أكد خبراء ومراقبون أردنيون أن القمة العربية في دورتها العادية الـ 32 على مستوى القادة والتي عقدت أمس في جدة، أكدت على الدور المحوري الذي تلعبه مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي والأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني، في إيجاد حلول سياسية للقضايا العربية العالقة وفي مقدمتها القضية السورية والقضية المركزية الفلسطينية.
وقال المراقبون والخبراء، إن كلمة الرئيس السيسي خلال الجلسة الافتتاحية للقمة وكذلك كلمة العاهل الأردني، وضعت العالم أمام أبرز القضايا العربية والأزمات الراهنة وأنه لا سبيل للحل إلا المفاوضات والتوصل إلى حلول لإنهاء الخلافات، مؤكدين أن مصر والأردن كان لهما دورا بارزا في عودة سوريا إلى الجامعة العربية ومن ثم المساهمة في أمن واستقرار سوريا الشقيقة من خلال اللقاءات العربية العربية التي عقدت في جدة و عمان مؤخرا.
وقال الدكتور قاسم العمرو أستاذ العلوم السياسية في جامعة البترا الأردنية ب عمان إن القمة تعد بمثابة مناسبة سنوية لاجتماع القادة والرؤساء والزعماء العرب للتأكيد على التواصل ومصالح الشعوب العربية من أجل لم الشمل وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة، مؤكدا أن هذه القمة تأتي في وقت هام للغاية وهو إعادة ترتيب التكتلات العالمية وتحقيق المصالح الدولية.
وأضاف أن العاهل الأردني أبرز في كلمته التكامل والتعاون العربي وضرب مثلا بالتعاون المصري الأردني العراقي، وكذلك التعاون المصري الأردني الإماراتي البحريني والذي يعد نموذجا يحتذى به في العالم العربي لتحقيق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي بما يعود بالنفع على شعوب المنطقة، مؤكدا أن التعاون الاقتصادي أصبح لا بديل عنه في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة وهو ما أكد عليه أيضا الرئيس السيسي.
وأشار إلى أن الرئيس السيسي والعاهل الأردني دائما ما يدعون إلى الأمن والاستقرار بالمنطقة وعدم الانجرار وراء الفتن والحروب، موضحا أن دعوات الرئيس السيسي المتكررة وكذلك العاهل الأردني بضرورة نبذ الخلافات وتوحيد الصف وإنهاء الخلافات ظهرت واضحة خلال قمة "جدة" عبر حضور سوريا للقمة؛ مما يمثل نجاحنا كبيرا للدبلوماسية العربية والتي قادتها مصر والأردن والأشقاء العرب منذ فترة طويلة من أجل تحقيق الوئام والوحدة.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة البترا الأردنية على ضرورة استغلال هذه الأجواء والعمل على مزيد من التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول العربية على غرار الاتحاد الأوروبي والذي أخذ وحدة الشراكة العربية نموذج له، في الوقت الذي نحن كعرب في أمس الحاجة إليه في ظل الأوضاع الراهنة، معربا عن أمله في أن تنجح أجواء القمة في سير العلاقات العربية العربية نحو الأفضل خلال الفترة القادمة في ظل وجود قادة وزعماء عرب لديهم رغبة قوية في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي رغم التحديات القائمة.
وفي السياق ذاته، أكد طارق جودة مدير المندوبين بقسم الاقتصاد في جريدة "الغد" الأردنية، أن الآلية الثلاثية في الاقتصاد المصري الأردني العراقي وكذلك التعاون الاقتصادي المصري الأردني الإماراتي البحريني مثال يحتذى به للتعاون العربي في ظل التحديات القائمة.
وقال جودة إن تأكيدات العاهل الأردني بشأن ضرورة التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية كما يحدث في التعاون مع دول الإقليمي الأردني تمثل طوق نجاة للاقتصاد العربي في ظل الأوضاع الراهنة بعد أزمة "كورونا" و الحرب الروسية الأوكرانية القائمة، مشددا على ضرورة اغتنام الفرص المتاحة في ظل جودة الموارد العربية وخصوصا في مصر والأردن.
وأشار إلى أن الموقف المصري الأردني لا يتغير بشأن ضرورة نشر السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مؤكدا محورية الدور المصري الأردني بالمنطقة وهو ما يكون في كافة المحافل الدولية والإقليمية وآخرها الدعوة إلى ضرورة عودة سوريا إلى الحضن العربي وهو ما تم في القمة العربية في دورتها الحالية بقيادة السعودية.
ونوه بأن الأردن عاني كثيرا بسبب الأوضاع الإقليمية وكذلك مصر، واستطاعا أن يقنعا العالم العربي بضرورة الحلول السلمية بعيدا عن آلة الحرب التي أنهكت الدول والشعوب، مشيرا إلى أن البيان الختامي للقمة كان حريصا على تسجيل دور الأردن ومصر في حل الخلافات وأمن واستقرار المنطقة وخصوصا فيما يتعلق بالقضية المركزية الفلسطينية والوضع في سوريا و القضايا العربية بشكل عام.
وشدد جودة على ضرورة وضع استراتيجية عربية واضحة كما يتبناها الأردن ومصر من أجل التعاون الاقتصادي وتحقيق التكامل بين الأشقاء العرب، موضحا أن الوقت قد حان للمشاركة والتكامل الاقتصادي باعتبار أن الأوضاع الاقتصادية حاليا تمثل حل المشكلات والأزمات العربية بسبب الأوضاع الدولية.
بدورها، أشادت الإعلامية الأردنية ليندا الكركي، بالأجواء التفاؤلية التي ظهرت في قمة "جدة"، بين القادة والزعماء العرب.. مشيرة إلى أن مستوى التمثيل الذي كانت عليه القمة ينذر بالتفاؤل والأمل بعد غيابات طويلة خلال السنوات القادمة وهو أيضا ما أكد عليه البيان الختامي للقمة والذي تضمن التأكيد على التضامن العربي والرغبة القوية لدى كافة دول الجامعة العربية لإنهاء الصراعات والخلافات وطي صفحة الماضي وبناء المستقبل وهو أيضا عنوان القمة "التجديد والتغيير".
وأضافت الإعلامية الكركي أن قمة "جدة" عقدت في ظل متغيرات كثيرة جدا وتحولات عالمية تستلزم وحدة الصف العربي لمواجهة التحديات المتزايدة في منطقتنا العربية، وهو ما أكده العاهل الأردني في كلمته حينما أكد أن العمل العربي يحتاج إلى التجديد والتغيير.. مشيرة إلى أن كلمتي الرئيس السيسي والعاهل الأردني كانتا واضحتين بأن التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية كالنموذج المصري الأردني العراقي هو أساس حل المشكلات الاقتصادية العربية.
ولفتت إلى أن نجاح القمة العربية كان واضحا منذ الإعلان عن عودة سوريا إلى حضنها العربي من جديد بعد غياب أكثر من 12 عاما، مؤكدة أن إعادة سوريا هو نجاح وانتصار للدبلوماسية العربية وخصوصا الأردنية والمصرية بالتعاون مع الشركاء العرب لأن الأمة العربية انتصرت على حالة الانقسام وأدركت أنه لا طائل ولا عائد من استمرار استبعاد سوريا من الجامعة العربية وتركها فريسة سهلة لقوى أجنبية وإقليمية تسعى بكل قوتها لاستمرار الأزمات والصراعات في منطقتنا العربية.
وأعربت عن أملها في أن يتم تنفيذ البيان الختامي للقمة والذي أكد على العمل العربي المشترك وخصوصا في الجانب الاقتصادي بعيدا عن الخلافات السياسية، مؤكدة أن شعوب العالم العربي تعاني حاليا بسبب الأوضاع الاقتصادية والقادة العرب يعلمون ذلك جيدا ويسعون حاليا من أجل تحقيق إنفراجة حقيقية بين الشعوب من أجل استقرار وأمن المنطقة بعيدا عن الصراعات والنزاعات العالمية التي أنهكت الدول والشعوب معا.
وأكدت القمة العربية الـ32 التي عقدت في مدينة جدة السعودية، على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة إلى الدول العربية، مشددة على أهمية الحلول السياسية في كل من السودان واليمن ومواصلة تكثيف الجهود العربية لمساعدة سوريا والرفض التام لتشكيل ميليشيات وجماعات مسلحة خارج نطاق الدولة، والتأكيد على أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنما تفاقم معاناة الشعوب وتثخن في تدمير منجزاتها، وتحول دون تحقيق تطلعات مواطني دولنا.
كما أكدت على أن التنمية المستدامة، والأمن والاستقرار، والعيش بسلام، حقوق أصيلة للمواطن العربي، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجهود وتكاملها، ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة، وحشد الطاقات والقدرات لصناعة مستقبل قائم على الإبداع والابتكار ومواكبة التطورات المختلفة، بما يخدم ويعزز الأمن والاستقرار والرفاه لمواطني دولنا، والإيمان بأن الرؤى والخطط القائمة على استثمار الموارد، والفرص، ومعالجة التحديات، قادرة على توطين التنمية، وتفعيل الإمكانات المتوفرة، واستثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تتكامل في تشييدها قدرات دولنا؛ مما يتطلب منا ترسيخ تضامننا وتعزيز ترابطنا ووحدتنا لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية.
وكذلك تبني مبادرة إنشاء حاضنة فكرية للبحوث والدراسات في الاستدامة والتنمية الاقتصادية، والتي من شأنها احتضان التوجهات والأفكار الجديدة في مجال التنمية المستدامة وتسليط الضوء على أهمية مبادرات التنمية المستدامة في المنطقة العربية لتعزيز الاهتمام المشترك ومتعدد الأطراف بالتعاون البحثي وإبرام شراكات استراتيجية.