مفتي الجمهورية: من العسير التفريط في التراث العلمي عبر قرون بدعاوى حرية الرأي والتفكير

مفتي الجمهورية: من العسير التفريط في التراث العلمي عبر قرون بدعاوى حرية الرأي والتفكيرالدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية

مصر29-6-2024 | 03:33

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور و هيئات الإفتاء في العالم: من غِنى التراث العلمي وثرائه أن يضيف تلاميذ العلماء وأتباعهم الشروحات والتعليقات والاختصارات لمؤلفات شيوخهم، بل إنه من الطبيعي أن يختلف أتباع المذهب في بعض المسائل مع صاحب المذهب نفسه، وهذا يدل على سَعة الأفق والاجتهاد والسعي لتحقيق مراد الله في التيسير، بالإضافة إلى مواكبة تغير الزمان والمكان والأحوال.

وأضاف علام خلال لقائه الأسبوعي في برنامج مع المفتي، أن التراث الفقهي ترك لنا فكرًا منتظمًا متَّسقًا له غايات واضحة على مدًى زمنيٍّ طويل، يساعدنا على التعامل مع الوقائع الحادثة في المجتمع وَفْق مراد الشرع الشريف.

وأوضح المفتي أن التجربة أثبتت على مرِّ القرون أن مَن يطالع الجهد الذي بذله هؤلاء الأئمة في بيان أحكام شرع الله يدرك كم يجب علينا أن نحفظ مذاهبهم ونعتني بها وننتسب لها، ولماذا ندعو الناس إلى ذلك.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه من العسير على النفس فضلًا عن الواقع العملي التفريط بهذا التراث العلمي المتراكم عبر القرون بدعاوى حرية الرأي والتفكير، وعلى الجميع -وخاصة المقللين من أهمية التراث- أن يطالعوا هذه الكتب الفقهية من أمهات الكتب ليدرك حجم الجهد المبذول فيها، مؤكدا أن هناك الكثير من القضايا قد تغير الحكم فيها عن الماضي، ولا بد لمن يتعامل مع التراث أن ينظر لتطور العصر والواقع.

وأضاف مفتي الجمهورية أنَّ بناء الأمة علميًّا يتم باستخلاص العبر من تجاربها السابقة، وليس بتجاهل المرحلة المباركة من تطور المدارس الفقهية، التي نجحت في استيعاب الجميع وتوجيههم نحو الوسطية التي ترفع الحرج عن الأمة وتوجهها نحو التيسير واليسر، بفضل نهج النبي صلى الله عليه وسلم الذي نقله لنا الصحابة والتابعون بانسجام وتعاون تام.

وأردف: العلماء عبر العصور عملوا على ترسيخ المنهجية العلمية المستمدة من القرآن والسُّنة، والتي تتميز بالتواضع واحترام آراء الآخرين وعدم تهميشها. هذه المنهجية تدعم التدين الصحيح وتحقق الأمن المجتمعي، الذي يساهم في استقرار المجتمعات. وهذا هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم كما يتَّضح من سيرته العطرة. وقد أبرز الإمام الشافعي هذه المنهجية حين قال: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".

وأوضح مفتي الجمهورية أن هناك العديد من المصطلحات التي استخدمها الفقهاء قديمًا، والتي كانت مرتبطة بسياقات مكانية وزمانية معينة، وجاءت نتيجة فتاوى خاصة بوقتها. ومع مرور الزمن وتغير الظروف، تغيرت هذه الفتاوى، بفضل المنهج العلمي المنفتح، وهذا يُعدُّ من أساسيات الفتوى.

وشدَّد على أنَّ التراث الفقهي ليس معصومًا، ولكنه يستحق الاحترام والتقدير والإجلال لأنه نتاج عقل علمي منضبط ضمن إطار الاجتهاد.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2