كشفت دار الإفتاء المصرية عن حكم صلاة ركعتين بعد الطواف بالبيت سواء فى الحج أو العمرة.
وقالت الإفتاء، على موقعها الإلكترونى على شبكة الإنترنت: "اختلف الفقهاء فى حكم ركعتى الطواف: فذهب الحنفية، والشافعية فى وجهٍ، والإمام أحمد فى روايةٍ: إلى أن صلاة ركعتى الطواف بعد الانتهاء منه واجبٌ شرعًا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى".
والأمر يقتضى الوجوب، فدل على وجوب صلاة الركعتين، ولأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدَّاهما، وفِعلُه إما أن يكون بيانًا، أو ابتداء شَرْعٍ، وأيهما كان دلَّ على الوجوب.
وقال الإمام الماوردى الشافعى فى "الحاوى الكبير: "إذا أكمل الطائف طوافه سبعًا، صلى ركعتين.. وقد علَّق الشافعى القول فى هاتين الركعتين؛ فخرَّجَهُمَا أصحابنا على قولين:
أحدهما: إنهما واجبتان؛ لقوله تعالى: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"؛ يعنى صلاة، ولأنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعلهما، وفعله إما أن يكون بيانًا، أو ابتداءَ شَرْعٍ، وأيهما كان دلَّ على الوجوب".
وذهب الشافعية فى الأصح، والحنابلة فى الصحيح: إلى أنَّ الركعتين بعد الطواف سُنَّةٌ مؤكدةٌ يستحب صلاتهما؛ لأنَّ النبى صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يَدَعْهُما، فدلَّ ذلك على سُنِّيَّتِهِمَا وتأكيد أمرهما.
فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال: "لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"؛ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا" أخرجه الأئمة: مسلم فى "صحيحه"، والترمذى والنسائى -واللفظ له- فى "سننهما".
وأشارت دار الإفتاء إلى أن المختار للفتوى فى حكم ركعتى الطواف؛ هو القول إن ركعتى الطواف سُنَّةٌ مؤكدةٌ مطلقًا.
وأما القول بوجوب صلاة الركعتين بعد الطواف؛ استشهادًا بالأمر الوارد فى قَوله تعالى: "وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"، فيُنَاقَشُ: بأنَّ الأمر وإن كان يدل على الوجوب كما هو مقرر فى قواعد الشريعة، إلا أن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى أنَّ اقتضاء الوجوب إنما هو مختص بالأمر المطلق المجرد عن القرائن الصارفة له إلى غير معنى الوجوب دون غيره، فإذا وُجِدَت قرينة تدل على أنَّ المراد بالأمر غير الوجوب كالندب أو الإباحة؛ حُمِلَ الأمر على ما تدل عليه هذه القرينة.
وبناءً على ذلك؛ فإن الطواف ركنٌ من أركان العمرة، يُثاب عليه فاعله أيَّمَا ثوابٍ؛ من رَفْعِ درجاتٍ، ومَغْفِرَةِ زَلَّاتٍ، وحَطِّ سَيِّئَاتٍ، ويُسن للطائف أن يُصلى بعد الطواف ركعتين، ويستحب أن يقرأ فِى الركعة الأولى منهما بعد الفاتحة بـ"سورة الكافرون"، وفى الثانية بـ"سورة الإخلاص"، يجهر فيهما بالقراءة ليلًا، ويُسِّرُ بها نهارًا؛ لما فى فعلهما من إصابةِ السُّنَّة.