ماذا ينتابك من مشاعر إذا أعرضت عن إنقاذ مريض، وفى يديك العثور له على سرير بغرفة رعاية مركزة، أو بإمكانك توفير فرصة عمل لعاطل؟! فإذا تبلدت مشاعرك، فاعلم أنك بخيل تفتقر للإنسانية، وأنك شخص طماع تجتاحك غرائز إجرامية نحو سرقة الآخرين، ويقول المفكر الأمريكي "كورنيل وينست": إن معنى الحياة الثرية يكمن فى مساعدة الغير.
لا تظن الظنون أيها البخيل البائس، البائس فى المكاسب التي سوف تحصدها من فعلك للخير انظر لهذه التجربة، فقد عكفت أستاذة علم النفس "سونجا ليوبو ميرسكي" بجامعة كاليفورنيا لأكثر من 20 عاما على إجراء بحث عن علاقة عمل الخير بالسعادة، وأصلت الباحثة "سونجا ليوبو ميرسكي" تجربتها بشكل علمي، وتوصلت إلى أن أداء الأفعال الإيجابية لمرة واحدة خلال الأسبوع يزرع داخل الفرد سعادة لا توصف.
حكي لي صديق حين يهاجمني الألم، ويتسلل إلى قلبي الحزن، أشعر بالتعافى فور ما أحنو بأصابعي على رأس يتيم، وقد أجر قدمي وهي لا تقوى على السير من شدة المرض، وأتجه صوب جمعية خيرية تساعد الأيتام بجوار البيت، وبمجرد مجالستهم كأن سرى فى جسدي جرعة مسكن للآلام، وشعرت بصدق القول أن هناك سعادة تمكث فى القلب ولا تغادره عند مد يد العون للآخر، وتغمر الجسد قوة لا يحسد عليها، وهي سعادة تكتسبها على إثر ابتسامة تغرسها على فيه طفل يتيم أو مشرد، وكانت الابتسامة كوقع السحر، وحولته من شرود ذهني إلى طفل إيجابي، وبدأ يتفاعل مع محيطيه، ومنحته تلك الابتسامة البسيطة روحًا جديدة وثقة بالنفس لا حدود لها.
قام علماء بمسح ضوئي على المخ، واكتشفوا أن البشر مبرمجون على مساعدة بعضهم، ويشعرون براحة نتيجة لتدفق المخ فى إفراز الإندروفين، ويساعد كذلك على التعافى السريع، أكدت دراسة فى عام 2019 حقيقة الشعور بتعطل المناطق المسئولة عن الألم فى الدماغ، ولاحظ الدارسون الفارق بين الإحساس بالألم لدى المتبرعين بالدم لضحايا أحد الزلازل وبين أشخاص أجروا اختبار فحص دم، وجد الباحثون أن المتطوعين شعروا بألم أقل من الفاحصين لدمائهم.
ليس فيه عيب أن تشعر بالسعادة لربحك للمال، لكن ستكون سعادتك بالغة وقتما تخرج بضع دراهم لمحتاج، وهنا أجرت عالمة النفس "ليزدن" تجربة عملية عن العلاقة بين المال والسعادة، وأظهرت أن المتبرع بماله تغمره طمأنينة على النقيض من البخيل فى العطاء، ابتسامة ذو الحاجة أو المريض أو اليتيم رد فعل يترجم مدى شعوره بالرضا والسعادة.
هو كمن يطفئ بها نار الغاضب، بل قل كساحر جعل من الشرس حليما، ولذا قال المولى تعالى فى رسوله: "لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، وكان لابد من تحريم النار على كل لين سهل.