حورية عبيدة تكتب: أخيراً.. اتحد العرب

حورية عبيدة تكتب: أخيراً.. اتحد العربحورية عبيدة تكتب: أخيراً.. اتحد العرب

* عاجل19-5-2018 | 15:57

أخيراً اتحد العرب؛ فأمام شاشات التلفاز والفضائيات تُرانا كل يومٍ جلوساً فاغرين الأفواه لأقصى مداها، مصدومين؛ مذهولين؛ منفعلين؛ صارخين؛ شاكين؛ باكين؛ ذارفين من الدمع المالح أنهاراً حسرة على أشلاء جثث أهلينا في غزة، ودماء استُبيحت وأريقت لتروي ظمأ أرضنا العربية المحتلة قهراً وحزناً فإذا بها تنبت عِزاً وكرامة، بيدٍ نُمسك "الريموت" حتى لا يفوتنا موعد المسلسل، وبالأخرى نلجم أفواهنا الحلوى والمكسرات لنتقوى على صيام الغرف المكيفة.. هنيئاً لنا صيامنا واتكاؤنا على الأرائك، وماذا عسانا نفعل ونحن لا نمتلك سوى يديدن اثنتين فقط؟! لا تتهمونا بالتخاذل والهوان والعمالة والانحطاط والغباء والعجز حتى لا يفسد صيامكم، فمازلنا نمتلك أمضى أسلحتنا؛ سلاح الشجب والإدانة؛ براءة اختراع عربية نقاتل به خفافيش الظلام القابضة على زمام أمورنا وعقولنا من المحيط إلى المحيط، ومن النحر إلى البحر، وماتزال ذاكرتنا تعي ماقاله خالد بن الوليد: "فلا نامت أعين الجبناء"، نعم؛ نعم نحفظها في أسْنِمتنا، ونخزنها كالقات اليمني، لنعيدَ مضغها واجترارها وابتلاعها مع طبق حلوى رمضانية، فلا نشعر بمرارتها، ولا يطرف لنا جفن، صرنا مهرة في التغافل واللامبالاة، وماذا يعنينا إن كنا فقدنا آدميتنا وشرفنا وأصبحنا لا نستحق الحياة؟ لا يهم أن تُغتصب فلسطين، ويحترق لبنان بطائفيته، وينتهى العراق بمذاهبه، وتُدمر سوريا، وتُقسم اليمن، ويُفصل السودان، وتهلك ليبيا، وتجوع الصومال المقرصنة، وتترنح تونس، وتُقهر المغرب، وتهرم الجزائر، ويتلاشى الأردن، وتتفت دول الخليج، وتُغيّب مصر. لا يهم أن تنهار أحلام العرب الاقتصادية، فلا سوق عربية مشترك، ولا عملة موحدة، ولا حواجز حدودية أو جمركية ذُللت، ولا عملٍ جاد، ولا حتى نوايا صادقة.. لا يهم أنظمتنا السياسية المرتبكة المتشظية المتفاوتة الرؤى، المتعاظمة الأنا، الفاشلة في قيام أي تعاون بينها أو بين بعض دولها رغم الإعلان عن 15 اتحاد كان مآلها كلها الفشل. لا يهم ذلك المؤتمر الذي دعا إليه "بنرمان" رئيس وزراء بريطانيا عام ‭1907‬ جمع فيه سبع دول أوربية مُندداً بالانحدار الذي تحياه أوروبا بسبب تعدد دياناتها ومعتقداتها وخلافاتها، نبههم إلى أن المنطقة العربية تملك كل مقومات النهضة.. دين واحد؛ ولغة واحدة؛ وموقع جغرافي؛ ومواد خام، بل وتستطيع خنق أوروبا بتحكمها في مضيق جبل طارق وقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز. لا يهم مقولته الشهيرة: "العرب يحتاجون لقيادة صالحة لينهضوا، فإذا نهضوا تشرذمت أوروبا"، وحين تساءل الحاضرون عن كيفية إضعاف العرب نصحهم بزرع جسم غريب يفصل مشرق العرب عن مغربهم؛ مواليا لأوروبا لا يُسمح بهزيمته، يعمل على خلق حالة من عدم التوازن في المنطقة، لايهم أن قدَّم "حاييم وايزمان" نفسه وعصابته الصهيونية على قدرتهم أن يكونوا ذلك الجسم الغريب، فكان الكيان الصهيوني، وكانت نكبة فلسطين والعرب، لا يهم مرور أكثر من قرن على هذا المؤتمر ولم نقرأه حتى الآن، ولو قرأناه تُرانا نفهمه؟! لا يهم أن تذوق أجيال "الحلم العربي" طعم الإخفاقات؛ والإنهيارات السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ وحتى الرياضية، فكم مرة حصلنا على كأس العالم في كرة القدم خلال أكثر من 20 بطولة أُقيمت؟ رغم تمتعنا بإمكانات مادية عالية تُمكنّا من شراء لاعبين عالميين، أو جلب مدربين مهرة، وعقول واعية خبيرة لأبنائنا الذين لا تنقصهم الإرادة أو العزيمة، أقول لكم كل ذلك لا يهم. المهم أن نُعادي ذاتنا، لنظل جيل الانقسامات غير المسبوقة، جيل التشظي والتشرذم، جيل الصمت والضمير الأبكم، جيل العقول المغيبة التي ترى بعين رأسها العربي يُقتل ويُنتهك ويُغتصب ويُشرد في العديد من بقاع وطننا العربي وفي غزة وفلسطين فلا نُظهر إلا الشماتة! وكأن قدرنا أن تنسحب كراهية الأنظمة الحاكمة بعضها بعضاً على الشعب العربي الواحد، فيكره ويجلد ذاته. دعونا نستمع للأصوات البغيضة الناطقة بالعربية لا بالعبرية والتي تدعو للمشاركة في دك غزة، واتركونا نتحد ونتجمهر أمام التلفاز نتبادل أطباق المكسرات إحياءً لطقوس الشهر الفضيل؛ شهر انتصارات بدر وأكتوبر، وما لنا وصيام أهل غزة الذي أفسده طعم الدم والتراب في حلوقهم.

أضف تعليق

إعلان آراك 2