قال الدكتور محمد سيد أحمد عامر، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون، إن من حكمة الله تعالى في تشريع الصومَ هو تعلُّم المسلم الصبر، مرورًا بالتدرُّب على الانضباط وعُلوِّ الهمة والمساواة، وانتهاءً ببلوغ تقوى الله والوصول إلى رحمته وجنته وعِتقه من النيران.
جاء ذلك خلال فعاليات ملتقى العصر "باب الريان" بالظلة العثمانية، ب الجامع الأزهر تحت عنوان"الصيام و الصبر وأنواع الصبر"، بحضور الدكتور محمد سيد أحمد عامر، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر، والدكتور محمد حامد عبد الستار، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وأدار الملتقى الدكتور عبدالله أحمد حسيني، الباحث بالجامع الأزهر.
وأكد أن هناك ارتباطا وثيقا بين الصوم والصبر، فالصوم سبيل إلى اكتساب خلق الصبر، ذلك الخلق العظيم الذي أمر الله به، وأكثر من ذكره، وأثنى على أهله، ووعدهم بالأجر الجزيل عنده، كما فسر الفقهاء الصبر في قوله تعالى "واستعينوا ب الصبر والصلاة" بأنه الصوم، كما أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم على رمضان"شهر الصبر".
وأوضح أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون، أن هناك أنواعا ثلاثة للصبر تتحقق في الصوم، فهناك الصبر على الطاعة و الصبر على المعصية، و الصبر على الأقدار والآلام، موضحا أن الصبر على الطاعة يتحقق حين يصبر الصائم إيمانًا واحتسابًا على الصيام بالنهار ويصبر على القيام بالليل، إيمانًا بأنه الامتثال لأمر الله، واحتسابًا بأن الأجر من الله، "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه"، وكذلك القيام، وقوله سبحانه: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
وأضاف عضو لجنة الفتوى ب الجامع الأزهر أن النوع الثاني هو صبرٌ على المعصية بأن يجتنبها في رمضان، ويمتنع عنها بسهولة في غير رمضان، لذلك يحتاج إلى مزيد من الصبر: "يدَع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"، ثم الصبر على الأقدار التي تُحيطه من كل جانب، سواء أقدار مادية أم أقدار معنوية، لذلك تمثل خلق الصبر في الصوم بكل أنواعه، متمثلًا كذلك في الآية الكريمة: ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ .
ومن جانبه، قال الدكتور محمد حامد عبد الستار، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الصبر من أهم الدروس التي ينبغي على المسلم أن يتعلمها من الصيام، وقد ارتبط في القرآن الكريم بأسمى العبادات وأسمى الأخلاق، قال تعالى 'وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" ، كما ارتبط الصبر بالشكر، قال تعالى "إن في ذلك لآيت لكل صبار شكور، وارتبط أيضا بالحق، في قوله تعالى"وتواصو بالحق وتواصو بالصبر"، موضحا أن الله تعالى قد خلق الإنسان في هذه الحياة ليبتليه حتى يميز المؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب، داعيا إلى التحلي بكل أنواع الصبر ، واليقين بأن قضاء الله تعالى كله خير، واختياره هو الأصلح للإنسان.
ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: (260 مقرأة- 52 ملتقى بعد الظهر- 26 ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح ب الجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية 20 ركعة يوميا بالقراءات العشر- 30 درسًا مع التراويح- صلاة التهجد ب الجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم 6 احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- 5000 وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين، لتصل الوجبات لـ 140 ألف وجبة.