لا شك فى أن المخرج الراحل يوسف شاهـيـن، فنان عــبــقرى بـالـفــعل، ساهم بجهد كبير فى وصول السينما المصرية إلى أعـتاب العـالـمـيـة، واستطاع بفضل أسلوبه الـسـيـنـمـائى الـخـاص، وعـلاقـاته الـواسعـة بكثير من الفنانين فى الغرب، وخصوصًا فى فرنسا التى قدم أفلامًا من نوعية الإنتاج المشترك معها، أن يضع الفيلم المصرى على خريطة المهرجانات الدولية.
لكن "شاهين" ليس وحده من صنع مجد وتاريخ السينما المصرية، فهناك مبدعون آخرون فى الفن السابع لا يقلون موهبة أو قيمة فنية عن شاهين، وبعضهم مخرجون عظام من نفس جيله، ومن أجيال سابقة ولاحقة له، وعلى رأسهم رائد الواقعية فى السينما المصرية المخرج الكبير الراحل صلاح أبوسيف، صاحب «الزوجة الثانية» و«الفتوة»، و«بين السما والأرض»، و«البداية» وعشرات الأفلام الجميلة والمهمة.
ولدينا كذلك «هيتشكوك الشرق» أو المخرج كمال الشيخ، أفضل من قدم الأفلام البوليسية وأفلام التشويق العربية، ومخرج الروائع حسن الإمام، وصاحب «إحنا التلامذة»، و«الحفيد» المخرج عاطف سالم، والموهوب المتميز حسين كمال، والمخرج المعجون بتراب وهموم الوطن عاطف الطيب، الذى قدم لنا خلال سنوات عمره المحدودة روائع سينمائية لا تقل بأى حال من الأحوال عما قدمه يوسف شاهين، مع اختلاف المدرسة الفنية، وخاصة «البرىء» و«الهروب»، و«سواق الأتوبيس»، و«الحب فوق هضبة الهرم».
وكل هذه الأسماء لمخرجين كبار راحلين يستحقون إحياء ذكراهم، وتقديم البرامج عنهم فى قناتى «نايل سينما» و«النيل الثقافية»، وهما القناتان الوحيدتان اللتان تهتمان بسير العظماء فى الأدب والفن، رغم قلة الإمكانيات والميزانية الشحيحة للبرامج والديكورات القديمة التى عفا عليها الزمن، ومع ذلك فإن المسئولين والعاملين بالقناتين من مخرجين ورؤساء تحرير برامج ومذيعات ومذيعين، يبذلون أقصى ما فى وسعهم لتقديم مادة إعلامية دسمة ومحترمة، ولا يتركون مهرجاناً سينمائياً ولا فعالية ثقافية وفنية إلا وقاموا بتغطيتها تليفزيونياً على أفضل وأكمل وجه.
وأكتب هذا الكلام لمناشدة رئيسى القناتين بالاحتفاء والاحتفال برموز الإخراج السينمائى، ليس فقط الراحلون ولكن أيضًا الحاليين، وعدم انتظار مناسبة عرض فيلم لهم لتسليط الضوء على أساليبهم الفنية ومدارسهم فى الإخراج، خاصة وأن بعض هؤلاء المخرجين توقفوا منذ فترة طويلة عن إخراج أفلام جديدة.
ونحن نحتاج لأن نتعرف على فن هؤلاء المخرجين وتعريف المشاهدين بالمنسيين منهم مثل كمال عطية مخرج رائعتى "قنديل أم هاشم" و"سوق السلاح"، وكامل التلمسانى مؤلف ومخرج الفيلم الجرىء "السوق السوداء"، وحسن إبراهيم مخرج فيلم "البيه البواب.
وأتمنى أن تبتعد هذه البرامج عن الشكل الاحتفالي، وتهتم بتسليط الضوء على أفلام هؤلاء المخرجين، والقضايا التى تناقشها، والجدل الذى أثير حولها، والأساليب الفنية المختلفة التى استخدمت فى إخراجها.. وفى ذلك متعة وفائدة كبيرة للمشاهد، ووقاية من تحول الاحتفاء بيوسف شاهين إلى مولد سينمائى سنوى، يشبه مولد عبد الحليم حافظ فى الغناء.