نظم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ورشة العمل الثامنة، في إطار الإعداد لمشروع بحثي متكامل لصياغة السيناريوهات اللازمة للتعامل مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024، وذلك بعقد جلسة نقاشية موسعة حول اتجاهات التنمية المستدامة، بحضور 20 من ممثلي مجتمع الأعمال والمراكز البحثية والأكاديميين والتنفيذيين والوزارات والمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، وبرنامج الأغذية العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في هذا الشأن.
وقدمت الدكتورة هبة عبد المنعم، رئيس محور شئون المكتب الفني لرئيس المركز، عرضا متكاملا حول اتجاهات النمو الاقتصادي بالدول المتقدمة والنامية، وتوقعات المؤسسات العالمية لمسارات الركود الناتجة عن رفع أسعار الفائدة وتبعات الأزمة الأوكرانية، بجانب أبرز التوقعات المستقبلية للأزمات المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم وتعثر سلاسل الإمداد في ظل استمرار سياسات البنوك المركزية حول العالم لتشديد السياسة النقدية، كما شهد مستهل الجلسة تقديم عرض حول تأثير الأزمات العالمية على مجالات التنمية المستدامة عالميًا ومحليًا، وأبرز التحديات والمسارات المستقبلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد الدكتور حسين أباظة، مستشار دولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، أن الاهتمام بالتعليم ونشر الوعي والبحث العلمي يعد من أهم مداخل تحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أنها تحتاج إلى تفعيل التشريعات اللازمة لدعم خطط التنمية المستدامة، منها على سبيل المثال: وضع معايير لتفضيل المشتريات الحكومية من المنتجات الخضراء وعدم الاعتماد على المعايير السعرية وحدها، لافتًا إلى ضرورة بدء حملات إعلامية لدعم تغيير أنماط الاستهلاك ووقف هدر الغذاء والمياه، على غرار تجارب بعض الدول الأوروبية.
وأشاد الدكتور إسماعيل عبد الجليل، رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، بتوجه الحكومة للاستماع لآراء الخبراء لحل الأزمات الحالية، مطالبًا بوضع آلية دائمة تكفل الاستفادة من رؤى المتخصصين بشكل مستمر دون الارتباط بأوقات الأزمات.
وأضاف أن أزمات المناخ والهجرة غير الشرعية يمكن تحويلها إلى فرص حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
وطالب الدكتور عادل ياسين، الأستاذ بجامعة عين شمس، بالاهتمام بالعنصر البشري والمنظومة الأخلاقية والقيمية كأحد عوامل تحقيق التنمية المستدامة.
ودعا الدكتور محمد الناغي، مدرس طب الأطفال بجامعة حلوان، إلى وضع لوحة مؤشرات لتوفير كل البيانات والأرقام الخاصة بتتبع الإنجاز المحقق ضمن أهداف التنمية المستدامة، كما شدد الدكتور صلاح حافظ، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقًا، على ضرورة تأهيل القيادات لتولي المناصب بعد الحصول على دورات في التنمية المستدامة.
وأوضح الدكتور أحمد العوضي، مدير مركز الاستدامة بجامعة عين شمس، أن هناك أهمية لوجود جهة موحدة مختصة بالإشراف على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مقترحًا تأسيس مركز إبداعي مستقل للقيام بتلك المهام، بما ينعكس على استمرارية الجاهزية لمواجهة مختلف الأزمات الطارئة، مطالبًا بوضع قائمة بأولويات الإنتاج وربطها بالمشروعات البحثية، خاصة بحوث زراعة القمح والذرة بالأراضي المالحة، ومشيرًا في الوقت نفسه إلى أهمية مجالات توفير خوادم الاتصالات والبرامج اللازمة لتخزين البيانات محليًا وحمايتها، بما ينعكس على أهداف التنمية المستدامة و تعزيز معايير الحوكمة الرقمية بمصر.
وأشار الدكتور عاطف الشبراوي، استشاري برامج التمكين الاقتصادي ببرنامج "فرصة" بوزارة التضامن الاجتماعي، إلى أهمية برامج التمكين الاقتصادي للفئات الفقيرة ضمن مبادرة "حياة كريمة" لتحقيق التنمية المستدامة، مضيفًا أن هناك أهمية لتحقيق الربط بين جميع المشروعات الإنتاجية بالدولة مع أهداف الغذاء وآثار تغير المناخ.
واستعرض في ذلك الإطار، تجربة تنفذها الوزارة حاليًا لتمكين الأسر الريفية من خلال مشروعات صغيرة للإنتاج الداجني، مؤكدًا في هذا الصدد أهمية مشاركة شركات القطاع الخاص في تلك المشروعات، من خلال إنشاء صندوق يشرف على توجيه مخصصاته المالية للمسئولية الاجتماعية، لدعم أهداف التنمية المستدامة.
فيما اقترحت الدكتورة هند فروح، أستاذ البيئة والتنمية العمرانية المستدامة بالمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، الربط بين جهود الدولة للتنمية العمرانية وتدشين مشروع لاستغلال أسطح العقارات بالمدن الجديدة لتوليد الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، عبر طرح صكوك خضراء لتوفير التمويل اللازم بما يضمن التوافق مع أهداف التنمية المستدامة، وبما يوفر أيضًا كميات الغاز الطبيعي الموجهة إلى محطات الكهرباء، والاستفادة منها في زيادة معدلات تصدير الغاز، مشيرة إلى وجود دراسة تفصيلية حول ذلك الأمر تؤكد قدرة ذلك المشروع على زيادة طاقات تصدير الغاز الطبيعي بقيمة 7 مليارات جنيه.
كما طرح مجدي أبو العلا، نقيب الفلاحين بالجيزة، مجموعة من المطالب لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، ومن بينها: التوسع في إنشاء محطات المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحي والزراعي خاصة على فرع النيل برشيد، وتوجيه نواتج المعالجة لزراعة نبات الجوجوبا في الصحراء الغربية لقيمته التصديرية العالية، كما طالب بزيادة التعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لتنفيذ برامج لمكافحة التصحر.
في حين، قالت الدكتورة أماني جمال الدين، مدير البرامج ببرنامج الغذاء العالمي بمصر، إن هناك ضرورة لتنفيذ المجهودات التنموية في مناطق بعينها في الريف المصري، لتراعي احتياجات الأسرة الريفية وبرامج تنمية المرأة والشباب والتغذية والتعليم، مؤكدة أهمية برامج تنمية قرى "حياة كريمة" في هذا الإطار.
وأكد الدكتور طارق تمراز، عضو مجلس إدارة مركز التميز للتغيرات المناخية والتنمية المستدامة بالمركز القومي للبحوث، وجود العديد من المشروعات التي تكفل تعظيم أهداف التنمية المستدامة في مجالات التكنولوجيا الحيوية، مشيرًا إلى أهمية إنتاج الوقود الحيوي من المخلفات العضوية، وإنتاج الأعلاف من نبات التين الشوكي، كأمثلة تضمن تحقيق الأهداف التنموية بشكل مستدام، بالإضافة إلى مشروعات دراسة تغيير أنواع الأسماك والزراعات في المشروعات التنموية حسب متطلبات التكيف مع تحديات المناخ.
وأكدت الدكتورة رشا عبد الحكيم، المستشار الاقتصادي بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أهمية تعظيم دور القطاع الخاص وتهيئة المناخ الاستثماري وانعكاساته على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بتوفير فرص التشغيل، وذلك من خلال ضمان تحقيق التنسيق الكامل بين الوزارات لتحقيق تلك الأهداف، لاسيما فيما يتعلق بالاستفادة من المبادرة الحكومية لإصلاح مناخ الأعمال في مصر "إرادة" لما حققته من نتائج ذات مردود جيد خلال السنوات الماضية.
كما اقترحت مجموعة من الخطوات لتحسين تجربة السائح خلال زيارته للبلاد، بهدف زيادة معدلات زيارته لمصر أكثر من مرة، بما يسهم في دعم خطط التنمية السياحية المستدامة.
ولفتت الدكتورة هاجر التونسي، الأستاذ بكلية التربية بجامعة حلوان، ومنسق مشروع "حياة كريمة" بمحافظة الجيزة، إلى أهمية المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة الوطنية "إبدأ" في توطين التصنيع المحلي بما يدعم أهداف التنمية المستدامة، مقترحة مجموعة من الخطوات التي تكفل تعزيز أهداف التنمية المستدامة بقطاع التعليم، من خلال زيادة عدد الفصول الدراسية، مؤكدة اهتمام الدولة بدفع سبل تنفيذه من خلال مبادرة "حياة كريمة"، بجانب اهتمامها بعقد الشراكات بين الجامعات المصرية والأجنبية لزيادة فرص اعتماد الشهادات المصرية، وتنمية العنصر البشري من طلاب وأعضاء هيئة التدريس، وبما ينعكس على تحقيق أهداف الربط بين التعليم وسوق العمل.
كما عرض المهندس هشام مصباح بشركة "فوسفات مصر" التابعة لوزارة البترول، مجموعة من المقترحات لتعظيم القيمة المضافة من المنتجات التعدينية ضمن منظومة متكاملة تراعي التنسيق بين مختلف الجهات والهيئات بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدا على ضرورة اشتمال عملية تنفيذها على العناصر المرتبطة بمتطلبات الحوكمة والشفافية.
وأوصى الدكتور أحمد صبحي، مدير عام بشركة "إنبي" للبترول، بضرورة توفير منصة معلوماتية رقمية تضم كافة التحديثات الخاصة باستراتيجية "مصر 2030"، بما يسهم في توفير كافة البيانات اللازمة لذوي الشأن، لتسهيل عقد الشراكات حول التنمية المستدامة، بجانب إدراج أهداف التنمية المستدامة ضمن تقارير الأداء للوزارات ومشروعاتها ومستهدفاتها.
وأكدت نور الزيني، رئيس قطاع الاتصال المؤسسي ببنك قناة السويس، ضرورة وضع رؤية تفصيلية لسبل إنفاق الموارد المالية المخصصة بموازنات الشركات لبند المسؤولية المجتمعية، ليتم تنفيذها حسب رؤية قطاعية شاملة على مستوى الدولة، وذلك بالتنسيق بين البنك المركزي والشركات والجهات الحكومية المختلفة، مؤكدة ضرورة التحرك لتوفير برامج تدريبية تتفق مع التوقعات المستقبلية حول ظهور وظائف جديدة واختفاء أخرى في ظل تسارع معدلات التحول الرقمي.
يذكر أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار قد أطلق سلسلة من ورش العمل في 2 فبراير الجاري، بهدف الاستماع إلى كافة الآراء والأفكار لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وقام بتنظيم 8 ورش عمل حتى الآن من مجمل 20 ورشة عمل مخططة في إطار هذا المشروع، انتهت إلى وضع توصيات في مجالات آفاق النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، والأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد، والزراعة، والصناعة، والنقد الأجنبي، والتنمية المستدامة، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.