كتب: محمد الشرقاوى
يقول خبراء السياسة إن المشاركة السياسية تعني تحديداً ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي.
وتؤثر المشاركة السياسية في الأفراد وفي السياسة العامة للدولة على حد سواء، فعلى مستوى الفرد تنمي المشاركة فيه الشعور بالكرامة والقيمة والأهمية السياسية، وتنبه كلاً من الحاكم والمحكوم إلى واجباته ومسؤولياته، وتنهض بمستوى الوعي السياسي، كما أنها تساعد على خلق المواطن المنتمي الذي يعد عماد قوة وعافية الجسد السياسي.
ومع اقتراب بدء الاقتراع فى محافظات مصر المختلفة أجمع عدد من الخبراء والسياسيون على أهمية المشاركة السياسية لمساهمتها فى استقرار أوضاع الدولة، وشددوا على ضرورة خروج المواطنين إلى صناديق الاقتراع لقطع الطريق على أعداء الوطن ممن يريدون تشويه هذا المشهد وإحباط دعوات ومخططات المتربصين بمصر لإفساد العملية الانتخابية، مؤكدين أن اصطفاف المصريين يدًا واحدة والانتماء الوطنى هما عماد وقوة ومستقبل مصر.
استقرار الأوضاع
يقول الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن المشاركة السياسية والشعبية أمر مهم للغاية ليس على المستوى الدولى الخارجى فحسب لكن على المستوى الداخلى أيضاً ، لأنها تسهم فى استقرار الأوضاع الداخلية، كما أنها تثبت أنه توجد لدينا تجربة انتخابية وعملية سياسية مستمرة ولا يوجد انقطاع فى المشهد السياسى.
وشدد فهمى، على ضرورة خروج المواطنين لصناديق الاقتراع بغض النظر عن اختياراتهم لأن نسبة المشاركة رسالة إلى العالم بأن الرئيس مستمر فى مساره الذى بدأه فى 2014، وستُغير قواعد اللعبة السياسية فى الفترة المقبلة، ربما تدفع الرئيس لمزيد من القرارات المختلفة.
واعتبر فهمى، أن نسبة المشاركة هى القضية الأساسية فى هذه الانتخابات لأنها ستعطى الرئيس قوة دفع كبيرة فى ولايته الثانية وستغلق الباب أمام دعوات المقاطعة التى يطلقها الإخوان بهدف تشويه المشهد.
دعم المواطن
ويتفق الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، فى أن كثافة التصويت تعطي صورة للخارج أن النظام المصري مستقر وقوي والمشاركة نوع من دعم المواطن للبلد في تلك المرحلة، ولكشف أكاذيب من يرددون أن الأوضاع غير مستقرة.
وأشار، إلى أن محاولات تعكير صفو الانتخابات القادمة والتصريحات التحريضية من الإعلام الموجه ومن داعش دليل على الخوف من أن تمر تلك الانتخابات بشكل جيد وبمشاركة كبيرة ، لأن التنظيمات المعارضة التي تمارس دور المعارض من الخارج ستفقد قوتها ولن تكون هناك حاجة لضخ مزيد من التمويل لهم بعد أن فقدوا تأثيرهم.
وأوضح صادق، أن المشاركة في عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية القادمة يعد تنمية سياسية للمواطنين والتي تحتاج للتكرار؛ لأن السياسة عبارة عن تدريب وتجربة يمر بها المواطن تمنحه ثقافة سياسية ووعيًا بحقوقه وخبرة متراكمة وشعورًا بأهمية صوته لخدمة الوطن.
وأضاف أن المشاركة بشكل عام تمنح المواطن خبرة وتعود على التصويت والحضور والمواعيد بالإضافة إلى مناقشة القضايا الوطنية والسياسية مع من حوله فهي تعد عملية تعليمية سياسية.
فرصة حقيقية
ووصف الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات السياسية والدولية ، الانتخابات الرئاسية بأنها فرصة حقيقية للمواطن المصري لممارسة حقه الديمقراطي في الاختيار بين أي من المرشحين، موضحًا أن المشاركة في العملية الانتخابية تضع مصر ضمن صفوف الدول الكبرى ، وأن نجاحها يزيد من هيبتها الخارجية ويعزز الوضع الداخلي للوطن.
وأضاف اللاوندى، أن مشاركة المواطنين في اللجان الانتخابية يشاهدها العالم أجمع ويعطي انطباعا في نفوس الأجانب عن الصورة الحضارية في مصر وتظهر قوتها الداخلية ومن ثم نجاحها الخارجي.
وطالب اللاوندى، المواطنين المسجلين بقوائم الانتخاب التخلي عن الكسل في المشاركة والخروج إلى صناديق الاقتراع، وأن يطبقوا مقولة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الشعب المصري حاكم ومحكوم في نفس الوقت، أي أنه هو من يختار مصيره بإرادته الحرة.
ثبات العلاقة
وفى رأى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن مشاركة المواطن في الانتخابات هو تأكيد على ثبات العلاقة بين الناخب وبين الحفاظ على حقه التصويتى، وهذه المشاركة تأخذ عدة درجات تبدأ من مناقشة الرأي العام ، وقراءة الصحف ومتابعة وسائل الإعلام بشكل يومي وحضور المؤتمرات الانتخابية وتنتهى بالتصويت في الانتخابات.
نموذج جيد
ويؤكد الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الانتخابات الرئاسية تصدر نموذجًا جيدًا لسمعة مصر وتوضح أن مصر دولة ديمقراطية وكل ذلك يصب فى سمعة مصر، والمشاركة فى العملية الانتخابية حق كفله الدستور، مناشدا المواطنين بالخروج للإدلاء بأصواتهم لاختيار أى مرشح، قائلا "لا تترك حقك فى المشاركة السياسية انزل وعبر عن رأيك سواء بالإيجاب أو بالسلب المهم لا تضيع صوتك".
احترام للشعوب
ويقول المهندس حسام الخولي، نائب رئيس حزب الوفد، والمرشح لرئاسته، إن نسبة المشاركة فى الانتخابات ينظر لها العالم باحترام للشعوب وأنها دليل على التحضر ، وأتمنى من كافة القوى السياسية أن يكونوا إيجابيين وتشجيع الناخبين على المشاركة ، وعلى وسائل الإعلام المصرية دور كبير فى توضيح حقيقة الأوضاع والاستقرار الذى تشهده مصر الآن.
مزيد من الوعى
بينما يرى محمد السويدى عضو مجلس النواب ، ورئيس ائتلاف دعم مصر، أن الحياة السياسية فى مصر مازالت تبدأ من جديد وتجب مشاركة المواطنين بصورة أكبر سواء بالخروج للانتخاب أو بالانضمام إلى الأحزاب أو العمل كمستقل. موضحًا أن المجتمع يحتاج إلى المزيد من الوعى السياسى الذى يضع مصر على الطريق الصحيح.
مظهر ديمقراطي
وتوضح الدكتورة سهير عبد السلام، أستاذ الفلسفة السياسية ، وعميدة كلية الآداب جامعة حلوان، أن المشاركة السياسية مظهر من مظاهر الديمقراطية وركن مهم من أركان المواطنة، وتنبع هذه المشاركة من الوعى السياسى لدى المواطن، ويحتاج ذلك الوعى إلى إعادة صياغة بعد ما شهده فى السنوات السابقة من تشويش من جهات وقنوات فضائية معارضة متناقضة ونخبة غير منتمية وتيارات موجهة من الداخل والخارج لإحداث هذا التشويش.
وتوقعت أن تأتى نسب المشاركة فى الانتخابات المقبلة مرتفعة للغاية؛ لتفهم غالبية الشعب طبيعة المرحلة الحالية وإدراكه للمخاطر التى تحيط بنا ، موضحة أن الانتماء الوطنى يفرض على كل مواطن مصرى أن يقف أمام صندوق الانتخابات ليدلى بصوته ليحافظ على استقرار مصر حتى تمضى فى مشروعاتها العملاقة التى ستنقلها من حيز الدول النامية إلى حيز الدول المنافسة العالمية.