ألقى خطبة الجمعة اليوم ٢٣ رمضان ١٤٤٤هــ الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، حيث دار موضوعها حول " رجاءات الصائمين من رب العالمين"
في بداية الخطبة قال د. الهدهد «ها هو شهر رمضان يولّي، وقد فاز فيه من فاز، واهتدى فيه من اهتدى، وخاب فيه -والعياذ بالله- من خاب»، موضحا أن المتأمل لآيات الصيام يرى فيها أن الصوم يرقى ب المسلم إلى مقامات راقية في علاقة القلوب بربها، بدءا من التقوى، ومرورا بالشكر وانتهاءا بالرشد، وكلها خطابات لقلوب المؤمنين، فيكون الصيام هو السُلّم للدرجات العلى، كالشكر والرشد، وذلك كما في قوله تعالى "لعلكم تشكرون" .
وأضاف خطيب الجامع الأزهر أن الله تعالى يرشدنا في كتابه الكريم إلى فعل الخير لاغتنام الحسنات في الدنيا والآخرة، حتى يفوز المسلم بخير الدنيا ويتقي شرها، لينعم بالجنة ودار الخلد في الآخرة، مضيفا أن لطف ولذة النداء في قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام"، تخفف مشقة الطاعة، وهي قاعدة عظيمة نتعلمها من القرآن الكريم، لنطبقها في حياتنا مع أولادنا وزوجاتنا وكل من نتعامل معه.
وبين خطيب الجامع الأزهر أن الصائم المؤمن يمارس عبادة الرجاء لله وتعلق حصول المطلوب بعد الأخذ بالأسباب، فلا يجوز توقع الخير من الله دون السعي والعمل، موضحا أن الله تعالى حين أنزل القرآن جعل له طريقين، طريق إمتاع يهدي إلى الخير في الحياة ويهدي النفوس لتشعر باللذة ، وطريق إقناع بالآيات البينات والحجج الواضحة، قال تعالى "هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"، مضيفا أن من فضل الله تعالى على الأمة الإسلامية أن خصها بشهر رمضان والقرآن الكريم والتيسير، قال تعالى "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
وأضاف خطيب الجامع الأزهر أن في قوله تعالى "لعلكم تشكرون"، أي قوموا بشكر هذه النعم، والتي هي شهر رمضان والقرآن والهداية والبينات وجميع النعم، راجين من الله تعالى أن تصلوا لدرجة الشاكرين، موضحا أن مقام الشاكرين أرقى من مقام المتقين، لأن مقام الشكر يعلم المسلم في الحياة أن يشكر الله على المنع أكثر من أن يشكره على العطاء، لافتا إلى أن المنع في حد ذاته عطاء عند المؤمنين، حيث يكون حافظا لهم من الظلم والبغي، فيشكرون الله لأنهم يثقون أنه تعالى ادخر لهم أكثر من ذلك، ويثقون أن الله منع عنهم شرا لا يطيقون تحمله، قال تعالى "ولو بسط الله لعباده الرزق لبغو في الأرض".
وأوضح الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر أن المقام الثالث من رجاءات الصائمين من رب العالمين، بعد التقوى والشكر، هو مقام الرشد، وهو مقام رفيع، يستقيم به صاحبه على طريق الحق، والعمل به، والثبات عليه، فعندما يكون المسلم من الراشدين سيكون صالحا مصلحا، وسيهديه الله دائما إلى طريق الخير والإصلاح، فيعيش في الدنيا لنفسه ولغيره، مؤكدا أن المجتمع المسلم كذلك يصلح بعضه بعضا.