أخيرا انتهى عام ثقيل على قلوب كل مواطنى العالم بما تركه من آثار لم تحدث من قبل ولازالت مستمرة، يئن منها الجميع مواطنين ودول..
كانت بداية العام مع نهاية فيروس كورونا أو رحيله والتحكم فيه من خلال اللقاحات والأمصال التى حجمت آثار هذا الوافد اللعين الذي أزهق أرواح الملايين فى العالم بأرقام لم تحدث من قبل وتوقفت حركة الطيران والنقل وتأثرت المعاملات المالية وحركة البضائع والاقتصاد فى كل مكان كان له نصيب سيئ لم يترك أحدًا..
ولم يكد يمر شهر فبراير من نفس العام حتى بدأت حرب روسيا – أوكرانيا والتى توقع الكثير حسب التصريحات وقتها أنها أيام وتنتهى ولكن لم تتحقق هذه التوقعات واستمرت الحرب حتى كتابة هذه السطور..
روسيا تدافع عن حقوق تاريخية؛ لتأمين حدودها مع أوروبا وتعتبر هذا حقا مشروعا و أوكرانيا تدافع عن وجودها وأراضيها وتبحث عن حماية لدى أوروبا والناتو والرعاية الأمريكية..
ولم تقف أوروبا مكتوفة اليدين من خلال الاتحاد الأوروبى من استقبال اللاجئين من أوكرانيا إلى بولندا وغيرها بل امتدت إلى التزويد بالسلاح والتدريب من الاتحاد الأوروبى وإنجلترا وبالطبع أمريكا، وكانت أوكرانيا مسرحا للعمليات واختبارا لكل أنواع الأسلحة من الجانبين حتى القديم منها إلى أحدث النظم حتى تخيل العالم وقوع حرب عالمية جديدة أو استخدام النووى من جانب روسيا.
وبدأ تخريب خطوط الغاز الروسية التى تزود أوروبا وذلك لكسر أهم أجنحة الاقتصاد الروسى التى تعتمد على موارد الغاز، وعلى الرغم من أهمية الغاز لأوروبا لاعتمادها عليه وأهميته فى الحياة كوقود هام ورخيص بالمقارنة بالبترول، بدأ التحول للاعتماد على مصادر أخرى عديدة من الشرق الأوسط مثل قطر والجزائر وغيرها ثم إمدادات أمريكا من الغاز لإنجلترا وأوروبا..
وظهرت معاناة المواطن الأوروبى من هذه الحرب فى أكثر من مجال، مثل الصناعات الغذائية وأهمها القمح والزيت وغيرها من المواد التى تنتج فى أوكرانيا والتى تعتبر سلة غذاء لأوروبا.. وبدأ اشتعال الأسعار وزاد معدل التضخم، نأمل أن تنتهى هذه الحرب الضروس وينعم العالم بالهدوء ولملمة الآثار السيئة والدمار الذى حدث.
إيران
تقريبا انتهت أكبر وأطول إضرابات فى تاريخ إيران والتى امتدت حوالى 4 شهور بعد مقتل مها أمين على يد شرطة الأخلاق مما أثار غضب الإيرانيين على النظام المستبد وحالة المعاناة التى يعانيها الشعب من شدة الإجراءات والقمع وعدم الحريات.
خلفت هذه الإضرابات اعتقال العديد من فئات الشعب وطالت نجوم الكرة وأيضا الكثير من المعارضين لنظام الحكم.
وظهرت أدوات البطش وبعد فترة الغيث، بدأت شرطة الأخلاق لاستيعاب الأزمة التى تحالف فيها أطياف كثيرة من الشعب فى جميع مناطق إيران إعرابا عن تضامنهم مع القتلى وأيضا احتجاج على الأحوال المعيشية وكان النداء الوحيد يسقط خومينى والقتلى.
وكانت الشرطة لا تفرق بين الرجال والنساء وكان للطلبة فى الجامعات والمدارس دور كبير فى هذه الاحتجاجات وبدأت المحاكمات والإعدام لنماذج من المعارضين وسط احتجاج العالم والأمم المتحدة على قمع الحريات.. والحد من حرية الشعب والحكم بالحديد والنار والترهيب.
لا تزال الجراح لم تلتئم مع العام الجديد ولكن المحاكمات مستمرة.
أفغانستان
وسط هذه الأحداث من حرب روسيا - أوكرانيا قل اهتمام العالم بمشاكل كثيرة وتوارت إلى الخلف من المتابعة وإيجاد حلول لها مثل أحداث اليمن وسيطرة الحوثى على مناطق كثيرة فى اليمن ومعاناة الشعب من الانقسام الموجود فى الأراضى اليمنية ولم تفلح أى جهود لحل المشاكل وسط زيادة عدد اللاجئين والمشردين وانعدام الرعاية الصحية وحاجة الأطفال للمزيد من الرعاية وانتشار الأمراض،
حتى مشكلة ناقلة النفط صافر لم يتم حلها رغم أنها تهدد الملاحة ومن الممكن أن تحدث تلوثا فى مدخل البحر الأحمر والسواحل اليمنية!! مع رفض الحوثى للتفاوض لإنقاذ الشعب مع دعم إيران له بالأموال والسلاح.. أجندة تنفذ على مرأى ومسمع من العالم كله..
وغيرها من الأزمات فى سوريا و ليبيا والعراق، مشاكل متعددة..
كما خرجت إلينا أفغانستان وسط غيبة العالم عن النظام الجديد لطالبان بمنع النساء من العمل بالمؤسسات الدولية وكذلك حرمانهن من التعليم، فهو حق أساسى فى الحياة من الحقوق الذي أهدرها النظام الجديد بهذه البلاد..
حقيقة هناك العديد من الأزمات التى تجرى ويعانى منها العالم أجمع، ولكن هناك مشكلة أكبر تجذب انتباه الكل، روسيا و أوكرانيا فقط.
مع بروز بوادر مشكلة جديدة وقعت فى نفس الوقت بين الصين وتايوان وسط تأكيد الصين على حقها الطبيعى فى هذا الجزء من البلاد وضرورة عودته إليها.
وقد بدأت هذه الأزمة منذ زيارة نانسى بيلوسى رئيس الكونجرس الأمريكى لهذه البلاد وبدأ معدل التوتر يزداد وبدأت مناورات عسكرية للصين تؤكد قدرتها على تحقيق مطلبها وإصرارها عليه، ف الصين قوة اقتصادية كبرى وأيضا قوة عسكرية لا يستهان بها.. هل المطلوب انشغالها عن دعم روسيا فى حربها أم أن هناك أشياء أخرى يجرى إعدادها فى المطبخ السياسى الأمريكى..
ومع ذلك أجريت تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا والصين، بعد ذلك تؤكد متانة العلاقات بين البلدين وأصبحت الصين المستورد الأكبر للغاز الروسى فى مواجهة المقاطعة الأوروبية الأمريكية للغاز الروسى..
نحن أمام بدايات وتغيرات محتملة للنظام العالمى ذو القطب الأوحد إلى نظام ثنائى أو ثلاثى الأقطاب مع ضعف كبير للقارة العجوز متمثلة فى الاتحاد الأوروبى الذى دفعت دوله الثمن بشكل مؤلم جراء هذا الصراع، وبدأ المواطن الأوروبى يحتج، خاصة مع بداية فصل الشتاء وعدم توافر الغاز بالشكل المناسب والتهاب الأسعار إلى أقصى حد..
آمل أن يحل عام 2023 بالخير وحلول رحمة بالعالم.