شكَّل فوز ترامب صدمة لدى بعض المتابعين وطرحت تساؤلات كثيرة عن استطلاعات الرأى وقدرتها على التنبؤ بالفائز فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وعن هذا الشأن تقول دكتورة حنان أبو سكين، أستاذ العلوم السياسية المساعد، بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.
إنه ربما يشبه الموقف الحالى ما حدث فى انتخابات الرئاسة 2016 حينما تقدمت المرشحة هيلارى كلينتون فى نتائج الاستطلاعات بينما فاز ترامب ، هناك العديد من الأسباب التى قد تفسر ذلك التناقض ومنها :
* توقيت الاستطلاع وما إذا كان تم أثناء الانتخابات التمهيدية أو بعد إعلان الحزبين الديمقراطى والجمهورى عن مرشحيهما بشكل نهائى، لأن رأى المستطلع رأيهم قد يتغير من حين لآخر تأثراً بالدعاية الانتخابية أو المواقف السياسية للمرشحين.
*تؤثر الاستطلاعات على السلوك الانتخابى، فيمكن أن يتقاعس الناخبون عن التصويت إذا اعتقدوا أن مرشحهم المفضل متقدماً فى نتائج الاستطلاعات وفائزاً لا محالة، مما يؤثر على نسبة التصويت وقد ينتهى الأمر بفوز المرشح المنافس الذى يحرص مؤيدوه على الإدلاء بصوتهم لشعورهم بحاجته الماسة للأصوات.
*إخفاء بعض المستطلع رأيهم حقيقة تأييدهم ل ترامب كونه يمينيا ذا توجُّه عنصرى مما يشعرهم بالحرج إذا أفصحوا عن نيتهم انتخابه. وهو ما يسمى "عامل برادلى" ويقصد به أن فى انتخابات عام 1982 لمنصب عمدة مدينة لوس أنجلوس فى ولاية كاليفورنيا كان المرشح الأسود توم برادلى متقدماً على منافسه الأبيض فى جميع استطلاعات الرأى تقريباً لكن فاز المرشح الأبيض بالمنصب؛ حيث لم يعرب الناخبون البيض صراحة عن رفضهم انتخابه بسبب الانتماء العرقى مما يفضح انحيازهم العنصرى.
*توافق المشاعر المعادية للمؤسسات التى قادت حملة ترامب مع الرغبة فى عدم الرد على أسئلة الاستطلاعات، مما أدى لتحييد شريحة مؤيدة له بقوة وعدم ظهورها فى الاستطلاعات بما يتناسب مع حصتها الفعلية من السكان.
*يتميز أسلوب إجراء الاستطلاع بالتطبيق عبر الهاتف أو البريد الإلكترونى بالسهولة لكنه قد يفتقر الدقة مقارنة بالمقابلة الشخصية الأكثر تكلفة وجهداً. والمشكلة مع مستخدمى الهواتف المحمولة أن معظمهم نادرًا ما يتلقى مكالمات من أشخاص لا يعرفونهم، وأولئك الذين يختارون تلقى مكالمات من جهات استطلاعات الرأى أكثر حزبية من الناخبين العاديين.
*طبيعة نظام الانتخاب الأمريكى، فلا يتم انتخاب الرئيس مباشرة ولكن على درجتين عبر ناخبين آخرين من خلال المجمع الانتخابى. وكل ولاية لها عدد محدد فى الهيئة الانتخابية يحسب على أساس مجموع عدد أعضاء الكونجرس الممثلين لها، فإذا فاز مرشح رئاسى بغالبية الأصوات فى إحدى الولايات، يحصل على جميع أصوات المجمع الانتخابى المخصصة لتلك الولاية، ولا يأخذ منافسه أى صوت من الولاية حتى لو كان قد حصل على(49%) من مجمل أصوات الناخبين مما يهدر عدداً كبيراً من الأصوات، بمعنى أن الفائز يحصل على كل شئ Winner takes all باستثناء ولايتى ماين ونبراسكا حيث يوزعا الأصوات بالتناسب .
*صُممت الاستطلاعات لقياس التصويت الشعبى بدلاً من التركيز على آثار المجمع الانتخابى وبهذا المعنى صدقت نتائجها فى 2016، فقد أشار متوسط الاستطلاعات النهائية إلى أن كلينتون ستفوز في التصويت الشعبى العام بفارق 3 نقاط ، وفازت شعبياً فى النهاية بفارق نقطتين عن ترامب.