لا يوجد عقاب بلا حدود، فهذا ليس مطلوبًا على الإطلاق، والسجن لا يجب أن يكون سجنًا للنفس والجسد معًا؛ وإنما يجب أن يكون إصلاحًا وتهذيبًا وتأهيلاً للنفس والجسد ليكونا مستعدين لمواصلة الحياة مرة أخرى بشكل إيجابى.
هذه هى فلسفة وزارة الداخلية التى تبنى عليها كافة إجراءاتها وقراراتها فيما يخص قطاع السجون خلال الفترة الأخيرة.
ولقد كان واضحًا منذ أن أقر الرئيس عبد الفتاح السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان نهج الوزارة فى تحقيق أعلى معدلات تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بهذا القطاع الحيوى، ولقد كانت توجيهات الرئيس واضحة بشأن تطوير قطاع السجون وإحداث تغيير كامل ونوعى فى كل ما يتعلق به ويخصه، ولقد أطلقت الوزارة خطة طموحة لاستبدال أماكن الاحتجاز التقليدية (السجون) ب مراكز إصلاح وتأهيل على أعلى مستوى، وقد بدأت التنفيذ فى أوقات قياسية حيث أنشأت عام 2021 مراكز وادى النطرون وبدر، ثم مؤخرًا أطلقت التشغيل التجريبى لثلاثة مراكز فى العاشر من رمضان ومايو وأخميم، وهو ما ترتب عليه هدم 12 سجنًا قديمًا وإخلاء 15 سجن آخر تمهيدًا لهدمها والاستفادة من الأراضى التى كانت تقام عليها هذه السجون فى الأنفاق والمراكز الإصلاحية الجديدة.
وقد صدق من قال إن من يسمع ليس كمن يرى، فقد كانت تجربة القيام بجولة داخل مركز إصلاح وتأهيل العاشر من رمضان، ومشاهدة تفاصيل الخطة التى تنفذها الوزارة لتطوير هذا القطاع، تجربة حاكمة ومبرهنة على قوة الإرادة القوية للسياسة الأمنية المبنية على إعلاء قيم حقوق الإنسان حيث وضح هذا جليًا من خلال كل صور التطوير التى شاهدتها.
ما يجرى داخل هذه المراكز الجديدة هو إعادة صياغة لشخصية المحكوم عليه وإعادة تأهيله ودمجه فى المجتمع وفق برامج علمية مدروسة بعناية شديدة ورعاية صحية شاملة تدعمها أحدث الإمكانات الطبية المتوفرة فى الدولة المصرية.
فلم يكن تحويل مسمى السجون إلى مراكز إصلاح وتأهيل ومسمى السجين إلى "نزيل" وقطاع السجون إلى "قطاع الحماية المجتمعية"، تحول ظاهرى فقط لما سبق وترسخ فى ذهن الكثيرين عن السجون وما يجرى فيها من تعذيب ومعاملة سيئة إلى آخره، ولكن كان تحولاً جذريًا فى المظهر والجوهر حيث بات هدف الوزارة هو تقديم إصلاح حقيقى للنزيل وإعادة تأهيل مناسبة ليندمج مرة أخرى فى المجتمع بشكل طبيعى.
من أجل أن يخرج من السجن دون أن يفكر فى الرجوع إليه مرة أخرى.. ويكون خروجه "خروج بلا عودة".