قال فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن الاستبشار بقدوم العام الجديد والتأمل فى انتهاء عام وبداية عام جديد أمر مطلوب شرعًا، وهو بمثابة مراجعة الذات ومحاسبتها على عملها فى العام المنقضى لتلافى السلبيات والتقصير فيما سلف.
وأضاف مفتى الجمهورية أن محاسبة النفس دأب أهل الهمَّة العالية والعقول الراقية التى تنشد الكمال. وينبغى أن يكونَ الإنسان ذا همَّةِ عالية، فسيحَ الأمل، واسعَ الرجاء، مستشرفًا للمستقبل، عاملًا منتجًا للحياة، يعطيها كما يأخذ منها، وعليه التمسك بالأمل والثقة بالله فهما قوةٌ باعثةٌ على العمل، ومن العوامل المؤثرة فى استنهاض النشاط والهمة فى الروح والجسد، واستدعاء مظاهر الاستبسال، والكفاح نحو أداء الواجب، ودفع اليائس إلى الجِد، وتكرار المحاولة مرة بعد أخرى حتى يتحقق نجاحه.
وشدد فضيلته على ضرورة العمل الدءوب واستفراغ الوسع فى الأخذ بالأسباب المادية، وعلى المسلم أن يثق ثقة كاملة غير منقوصة بقدرة رب العزة سبحانه وتعالى وأنه لا يُعجزه شيء فى الأرض ولا فى السماء، وبغير هذه الثقة لا يكون الأمل أملًا فى الله، وإنما هو أمل فى الأسباب المادية التى إن تلاشت يسيطر اليأس على قلب الإنسان.
وتوجَّه فضيلة مفتى الجمهورية إلى المسلم ناصحًا له بأن يُعدَّ نفسَه إعدادًا جيدًا فى كل وقت وحين، وأن يتأمَّل فى انقضاء العام بعد العام فيُطهر نفسه بالتوبة إلى الله تعالى؛ لينال الجائزة الكبرى والمغفرة لذنوبه وألا ينفق وقته وعمله فى غير طاعة الله حتى لا يرغم أنفه ويخسر المغفرة، وعلى مَن أراد التقرُّب إلى الله عليه بالتوبة وعليه أن يسارع بالتخلص من التبعات بردِّ حقوق العباد واستغفار الله عزَّ وجلَّ، والندم على ما فات من تقصير فى حقِّه عزَّ وجلَّ، وأن يتخلَّص الناس من النزاع وأكل حقوق بعضهم البعض حتى تقلَّ القضايا والمنازعات التى أرهقت المحاكم، وعليهم كذلك الكفُّ عن أساليب الخداع والتحايل.
ولفت النظرَ إلى أنَّ المنهجية العلمية للشرع الشريف والمأخوذة من القرآن والسنَّة قد عمل العلماء على ترسيخها عبر العصور، وهى التى تلقَّفها الأزهر الشريف، وسارت كذلك على دربها دار الإفتاء المصرية، ومن بين سماتها التواضع واحترام رأى الآخرين وعدم المصادرة على أقوالهم، وهى تصبُّ فى صالح التَّدين الصحيح، وتحقِّق الأمن المجتمعي، الذى به تستقرُّ المجتمعات، وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، المنهج الذى لا يعرف التعارض بين العقل والنقل، ونحن مع العقل والنقل ولا تعارض بينهما.