المفتى: أغلب حالات الطلاق تنحصر في عدم إدراك الزوجين للحقوق والواجبات

المفتى: أغلب حالات الطلاق تنحصر في عدم إدراك الزوجين للحقوق والواجباتشوقى علام ـ مفتى الجمهورية

الدين والحياة10-12-2022 | 07:36

قال الدكتور شوقى علام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم: ينبغى استخدام وسائل ناجعة للتصدِّى لمشكلة الطلاق بطريقة تحافظ على الأسرة وكرامتها؛ من تقرير وجوب النظر إلى الإيجابيات واستحضارها، وعدم افتعال المعارك لأخذ الحقوق والتنصُّل من الواجبات، فضلًا عن النصح والتوجيه.

وأضاف فى تصريحات له، أن الشرع الشريف أرشد الزوجين إلى عدم التسرع فى قطع رباط الزوجية عند أى مشكلة أو حدوث عقبة، بل ينبغى عليهما التمسك به؛ وذلك من خلال إجراءات وقائية مبكرة، وهى ضرورة المعاملة بالرفق والرحمة، وحسن الظن، واعتدال الغيرة، والمشاركة فى تحمل أعباء الحياة، ومراعاة كل طرف لظروف الآخر.

وعن التعامل مع حالات الطلاق داخل دار الإفتاء المصرية قال مفتى الجمهورية إن ذلك يتم وَفق طريقة منظمة ومنضبطة تمر بثلاث مراحل: تبدأ بتعامل أمين الفتوى معها، فإذا لم يتيسَّر الحلُّ للسادة أمناء الفتوى بوجود شكٍّ فى وقوعه فإنها تُحال على لجنة مختصة مكونة من ثلاثة علماء؛ فإذا كانت هناك شبهة فى وقوع الطلاق، فإنها تحال عليه شخصيًّا، وربما يستضيف أطراف واقعة الطلاق فى مكتبه للتأكد من وقوع الطلاق أو لإيجاد حل، وهذا من باب المحافظة على الأسرة التى هى نواة المجتمع.

وأضاف: نحن فى دار الإفتاء أدركنا أنَّ أغلب حالات الطلاق خاصَّة فى سنوات الزواج الخمس الأولى تنحصر فى أن الزوجين يكونان غير مدركين للحقوق الزوجية التى لهما والواجبات التى عليهما، وأنهما قد لا يدركان المسئولية الملقاة على عاتقهما.

وحول يمين الطلاق أشار المفتى إلى أنه يأتى إلى دار الإفتاء شهريًّا ما يقرب من 5000 فتوى طلاق، أغلبها عبارة عن أيمان وحلف بالطلاق، يقع منها واحد فى الألف وربما لا يقع منها شيء؛ وذلك لأن علماء دار الإفتاء لديهم من الخبرة ما يستطيعون به معرفة هل كان هذا طلاقًا واقعًا أم يمينَ طلاق؟ وذلك من خلال خبرتهم المتراكمة التى تلقَّوها عن مشايخهم ولا توجد فى الكتب.

ولفت مفتى الجمهورية النظر إلى أن دار الإفتاء تتخذ عدةَ تدابير وقائية من أجل تحصين بناء الأسرة؛ حيث أطلقت فى الأعوام الأخيرة عدة دورات وبرامج متخصصة فى هذا الشأن، كبرنامج "تأهيل المقبلين على الزواج" الذى يهدف إلى توعية المقبلين على الزواج، وكذلك إنشاء وحدة متخصصة للإرشاد الأسرى والزواجى حيث تحال عليها المشكلات من إدارات الفتوى المختلفة، وكذلك إدارة فض المنازعات الأسرية. ويتمُّ فى جلسات الإرشاد الأسرى بحث مسائل الطلاق، بحضور ممثل شرعى من دار الإفتاء، إلى جانب متخصصين فى علم النفس والاجتماع، فضلًا عن رصد أهم المشكلات والمستجدات المتعلقة بالأسرة، خاصة الطلاق لدراستها والعمل على حلِّها بإيجاد معالجة شرعية من خلال اعتماد اختيارات فقهية تعدُّ مخارجَ شرعية لكثير من حالات الطلاق؛ مراعاةً لأحوال الناس، وتحقيقًا لمصلحة بقاء العلاقة الزوجية.

كما بيَّن أهمية دورات المقبلين على الزواج لكل من الزوجين كونها تساعد الزوج على أن يبتعد عن التسرع الذى ربما يصل إلى التلفظ ب الطلاق وتدمير الأسرة.

وأردف: وقد استهدف برنامج تدريب المأذونين الذى تم بالتعاون والتنسيق مع وزارة العدل تدريب كل المأذونين على مستوى الدولة على مبادئ وأحكام وأسس تساعد على الحفاظ على كيان الأسرة المصري، وعلى كيفية التعامل مع الزوج والزوجة الراغبين فى الطلاق الموثق، وذلك بعد ارتفاع نسب الطلاق. هذا وإن للبرنامج أهدافًا عديدة، من أهمها تنمية مهارات المأذونين فى التحقيق مع المطلِّق وفى تحديد عدد الطلقات قبل إثباته فى الوثيقة الرسمية، وكذلك ضمان توثيق الطلاق فى القصد الصحيح للزوجين.

وقال الدكتور شوقى علام -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم: ينبغى أن تسود المعاملة الحسنة والاحترام المتبادل والمودَّة بين الزوجين، وألا يُهين أحدهما الآخر، أمَّا الضرب فيجب أن يُفهم مدلوله وكيفيته وَفقًا للمسلك والنموذج النبوى الشريف فى التعامل مع زوجاته، إذ تقول السيدة عائشة رضى الله عنها وعن أبيها: "ما ضرب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أحدًا من نسائه قط، ولا ضرب خادمًا قط، ولا ضرب شيئًا بيمينه قط إلا أن يجاهد فى سبيل الله"، بل إنه نهج مغاير لمنهج الصحابة رضوان الله عليهم، كما ثبت عن سيدنا عمر رضى الله عنه، فقد صبر على خلافه مع إحدى زوجاته باستحضاره لإيجابياتها وفضائلها.

واستعرض المفتى مؤلفات وإصدارات دار الإفتاء المصرية كالجزء الثلاثين الذى تم تخصيصه لموضوع الفتوى والأسرة من سلسلة المَعلمة المصرية، وكذلك كتاب دليل الأسرة، مُضيفًا فضيلته أنَّ الزوجة المصرية فى أغلب الحالات داعمة لزوجها وأسرتها فى كلِّ شئون الحياة، ومحافظة على كيان الأسرة، وهو أمر تتميَّز به المرأة المصرية والعربية.

وأشار إلى أن هذه الإصدارات لم تعتمد على الجانب الشرعى فقط، بل شملت جوانب اقتصادية وتربوية ونفسية من متخصصين، فضلًا عن الجانب الشرعي، فجاءت الإصدارات متضمنة العديد من النصائح الأسرية والنماذج والمواقف الواقعية؛ فكانت الإصدارات بمثابة توعية شاملة لكل ما يتعلق بشئون الأسرة.

واختتم مفتى الجمهورية حوارَه مؤكِّدًا على أنَّ الشرع الشريف يحرص على أهمية وجود عنصر الرضا بين الزوجين فى الحياة الأسرية، وضرورة مراعاة مقتضياته فى سائر شئونها من قِبل الشريكين فى هذه الحياة؛ وأن تنتشر البشاشة من كل طرف تجاه الآخر حتى يصفو الجوُّ الأسرى بينهما بسلامة ونقاء قلب كل طرف تجاه الآخر، مع وجود توافق فى الجملة بينهما

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2