لدي اليقين الكامل أن رجال ليبيا قادرين على إنهاء ملفات الأزمة بكل أبعادها بين عشية وضحاها وخلال جلسة واحدة إذا ما اتفقوا أن وطنهم أهم من قسمة السلطة أو الولاءات الخارجية والدولية الحالمة والطامعة فى مقدرات الشعب الليبي وثرواته، وأعتقد أنه ليس خافيا عليهم جملة الأطماع الدولية فى الموقع الجغرافى، الذي تتميز به كدولة فى شمال إفريقيا، وهل يعقل أن يبقى الخلاف حول من يحكم ليبيا فى حين أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت رؤيتها الاستراتيجية تجاه ليبيا الجديدة التي من خلالها يمكن السيطرة على كثير من موارد إفريقيا فى هذه المرحلة، ولننظر مثلا إلى مدير الاستخبارات الأمريكية، "وليم بيرنز"، والجنرال "ستيفن تاونسند"، قائد القيادة العسكرية الأمريكية فى إفريقيا، اللذين زارا ليبيا فى الأسابيع الماضية من أجل إقناع الليبيين بالإبقاء على القاعدة العسكرية فى منطقة فزان.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن كل تصريحات مساعدة وزير الخارجية الأمريكية خلال لقاءاتها مع المسئولين الليبيين تدعو إلى توحيد المؤسسة العسكرية والإعلان عن الرغبة الأمريكية فى النهوض الاقتصادي ل ليبيا بشتى الوسائل، وإذا تحدثنا عن الدور الصيني فى ليبيا، فلا بد من القول بداية إن كلا من الولايات المتحدة وروسيا والصين، وحتى بعض الدول الأوروبية الأخرى، تحلم بالاستحواذ على القدر الأكثر من ثروات الأرض الإفريقية.
لكن الصين بالمقابل صاحبة تاريخ طويل فى السعي لوضع موطئ قدم لها فى البحر المتوسط، وبالتالي فإن ليبيا وكذلك الخط الجغرافى الممتد من المغرب، وصولا إلى موزمبيق وقبلها توغو، هو الحلم الصيني الاقتصادي، الذي تسعى له بكين فى هذه المنطقة الإفريقية، وهو محور كل تحالفاتها مع روسيا التي تحاول توسيع نفوذها، إذن الملف عند هذه الدول تواجد وتحقيق مصالح على حساب الشعوب وأصبحت اللعبة مكشوفة، وبالتالي ليس أمام أهل ليبيا إلا تجميع وحدتهم للخلاص والاتفاق والمصالحة داخليا وخارجيا وأن يتم توظيف الفرص، بما فى ذلك نتائج لجنة 6+6 لإجراء الانتخابات فى البلاد، بعد توصلهما إلى تفاهم تام بشأن القوانين الانتخابية المتنازع عليها، وأن يتم تشكيل حكومة موحدة تتولى الإشراف على الانتخابات، ويسمح بالترشح للجميع فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية على أن يتم تطبيق شرط التخلي عن الجنسية الثانية والاستقالة من المنصب العسكري فى الجولة الثانية. ولكن يبدو أن أصحاب المصالح الخاصة قد اعتبروا أن كل شيء غير دستوري ومن المرجح أن تعارض الميليشيات المسلحة فى غرب ليبيا، السماح بترشح العسكر ومزدوجي الجنسية. فضلاً عن رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة إلى حكومة أخرى.
لذلك الوضع يحتاج جهدا كبيرا من دول الجوار وبصفة خاصة مصر وجامعة الدول العربية حتى إذا احتاج الأمر دعوة كل الأطراف للخروج برؤية موحدة تخرج بلادهم من حالة العقبات، التي تعترض المسار السياسى وأن يأتى صندوق الانتخابات وفق اختيارات الشعب.