وسط آلاف من القنوات على اليوتيوب وصفحات الفيس بوك التي تتحدث عن الهجرة خاصة إلى كندا والإقامة بها، برز اسم أحمد الزغبي بقوة، واستطاع أن يفرض نفسه بقوة وسط هذا الكم الهائل من القنوات والصفحات، وتعدت صفحته وقناته المليون مشاهد، واستطاع أن يفعل ذلك بقوة من خلال الاعتماد على صفة واحدة وهي «الثقة»، فقد زرع الثقة به وسط كل المتابعين لأنه يبحث ويجتهد حتى يحصل على المعلومة ولا يجري وراء بيع الوهم للشباب وتحقيق المشاهدات فقط، وهو ما دعم العلاقة بينه وبين المتابعين بقوة وأصبح مصدرا رئيسيا للمعلومات لكل من يبحث عن السفر إلى كندا أو يريد معرفة آلية المعيشة بها.
أعرف أحمد الزغبى جيدا قبل أن نتقابل فهو كان من أهم مصادر معلوماتى عن كندا قبل أن أسافر من خلال قناته التى تعتبر الآن أهم دليل لمن يريد الهجرة وأيضا للمقيمين فى كندا، ومن العجائب التى لا يعلمها أحمد إلا عندما يقرأ هذا الكلام أنى كنت متأكدا أننى سأقابله عندما أذهب ل كندا وأننا سنصبح أصدقاء، لا أعرف من أين جاء لى هذا التأكيد ولكن هذا ما حدث.
عندما جلست للحوار مع أحمد الزغبى لم أكن أعلم أنى سأتحاور مع فيلسوف وليس فقط يوتيوبر أو مستشار هجرة، فأنا على صلة ومعرفة بكثيرين جدا من النشطاء على الإنترنت سواء صفحات على الفيس بوك أو قنوات على اليوتيوب، وكلهم مجتهدون ويقدمون مواد رائعة للمشاهد ويعوضون نقصا كبيرا فى قنوات إعلامية كبيرة لا تقدم الإعلام الخدمى الذى أصبح نادرا فى وقتنا هذا.
ولكن الزغبى يختلف كثيرا لأنه استطاع أن يحقق شعبية حقيقية فى أرض الواقع وليس فقط على الشبكة العنكبوتية وأرى أنه سيكون له مستقبل كبير فى كندا ممثلا للمصريين والعرب.
وأؤمن دائما أننا لكى نعرف شخصا ما يجب أن نعرف ماذا يقرأ، ولذلك كان هذا هو أول سؤالى له، ولم أتعجب عندما عرفت أنه إضافة لكثير من القراءات المتعددة إلا أنه عاشق لقراءة التاريخ وخاصة التاريخ الفرعوني، متسائلا كيف وصل هؤلاء العباقرة إلى قمة التكنولوجيا والإبهار، ويتأمل كيف يمكن أن نستفيد من التاريخ فى الحاضر الذى نعيشه، ومؤكدا أن من أهم الأسباب التى شجعته على الذهاب إلى كندا هو اهتمامه بالتاريخ.
أحمد الزغبى مواليد مدينة السويس الباسلة ووالدته من بورسعيد ونشأ فى المملكة العربية السعودية بحكم عمل الأب وكان دائما متفوقا دراسيا، وبعد الثانوية العامة التحق بكلية الصيدلة جامعة قناة السويس، ورغم تفوقه فى الصيدلة وعمله فى نفس المجال بعد تخرجه إلا أنه وجد نفسه يذهب لحضور محاضرات فى التكنولوجيا والحاسبات أثناء مرحلة الكلية ووجد اهتمامات عديدة تأخذه عن الدراسة العلمية والأكاديمية، ليس هذا فقط بل بدأ يهتم باحتياجات الناس فى المجتمع وما يسعدهم وما يحزنهم وهو ما بدأ يكون شخصيته الاجتماعية ذات البعد الإنسانى الجميل.
ويحكى الزغبى أن حياته بدأت تتغير بشكل كبير عندما التحق متطوعا ثم عاملا فى مؤسسة الهلال الأحمر وكانت نقلة كبيرة فى حياته المهنية والاجتماعية، وكانت البداية أثناء ثورة 25 يناير، عندما عمل ضمن فريق متطوعين، وخلال هذه الفترة تعلم الكثير وأضافت التجربة لشخصيته الكثير من الخبرات، خاصة ما يخص مساعدة الغير، وكيف يمكن أن تكون مساعدته فارقة فى حياة إنسان، وأهمية التعامل مع الناس باختلاف شخصياتهم وطباعهم وظروفهم وتقديم الخدمة للجميع دون أى تفرقة.
ويقول الزغبى إن «العمل مع النازحين واللاجئين عمل عظيم جدا تعلمته فى الهلال الأحمر، وله معان وقيمة إنسانية عالية، خاصة أننا لا نستطيع التحكم فى من يستحق اللجوء ومن لا يستحق، بينما نعمل على إعادة الروابط الأسرية، وإصلاح أى خلل بسبب الظروف، هو موضوع صعب جدا ونشاهد تجارب ومواقف صعب نسيانها.
ويؤكد «كنت أتمنى أن أكمل باقى حياتى العملية فى العمل بالهلال الأحمر، حتى أننى تطوعت أيضا به عندما ذهبت إلى كندا، ولكن لم أستمر لاختلاف الظروف، وتركيزى على حياة جديدة وتحديات جديدة».
لماذا فكرت فى الهجرة ومتى؟
- أجاب أحمد الزغبى أن أول تفكير للهجرة كان فى 2001، وكأى شاب أريد أن أجرب حياة ومكانا مختلفا وأكتسب خبرات جديدة، إلا أن ما حدث أننى جئت ل كندا فى 2016 أى بعد 15 عاما من بداية تفكيرى للهجرة، وكنت أعمل فى مصر بمجال الصيدلة تخصصى حتى جئت إلى كندا، والطريف أنى مررت بمراحل كثيرة للهجرة، حتى أنه فى مرة كاد ملفى يغلق لأنهم طلبوا تعديلات وبيانات جديدة وشهادات فى اللغة خلال 90 يوما فقط، فقررت أذاكر وأمتحن لغة إنجليزية وفرنسية خلال هذه الفترة القصيرة جدا وكان تحديا كبيرا، والحمد لله وفقت ونجحت وتم قبول ملفى وسافرت.
متى كانت فكرة إنشاء قناة على اليوتيوب تقدم فيها النصائح لمن يريد الهجرة؟
- الحكاية بدأت بخبر قرأته فى الصحف عام 2016 أن هناك مركبا غرق فى كفر الشيخ، وعليه عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين، وقرأت اسم أحد الشباب الذين غرقوا وكان اسمه «إبراهيم الزغبي»، وهو لا يقرب لي، فقط تشابه الأسماء، ولكنى تخيلت ماذا لو كان اسمه «أحمد الزغبي»، وبعد أن قرأت التقرير وعرفت أن الغرقى منهم خريجو جامعات ودفعوا من 40 إلى80 ألف جنيه وقتها، لكى يسافروا بهذه الطريقة، تعجبت لأن بهذه الأموال يمكن أن يدرسوا كورسات ويستطيعون السفر ل كندا بشكل شرعى ومحترم، ودون اللجوء لهذه المغامرات الصعبة.
واكتشفت أن كل هؤلاء الشباب ليس لديهم معلومات، فقررت أن أبدأ فى تقديم هذه المعلومات، ومن هنا كانت البداية، وكنت حريصا جدا على تقديم معلومات موثقة من الحكومة الكندية، حتى أنى أجريت لقاءات مع وزراء ب كندا منهم وزير الهجرة، المواصلات، الأمن القومي، وغيرهم، واستطعت تقديم معلومات وبيانات مهمة جدا للناس.
وكانت هذه القناة بابا للتعرف على كثير من الأصدقاء والمهاجرين، وفوجئت أن كندا ثانى أكبر بلد بعد مصر فى عدد المتابعات، وهذا ما وضح لى أن العرب داخل كندا أيضا يحتاجون لمعلومات عديدة ولا يعرفون كيف يصلون إليها، وبالتالى حددت هدفى أن تكون القناة لمن يريد الوصول إلى كندا، ولمن وصل إلى كندا وماذا عليه أن يفعل.
ما هى أهم النصائح التى تقدمها لمن يريد الهجرة ولمن هاجر بالفعل؟
- أقول لمن يريد الهجرة لا تيأس، طالما أنك قررت وتريد تغيير حياتك، فيجب عليك أن تثابر، وتدرس حتى تتمكن من إنهاء ملفك بنجاح حتى يتم قبوله.
أما من هاجر بالفعل، فلابد أن يتمكن من اللغة بجدارة فهى أولا وأخيرا كلمة السر للنجاح فى كندا، ولا يجب للمهاجر أن يبكى على الأطلال، وأقصد هنا أن يتأقلم مع الوضع الحالي، وأن يفهم أنه يحتاج لوقت لكى يعادل شهادته، وأنه يجب عليه أن يعمل فى أى عمل حتى يستطيع تحقيق دخل يعيش منه، ولا مشكلة أبدا أن يغير مجال عمله مهما كانت شهاداته من بلده، ولكن الأهم أن يبحث عما يحب، ولا يندم على الوقت الضائع لأنه يمكن أن يزيد هذا الوقت الضائع دون فائدة.
إضافة لكل ما سبق بخصوص من جاء بالفعل أن يهتم بعائلته جدا، فالعائلة ثم العائلة، لأن المغريات هنا كثيرة جدا، وهناك مشاكل كثيرة يمكن أن يتعرض لها المهاجر خاصة سواء كان من وسط محافظ أو وسط مرفه جدا، ولذلك يجب أن ينتبه الجميع.
ماذا فعلت أنت عندما جئت كندا؟
- كنت أظن أن لغتى ممتازة خاصة الشهادات التى حصلت عليها والدرجات المتفوقة، ولكنى اكتشفت أنى محتاج أدرس لغة من جديد، وبالفعل كان هذا هو أول قرار اتخذته هو دراسة اللغة، ودرست الإنجليزية والفرنسية، ثم اتجهت لدراسة قانون الهجرة ليكون مدخلا أساعد الناس من خلاله بطريقة قانونية، واستطعت الحصول على شهادة من الحكومة الكندية بأن أكون مستشار هجرة رسميا بداية من 2020م.
ومن خلال دراستى لقانون الهجرة والإجراءات اكتشفت أن هناك كثيرين لا يعلمون عن برامج الهجرة إلا نوعا أو نوعين فقط، ولكن هناك أنواع كثيرة جدا مثل هجرة الاستثمار، وهجرة الدراسة والعمل، ويجب أن يعلم من يريد الهجرة أن هناك برامج هجرة تقدمها الحكومة الفيدرالية الكندية، وهناك برامج تقدمها كل مقاطعة داخل كندا، وهذا ما أحاول توصيله وشرحه للناس.
ماذا لديك من خطط فى المستقبل؟
- يقول (مبتسما): الخطط كثيرة، فأنا لم أفعل كل ما أريد بعد، ولكن من ضمن أحلامى أن أقوم بإنشاء مدينة للمهاجرين بكندا، يكون لها تصميم خاص، واستثمار جيد، وخدمات للناس من أكل وصحة ومعيشة بكل أشكالها، لأن عدد المهاجرين يزيد بشكل خرافى وهو ما لا تتحمله أى دولة.
هل تريد إنشاء المدينة الفاضلة؟
- أجاب ضاحكا ولم لا.