى سرعان ما فطن إلى ما يدبر له ولوطنه .. وبمخزونه الحضارى الهائل .. الذى لا يتأثر بسهولة بأى اديولوجية شاذة أو دخيلة ولا بأى ميديا مهما كانت قوتها ضاربا مثالا رائعا فى الإخلاص والزود عن وطنه بكل قوة فى أحلك الظروف .. بل تولى زمام الأمور وخرج إلى الشوارع محتفلا ببلده وبنجاحاتها المتعددة .. ليس فى مصر فقط بل فى أكثر من عاصمة أوروبية .. أمعانا فى إذلال وإهانة أهل الشر ومن يحركهم ..ولما لا فهم أبناء أم الدنيا .. التى علمت الدنيا.. حفظ الله مصر وشعب مصر .