625 منتحرًا فى بريطانيا سنويًا بسبب إدمان القمار، وأول خطوة يخطوها منتحر القمار تبدأ بـ"عزومة"، وحب الفضول يُسرع بخطواته نحو المصيدة، وتتطابق مصيدة القمار حرفيًا بمواصفات مصائد المخدرات والكذب والسرقة والجنس، وفى حالة تفكير منتحر القمار الهروب من مصيدته يداهمه القلق والاكتئاب.
تحتضن بريطانيا أكبر أسواق المقامرة فى العالم، هذا حسب إحصائية لمراكز دراسات اقتصادية بلندن فى عام 2020 قُدِّرت أرباحها بنحو 14 مليار جنيه إسترليني، تفوق مثيلاتها من دول العالم، ورصدت أن أغلب مدمني القمار البريطاني من الحاصلين على مؤهلات أكاديمية عليا، وفى مقابل حصيلة الأرباح الضخمة من القمار أرقام صادمة عن خسائر بريطانيا ناجمة عن إدمان القمار، أظهرتها وكالة الصحة العامة البريطانية.
وقدمت الوكالة مثالا على ذلك خلال عامي 2021 و2022 أن بريطانيا تخسر 119 مليون دولار نتيجة ارتفاع حالات الانتحار، أضف إليها 630 مليون دولار لعلاج اكتئاب إدمان القمار، زائد 60 مليون دولار لمواجهة التشرد الناتج عنه، فضلا عن خسارة 7 ملايين دولار من إقبال الشباب على تعاطي المخدرات، كمحاولة من هذا الشباب لتخطي آلام خسارتهم، وتخاطب الوكالة الصحية البريطانية المجتمع بتحديد مسئولياته أمام مقاومة أخطار إدمان القمار.
ورقم 650 حالة انتحار سنويا فى المملكة المتحدة يمثل 11% من إجمالي حالات الانتحار كل عام، وهكذا الأمر فى هونج كونج والسويد، وتنذر دراسات بلندن بتعرض 1.7 مليون مواطن إنجليزي للإصابة ب إدمان القمار، وتسعى وزارة الشئون الرقمية والثقافة جاهدة فى إحداث توازن بين المعرضين لخطر ال إدمان وبين المقامرين الذين يتمتعون بأمان نفسي، وتؤكد زيف هذا التوازن بناء على نتائج أبحاث بريطانية اجتماعية وصحية، وأوضحت فقدان سيطرة المقامر على سلوكه، وما يلبث أن ينزلق المدمن إلى مخاطر السرقة والإغراق فى طلب القروض لسداد ديونه.
وتتنوع صور القمار فى عصرنا المعايش بين سيل من الألعاب على الشبكة العنكبوتية وبين مسابقات غير قانونية ومراهنات لا حصر لها تصدرها جهات رسمية، ومراهنات الكازينوهات السويسرية تقارب مقامرات لندن، تحصد برن أرباحًا قيمتها 913 مليون فرنك سويسري، ويذكر معهد البحوث الاقتصادية السويسري فى المقابل خسائر تقدر قيمتها بنحو 658 مليون فرنك سويسري.
وتواجه حملات المنظمات المدنية والصحية فى مواجهة مخاطر إدمان المقامرة بالفشل الذريع مثل حملات الوقاية ضد التدخين، فجهد المخلصين القائمين على تلك الحملات تعتبره مافيا صناعة السجائر بأدوات التجميل لمنتجاتهم، التي سرعان ما تزول أثرها، ولا يهمهم مجموع ملايين البشر من المصابين بأمراض القلب والصدر المزمنة والسرطان.