اختتمت أعمال مؤتمر النِّيابة العامة الأردنية الأول، اليوم السَّبت في منطقة البحر الميت، والتي استمرت 3 أيام بمشاركة عربية منها وفد مصري رفيع المستوى.
وشهد اليوم السبت الثالث والأخير من فعاليات المؤتمر عقد أربع جلسات شارك بها 18 متخصصا بالعدالة التصالحية، وحملت الجلسة الأولى عنوان: "التشريعات العربية ومواكبتها لتطورات السياسة الجنائية"، وفي الجلستين الثانية والثالثة ناقش الخبراء تجارب الدول المشاركة في مجال العدالة التصالحية، ومنها تجربة السودان وسلطنة عُمان، والكويت، والمغرب، ولبنان، والجزائر، والسعودية، وشهدت الجلسة الرابعة والختامية مناقشة التوصيات التي خلصت إليها جلسات المؤتمر.
وعقدت ثاني أيَّام المؤتمر ثلاث جلسات، شارك فيها 14 من الخبراء والمتخصصين بقطاع العدالة، وتضمن جلسة حول "الخبرات الدولية في مجال العدالة التصالحية"، وجلسة ثانية بعنوان "تحديات تطبيق العدالة التصالحية"، وجلسة حول "آليات وبرامج العدالة التصالحية".
وأوصى المؤتمر بتشجيع الدول على اتخاذ التدابير اللازمة لإرساء العدالة التصالحية، والاهتمام بنشر مفاهيمها وأفكارها وبيان قدرتها على تحقيق الإصلاح والوقاية في آن واحد، لا سيما أنها ليست غريبة على النسيج المجتمعي العربي وارتباطها بتشريعاته وموروثه.
وقرَّر المؤتمر الذي عقدته النيابة العامة بالتَّعاون مع جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية، منذ الخميس الماضي، التوصية باستخلاص الدراسات العلمية والبحوث والإحصائيات لتعزيز العدالة التصالحية واستخدام بدائل العقوبات السالبة للحرية.
كما أوصى بضرورة الاهتمام بالدراسات الميدانية للظاهرة الإجرامية خاصة تلك التي تعنى بالثقافة الفرعية والمتغيرات الثقافية ودور الأسرة ومكونات المجتمع وأعرافه ودورها في تحقيق الضبط الاجتماعي لتكون تلك الدراسات بوصلة تحدد مسار خطط السياسة الجنائية واستراتيجيات التصدي للجريمة.
ودعا المؤتمر في توصياته إلى إعداد مسودة قانون نموذجي استرشادي للعدالة التصالحية في المسائل الجنائية وفقا للمعايير الدولية، وإعداد دليل توجيهي للدول العربية في كيفية رسم السياسة الجنائية للعدالة التصالحية.
كما دعا الدول إلى اعتماد العدالة التصالحية باعتبارها تقدم رؤية تمكن من تدارك بعض نقائص العدالة التقليدية والتعاطي مع العدالة التصالحية باعتبارها استجابة متطورة للجريمة تحترم كرامة كل شخص ومبدأ المساواة، وتبني التفاهم وتعزز الوئام الاجتماعي من خلال علاج الضحايا والجناة والمجتمع عموما.
وحثّ المؤتمر في توصية له الدول على إشراك ودعم منظمات المجتمع المدني الحقوقية والاجتماعية في جهودها للتوعية بمزايا العدالة التصالحية والعمل على دعم مكانتها كإحدى الركائز المستحدثة للسياسات الجنائية للدول، وتعزيز وتفعيل استخدام بدائل التوقيف بشكل عام ولفئة الشباب بشكل خاص كجزء أو مقدمة لنظام العدالة التصالحية.
وأوصى بتضمين مناهج التعليم العالي القانونية والمعاهد القضائية وأكاديميات الشرطة مفاهيم العدالة التصالحية لإعادة غرس قيم التصالح وتطبيقاتها في أنظمة العدالة الجنائية بما يعيد لأحكام شريعتنا الغراء – التي كانت السباقة بإرساء دعائمها- ألقها ومتانتها التي ينبغي أن تحظى به- وضرورة اعتماد العدالة التصالحية باعتبارها تقدم رؤية بديلة للعدالة الجنائية التقليدية.
وقرَّر المؤتمر التوصية بضرورة عقد مزيد من الأنشطة العلمية وورش العمل لأعضاء النيابة العامة ولجميع المكلفين الآخرين بإعمال العدالة التصالحية بما يصقل الجوانب المعرفية والثقافية لهم؛ وضرورة إشراك الضحايا في خيارات العدالة التصالحية والأخذ بعين الاعتبار حاجياتهم المادية والمعنوية عند تطبيق تلك العدالة.
وأكد الحاضرون في توصية ضرورة استبعاد الجرائم الخطيرة والمخلة بأمن واستقرار المجتمعات من مجال تطبيق العدالة التصالحية؛ والحرص على إقامة مؤتمرات العدالة التصالحية بصورة دورية من أجل مزيد إثراء الجوانب العلمية ذات الصلة.
وأوصى المؤتمر بالعمل على أن تكون جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الشريك العلمي والفني لمجلس جمعية النواب العموم العرب، وتعميم مخرجات المؤتمر وتوصياته العلمية على النواب العموم العرب، واعتماد قانون أو نظام يدرج آليات العدالة التصالحية وفقا للمعايير الدولية.
وانطلقت أعمال المؤتمر الذي عقدته النيابة العامة الأردنية بالتَّعاون مع جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية بعنوان: "العدالة التَّصالحية في السِّياسة الجنائية المعاصرة"، في مركز الملك الحسين للمؤتمرات في منطقة البحر الميت ،الخميس الماضي.
واستمرت فعاليات المؤتمر ثلاثة أيَّام، ورعاه مندوبًا عن الملك عبد الله الثَّاني ابن الحسين، رئيس المجلس القضائي، رئيس محكمة التَّمييز، القاضي محمد الغزو بحضور رئيس اللجنة الملكية لتطوير القضاء، رئيس الوزراء الأسبق، زيد الرفاعي، ورئيس مجلس النواب أحمد الصَّفدي ووزير العدل الدكتور أحمد الزيادات ووزير الدَّاخلية مازن الفراية، وعدد كبير من المسؤولين والسلك القضائي.
وجاء هذا المؤتمر ليضيف أُطُرا جديدة لآفاق هذا التعاون تتمثل بتبادل الخبرات مع جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية باعتبارها الجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب وعضوًا مراقبًا بمجلس وزراء العدل العرب، كما تعد كلية العدالة الجنائية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية من الكليات الرائدة على المستوى العربي في مجالات العدالة الجنائية بمختلف تخصصاتها.
وشارك في أعمال المؤتمر ما يزيد عن 200 مشارك من النُّواب العامين وأعضاء النِّيابة العامة في الأردن والدول العربية المشاركة، بالإضافة إلى عدد من الخبراء العرب والجانب المختصين في مجال العدالة التصالحية وممثلى العديد من المنظمات الدولية.
ويأتي هذا المؤتمر تنفيذا لخطط المجلس القضائي لتعزيز الشراكة ودور النيابة العامة كجهة تنفيذية وممثلة للحق العام لتدعيم التحول من مفهوم العدالة الجنائية التقليدية إلى مفهوم العدالة الجنائية المعاصرة والمتمثل في العدالة التصالحية القائمة على المصالحة والتوفيق بين أطراف النزاع الجنائي للوصول إلى تحقيق العدالة الناجزة وتعزيز فاعلية الأحكام القضائية، لإحكام وتمتين الأمن المجتمعي واستقراره.
وعقد الجمعة ثلاث جلسات جلسة حول "الخبرات الدولية في مجال العدالة التصالحية"، أدارها نقيب المحامين الأردنيين يحيى أبو عبود، وتضمنت تقديما للتجربة الإماراتية في مجال هذا النوع من العدالة من خلال الدكتور سعيد حسن بالحاج، كذلك ورقة عمل حول دور النيابة العامة المصرية بتطبيق مفهوم العدالة التصالحية كأحد بدائل إنهاء الدعوى الجنائية، قدمها المستشار محمد خلف، كما قدم الخبير الدكتور استيل زينستاغ موازنة بين العدالة التصالحية والضحايا، مثلما الخبير الدكتور فاضل بليبش شرحًا عن العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية وقراءة في التجارب الدولية المقارنة.