مُنِي المحافظون البريطانيون بخسائر كبيرة الجمعة، في الانتخابات المحلية التي جرت في بريطانيا الخميس، وكانت أول اقتراع منذ تولي ريشي سوناك السلطة، مما ينذر بالسوء للحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية المقبلة.
وبعد الاقتراع لتجديد المجالس البلدية، مُني المحافظون الذين يحكمون البلاد منذ 13 عاماً بخسائر كبيرة في المعاقل التقليدية لليمين البريطاني.
وفي تعليق على شبكة سكاي نيوز، قال رئيس الحكومة ريشي سوناك إنّ "خسارة مستشارين يبذلون جهوداً شاقّة أمر محبط دائماً"، مكرّراً وعوده على المستوى الوطني بشأن الاقتصاد والصحة ومكافحة الهجرة غير القانونية.
لكنّه تعهّد المضي قدماً في الاهتمام "بأولويات الناس"، بما في ذلك خفض معدل التضخّم، الذي تجاوز 10 بالمئة، إلى النصف واستئناف النمو الاقتصادي ووقف قوارب المهاجرين التي تعبر القناة.
وكان سوناك الذي تولى رئاسة الوزراء في أكتوبر صرّح الأربعاء أنّه يتوقع انتخابات "صعبة".
وبعد فرز أصوات المقترعين في 219 من 230 مجلس محلي جرت انتخابات تجديدها، خسر المحافظون أكثر من ألف ممثل منتخب، وفق أرقام شبكة "بي بي سي".
ويأتي فرز الأصوات بينما تستعدّ بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث السبت.
من جهته، فاز حزب العمال الذي يأمل في أن ينجح زعيمه كير ستارمر في تولّي رئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة المقرّرة في نهاية السنة المقبلة، بـ513 مقعداً، الا أنه لم يكن المستفيد الوحيد من تراجع المحافظين.
وأوصل الليبراليون الديموقراطيون (وسط) 409 ممثلاً منتخباً، مقابل 238 لحزب الخضر الذي تمكّن للمرة الأولى في تاريخه من حصد الغالبية في مجلس محلي، وذلك في ميد سوفولك (شرق).
وفاز حزب العمال بالمجلسين المحليين لبليموث (جنوب) وستوك أون ترينت (شمال)، "عاصمة" بريكست التي صوّت 69 بالمئة من ناخبيها لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي في 2016.
وقال زعيم حزب العمال ستارمر: "حققنا نتائج مذهلة على امتداد البلاد"، وذلك في كلمة أمام المناصرين في ميدواي (جنوب شرق) حيث فاز حزبه بالمجلس المحلي الذي كان لصالح المحافظين.
وخسر المحافظون أيضاً المجلس المحلّي في هيرتسمير بشمال غرب لندن حيث يشغل نائب رئيس حكومتها أوليفر دودن مقعداً نيابياً.
وعشيّة تتويج الملك تشارلز الثالث، خسر المحافظون أيضاً منطقتي رويال بورو اوف ويندسر وميدنهايد، لمصلحة الليبراليين الديموقراطيين (وسط).
ووفق توقعات "بي بي سي"، نال حزب العمال 35 بالمئة من الأصوات على المستوى الوطني، مقابل 26 بالمئة للمحافظين، بينما كانت حصة الليبراليين الديموقراطيين 20%.
وأشار وزير النقل هيو ميريمان إلى أنّ حزبه المحافظ يدفع ثمن الأسابيع القليلة الفوضوية التي شهدت العام الماضي تخلّي الحزب عن بوريس جونسون ثم تولّي ليز تراس رئاسة الحكومة لفترة لم تعمّر طويلاً.
وأضاف لـ"بي بي سي" أن الناخبين "يتحدثون عن أخبار قديمة عن رؤساء الوزراء السابقين - لكنهم يقولون إن الزعيم الحالي للحزب يتمتع على ما يبدو بالصفات اللازمة"، مشدداً على أن سوناك يتبع مساراً صحيحاً.
وقالت منسّقة الحملة الوطنية لحزب العمّال شبانة محمود إنّ "هذه النتائج تشكّل كارثة لريشي سوناك الذي يعاقبه الناخبون على إخفاقات المحافظين".
وتوقّع حزب العمّال تحقيق تقدّم بنسبة 8 بالمئة على الأقلّ على المحافظين، وهو فارق يرى أنّه سيترجم بفوز إذا تكرر في الانتخابات التشريعية التي تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم واضح للعماليين فيها.
وقال خبير استطلاعات الرأي جون كيرتس عالم السياسة في جامعة ستراثكلايد في اسكتلندا مؤخراً إنّ تقدّم حزب العمال بفارق يتجاوز 10 نقاط من شأنه أن يبشر بالخير للفوز في الانتخابات العامة.
وصرح لشبكة "بي بي سي" أنه قبل وصولهما إلى السلطة في 1997 و2010 حقق كل من العمالي توني بلير والمحافظ ديفيد كاميرون نجاحا بأكثر من 10% في الانتخابات المحلية التي سبقت الاقتراع التشريعي.
من جهته، عبّر زعيم الديموقراطيين الليبراليين إيد ديفي عن سعادته.
وقال: "تجاوزنا كل التوقعات"، مرحّباً بالضربة التي تلقّاها "الجدار الأزرق" المحافظ، في إشارة إلى مجموعة من الدوائر الانتخابية البرلمانية في جنوب بريطانيا تصوّت تقليدياً لحزب المحافظين لكنّها عارضت بريكست.
وشهدت هذه الانتخابات تطبيق شرط غير مسبوق للناخبين وهو إبراز وثيقة هوية حتى يتمكنوا من التصويت.
وأثار هذا التغيير ضجة واعتبره معارضوه أنه مناورة لاستبعاد بعض الناخبين و لا سيّما الشباب والطبقات العاملة لأنّ بطاقة الهوية التقليدية لا وجود لها.
وفي صفوف حزب العمال رأى نواب أنّ القرار يهدف إلى الحدّ من تقدمهم الذي تشير إليه استطلاعات الرأي.
وقالت منظمة "إيليكتورال ريفورم سوسايتي" التي تعارض هذا الشرط أنّ "لديها أمثلة على عدد كبير من الناخبين الذين لم يتمكّنوا من التصويت"، بينما قالت هيئة المدراء المحليين لعمليات الاقتراع إنّ التصويت جرى "بشكل جيد كالعادة".