في روايته الرائعة "صورة دوريان جراي " يقدم لنا الأديب و الكاتب المسرحي "أوسكار وايلد" لوحه فنيه متكاملة الأوصاف كتلك التي أبدعتها ريشة "بازل هولوورد" لبطل الرواية نفسه.
بجمال الحوار الفلسفي المتناغم حرفاً و معنى، و بدقة الوصف الأخاذ لأبطال الرواية، و سكناتهم، إضافة لعمق القضايا التي تناقشها الرواية، يأخذنا أوسكار وايلد معه في رحلة ممتعة جعلتني كقارئ للعمل أزهد في مواصلة التهام صفحات الرواية لأبقي منها أكبر جزء للغد.
دوريان غراي ، ذاك الفتى الذي امتلك كل متع الحياة و زخرفها من جمال، و مال، و سلطة، بل و شباب دائم نظير شيئ واحد ، و هو روحه التي حبست في لوحة زيتية فكانت بمثابة سجل أعمال لكل أفعاله السيئة و الحسنة، لكن مع طغيان الصورة السائدة، و جمال الظاهر الأخاذ تشوهت تلك اللوحة ببشاعة روح صاحبها، و بطبيعة الحال لم تسره رؤيتها أي اللوحة بتلك الصورة، ليكن هدفه التالي والوحيد هو التخلص من ذاك السجل الذي يكشف في كل يوم و آخر عن مدى بشاعة روحه، و هنا ستنكشف مفاجأة مذهلة، و ربما مخيبة للآمال نوعا ما للقارئ، لكنها سوف تكشف عن مدى عبقرية وايلد.
الحوار : ـ
أكثر ما شدني في الرواية براعة الحوار الفلسفي فتذكرت و أنا أقرأ ، ما قاله الأديب الانجليزي :جورج برناردشو : "لو أن على أن اختار شخص ما لمحاورة فلسفية لاخترت أوسكار وايلد " !
فعليك و أنت تقرأ الرواية أن تحضر قلم تظليل "Highlighter " لأن كل مقولات اللورد هنري بحاجه إلى وقفة و تأمل .
أقواله التي جعلت دوريان يرد عليه غاضبا في أحد محاوراته : " إنك مستعد لدفع كل ما تملك من أجل أن تقول كلاما غريبا!!! "
برأيي أن الرواية قد ناقشت أحد مباحث الفلسفة الثلاث و هو "الجمال" فقدمته بصورتيه الظاهرة و الباطنة في طابع فلسفي يخلو من التعقيد و الغموض ليصحب معه القارئ في رحلة تبحث في أغوار الذات البشرية و مخابئها التي يعرفها وايلد جيدا .
فلا تبخل عزيزي القارئ على عقلك و فكرك بالسير في في تلك الرحلة للإطلاع على تلك اللوحة قراءةً و مشاهدةً .