إبراهيم الصياد يكشف تفاصيل اللحظات الحاسمة.. شهادة من قلب ماسبيرو

إبراهيم الصياد يكشف تفاصيل اللحظات الحاسمة.. شهادة من قلب ماسبيروثورة 30يونيو

تولى الإعلامى الكبير إبراهيم الصياد منصب رئيس قطاع الأخبار فى فترة حرجة جدا من تاريخ مصر امتدت من أبريل 2011 وحتى سبتمبر 2013، وهى فترة كانت حبلى بالأحداث الجسام فى تاريخ مصر السياسى، ومنصب رئيس قطاع الأخبار يعد من المناصب الحساسة والمهمة داخل مبنى ماسبيرو، وهناك اتصالات ضرورية بين رئيس قطاع الأخبار والعديد من الأجهزة المهمة فى الدولة.

وفي جعبة الإعلامى الكبير إبراهيم الصياد العديد من الأسرار والكواليس عن هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر، دفعته ان يوثقها فى كتاب مهم بعنوان «اللحظات الحاسمة .. شهادة من قلب ماسبيرو».

أكتوبر ذهبت إلى منزل «الصياد».. وجلسنا نستمع منه عن كواليس ما دار داخل غرفة قطاع الأخبار فى هذة الفترة الحرجة، وكيف تعامل القطاع مع العديد من الأحداث التى مرت على مصر وصولا إلى الصدام مع الإخوان..

ويكشف الصياد فى هذا الحوار العديد من الأسرار والمفاجآت التى تروى للمرة الأولى، منها أنه لم يكن يتوقع أن يصبح رئيسا لقطاع الأخبار لأنه ليس عضوا بالحزب الوطنى، وورث إرثا ضخما بعد أن فقد المشاهد المصرى ثقته فى تليفزيون بلده بسبب تغطية ماسبيرو لثورة يناير، كما واجه اعتصامات واحتجاجات فئوية، واستطاع أن يعيد المصداقية إلى الشاشة بنزول كاميرات القطاع إلى الميادين ويحكى عن كواليس هذه الفترة التى كان يضرب فيها من ينتمى لماسبيرو، كما يكشف كواليس تعامله مع العديد من القيادات الإعلامية مثل اللواء طارق المهدى وأسامة هيكل واللواء أحمد أنيس، ويكشف حجم التدخلات من الوزير الإخوانى صلاح عبد المقصود، وسر الجاسوس الذى أرسله مكتب الإرشاد للتجسس على ماسبيرو وهو من العائدين من أفغانستان.

كما تحدث فى هذا الجزء الأول من الحوار عن الصعوبات فى الطريق إلى 30 يونيو ومهزلة القسم الرئاسى ولماذا رفض ماسبيرو إلقاء خطاب إلى الأمة من المبنى، وأسرار تهديد أحمد عبد العاطى لوزير الإعلام أحمد أنيس وقتها فى مكتبه، وأسرار الحرب على قناة النيل للإخوان وراديو مصر، وأخونة المبنى وتعيين رئيس قناة صوت الشعب من الإخوان، وأسرار اقالته من منصبه قبل ثورة يونيو.. وهنا تفاصيل الحوار.

كنت رئيسا لقطاع الأخبار بالتليفزيون المصري فى الفترة من ٢٠١١ وحتى ٢٠١٣ وهى فترة كانت حبلى بأحداث جسيمة مرت بها مصر وأصدرت كتابا لتوثيق هذة الفترة الخطيرة.. ما الذى دفعك لإصدار كتاب اللحظات الحاسمة شهادة من قلب ماسبيرو؟

الصراحة لم يكن فى ذهنى إصدار هذا الكتاب إلى أن لفت نظرى بعض الأصدقاء إلى حساسية هذه الفترة من تاريخ مصر شديدة الخطورة والصعبة، وكنت شاهد عيان ومشاركا فى المسئولية، فقررت إصدار هذا الكتاب وكان لدى صديق يمتلك دار نشر فرحب بالفكرة.

كيف كان المشهد الإعلامي فى هذا الفترة؟

توليت المسئولية فى أبريل ٢٠١١ بعد الزميل عبداللطيف المناوي وكان المشهد الإعلامي انعكاسا للشارع المصري فى ذلك الوقت، كانت هناك اعتصامات ومطالب فئوية وأى مسئول فى هذا الوقت كان الله فى عونه لأنه لم يكن قادرا على تأدية عمله، جزء كبير من الوقت كان يهدر فى ترتيب البيت وحل مشكلات متراكمة، فمبنى ماسبيرو كان فى حالة غليان وكانت المظاهرات فى كل أرجاء المبنى من أول البهو تحت وفى كافة القطاعات.

ولكن.. ألم يكن مستبعداً أن تتولى منصب رئيس قطاع الأخبار؟

«ضاحكا».. كلامك صحيح لأن من يتولى هذا المنصب كان لابد وأن يكون عضوا فى الحزب الوطني فهو جواز مروره لهذا المنصب وغيره من المناصب القيادية، وبالتالى تصورت حتى لو خرجت فى ٢٠١٣ لم يكن لدى مشكلة لأن المشكلات كانت صعبة.

إذن ماذا حدث؟

كان هناك تفكير فى أسماء إعلامية كبيرة من خارج ماسبيرو لتولى هذا المنصب، وشكل عدد من الزملاء فى ماسبيرو وفدا وذهبوا لمقابلة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء وقتها، وطلبوا أن يكون رئيس القطاع من أبناء ماسبيرو وأبلغنى الدكتور سامى الشريف رئيس الاتحاد وقتها أن الدكتور عصام شرف قرر ترشيحى لرئاسة قطاع الأخبار بناءً على طلب عدد من الزملاء فى ماسبيرو، وكانت الإشكالية كيف أتولى فى هذا الوقت العصيب، ونظرا لإحساسى بالمسئولية لا سيما إننى عشت فى هذا المكان ٣٨ عاما، وافقت على المنصب، وكان أهم شىء بالنسبة لى امتصاص حالة الغليان والاحتقان داخل ماسبيرو لا سيما داخل قطاع الأخبار، وفتحت باب مكتبى للجميع، ثم تفرغت للشاشة، لأن التليفزيون المصري لم يكن فى الصورة بعد ثورة يناير والمشاهد المصري هرب من شاشه تليفزيون بلده..

توليت المنصب فى توقيت فقد فيه المشاهد والمراقب الثقة فى التليفزيون المصري بعد الكاميرا الثابتة التى كانت تنقل كوبرى أكتوبر وميدان التحرير مشتعل بالثوار فكان هناك إرثا ضخما فماذا فعلت؟

صحيح وكان هذا تحدى وبالتالى كنت أحتاج للتفرغ للشاشة وفى ذات الوقت حل مشكلات العاملين وكان عددهم وقتها أكثر من ٣٠٠٠ عامل، وفى ذات الوقت اسير فى محور التطوير وعلى هذا كنت أفكر من أين تكون البداية.

ومن أين كانت البداية؟

من المصداقية بنزول الكاميرات والمراسلين إلى الشارع المشحون ونقل ما يحدث على الهواء لاستعادة المصداقية، وبالتالى عالجت نقطة الضعف، حاولنا دخول ميدان التحرير لكن فرق العمل تعرضت لمواقف صعبة والكاميرات كسرت وطردت، وجاء اللواء طارق المهدي بعد رحيل الدكتور أسامة الشريف، ولعب دورا مهما فى امتصاص حالة الغضب ب ماسبيرو ونتيجة لعلاقته مع الثوار فى ميدان التحرير سهل لنا الدخول، ودخلت الكاميرات ونقلنا على الهواء ما يحدث، وبدأ المشاهد يشعر بتغيير ما فى شاشة التليفزيون المصري، وما عملته فى القناة الأولى وهو أخبار مصر بالإذاعة حدث فى قناة النيل للأخبار وقناة النيل الدولية والأخبار المسموعة وراديو مصر، النقطة الثانية كانت تتمثل فى أشخاص تخشى الاقتراب من رصيف ماسبيرو، لا أن تدخل ماسبيرو، من أصحاب الرأي والمفكرين، فكان القرار استضافة كافة التيارات من كافة الطوائف السياسية من اليمين واليسار والائتلافات الثورية والتيارات الإسلامية وهذا هو مفهوم تليفزيون الشعب وسرنا فى هذا المسار حتى عام ٢٠١٢ وكانت مرحلة صعبة.

لماذا؟

أيام المجلس العسكري حركة العمل كانت هادئة بشكل كبير وقطاع الأخبار كان يعمل بأريحية، وكلمة للتاريخ ولأمانة أقولها وأنا خارج المنصب، لم يكن على أي ضغوط واعترف بذلك. ولم يحدث علي أي ضغوط من المجلس العسكري فى أداء مهامى.

ألم تكن هناك توجيهات معينة أو بإذاعة مواد معينة وعدم إذاعة مواد أخرى ألم تكن هناك اتصالات؟

كانت هناك اتصالات، لكن لم تكن هناك تعليمات بعدم إذاعة أي شىء، بالعكس اللواء إسماعيل عتمان مدير الشؤون المعنوية قال لى نحن ليس لنا علاقة بالسياسة، والإعلام شغلتكم اعملوا ما يمليه عليكم ضميركم المهنى.

أريد التوقف معك عند محطة اللواء طارق المهدى عندما كان رئيسا للاتحاد، هل ظلم ام اتظلم لاسيما وإنه واجه ضغوطا كثيرة داخل المبنى وكانت لديه افكار خارج الصندوق ومع ذلك لم يستمر؟

اللواء طارق المهدي كان يفكر فى تطوير ماسبيرو مالياً، وفى ذات الوقت لم يمكث سوى ٤٠ يوما وجاء بعده الوزير أسامة هيكل، واللواء طارق المهدى كانت لديه كاريزما ساعدته فى تكوين شعبية داخل ماسبيرو.

وماذا عن محطة الوزير أسامة هيكل؟

حدثت فى عهده بعض الإنجازات مثل استديو ٢٧ وتم تشيد استديو فى الدور العاشر خلفيته النيل لأول مرة فى تاريخ ماسبيرو، كما حدثت أيضا أحداث مأساوية مثل أحداث ماسبيرو الشهيرة وعانينا نحن كقطاع الأخبار من هذا الحدث الصعب، حتى وصلنا إلى مرحلة ركوب الإخوان ومرحلة اختطاف الإخوان الثورة فى ٢٠١٢.

كانت هذه أولى محطات الطريق المهمة إلى ثورة ٣٠ يونيو؟

نعم، رغم أن الإخوان فى البداية قالوا ليس لنا علاقة بالسياسة والحكم، لكن الواقع فى الميادين كان عكس ذلك، وكنت كل يوم جمعة تشاهد شارع الكورنيش أمام ماسبيرو مليء بالاوتوبيسات من وكالة البلح حتى جاردن سيتي، كان لديهم قدرة غريبة على الحشد وكان فى كل يوم جمعة مظاهرة باسم معين مثل جمعة الخلاص وجمعة الغضب.

وكيف كان يتعامل قطاع الأخبار مع هذه المتظاهرات؟

كنت اتعامل بمهنية وأنقل على الهواء واستطعت أن أضع كاميرا فى بلكونة فندق متواضع بميدان التحرير وكانت تنقل على الهواء ما يحدث فى الميدان، وأي أحداث أخرى تحدث كنت أقسّم الشاشة وهنا لابد وأن أشيد بدور قطاع الهندسة الإذاعية برئاسة اللواء حمدى منير، لما بذله من جهد جبار معى وتلبية كافة طلبات القطاع، وضع كاميرا فى الدور ٢٤ بالمبنى ووصلها بالاستديو ومزودة بعدسة تقرب الأحداث، وكنت أنقل من خلالها شارع رمسيس والإسعاف ودار القضاء العالي وكأنى انقل من هناك حتى حريق اتحاد الكرة بالجزيرة استطعنا تغطيته.

وكان هناك تفاهم بينى وبين عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون آنذاك ومن بعده شكرى ابو عميرة رئيسا. فى الحقيقة الإخوان قفزوا على السلطة من خلال الانتخابات البرلمانية وكان وقتها وزير الإعلام اللواء أحمد أنيس والحقيقة أوجه له التحية لأن هذا الرجل صاحب مواقف مشرفة وهو رجل المهام الصعبة وتعاونت معه إلى أبعد الحدود، وجاءت لى فكرة عرضتها على الوزير أحمد أنيس بأن نعمل قناة تواكب البرلمان الجديد وتنقل الجلسات على الهواء باسم صوت الشعب، فسألنى أنيس وهل هيوافقوا؟ قلت له نجرب.

وكان يقصد من بالموافقة؟

الإخوان، فهم من كانوا يسيطرون آنذاك على المجلس برئاسة الكتاتنى، وشرعت فى عمل مشروع القناة وتفاصيلها وعرضتها على الوزير ووافق صوت الشعب، وبدأت تنقل من البرلمان مباشرة والإخوان فى البداية خافوا واعترضوا.

وماذا كان وجه الاعتراض؟

لو عدت لنقل جلسات البرلمان من أيام مبارك وفى زمن أستاذنا سمير التونى رئيس قطاع الأخبار وقتها كانت تكون مسجلة ويتم عمل مونتاج ويستبعدون ما يرونه ويذيعون ما يريدون، بينما هنا فى صوت الشعب أنقل على الهواء، «على عينك يا تاجر». لدرجة هناك نواب اعترضوا وقرر رئيس مجلس الشعب «الكتاتنى» عمل تصويت ووافقوا على النقل على الهواء، إذن أخذنا شرعية النقل على الهواء وكان هدفى تقييم الأداء البرلماني لممثلي الشعب، وكشفنا عوراتهم وكوارث أدت إلى رفع قضية ضد هذا المجلس واعتبار الانتخابات غير دستورية، وتم حله.

فى الحقيقة شاهدنا مهازل منها نائب الأذان والقسم؟

صحيح كشفنا كوارث من هم نائمون ويأكلون ومهزلة القسم ومن يتحدثون مع بعض، مهازل كثيرة.

وهل كان هناك تدخل من البرلمان فى عملك كرئيس قطاع الاخبار؟

الحقيقة أن اللواء أحمد أنيس وزير الإعلام كان حائط صد لى وللقطاع.

وكيف كان شكل العلاقة بينك وبين اللواء أنيس؟

كان هناك تفاهم وكان يثق فى جدا، لدرجة عندما قرر الاخوان تقديم مرشح منهم لرئاسة الجمهورية، وبدأوا يشتغلون فى هذا الاتجاه بإصرار اتصل بى اللواء أنيس لأصعد إلى مكتبه، وكان موجودا فى مكتبه اثنان أول مرة أراهم، هما الدكتور ياسر على الذى أصبح فيما بعد المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية وهو مهذب جدا، والثانى أحمد عبد العاطي سمج جدا وكان يتحدث مع الوزير بعنجهية وبطريقة مستفزة قائلا «احنا عايزين نعرف الإعلام شغال ازاى».

متى كانت هذه الواقعة؟ وما صفتهم للتحدث مع وزير الإعلام بهذا الشكل؟

كان هذا بعد مرسى وتحدث معهم الوزير وشرح لهم دورة العمل.

هل كانت زيارة للشكوى من إعلام ماسبيرو؟

لا .. كان الهدف من الزيارة توصيل رسالة «احنا اهوا وخلوا بالكم» إن الإعلام سيكون من خلالنا.

وكان هذا أول طريق أخونة ماسبيرو؟

نعم المهم بعدما خرجا من مكتب الوزير قلت له «معالى الوزير «كأن لم يكن» والناس دى جايه تشكل علينا وانسى كلامهم»، المهم جاءت فترة الانتخابات الرئاسية .

وكيف تعامل القطاع مع هذا الحدث المهم؟

فترة الانتخابات الرئاسية كانت فترة التعددية وعملنا برنامج «الرئيس القادم» وكان هناك حوالى ١٣مرشحا منهم مرشح اعتذر وصلوا إلى ١٢ مرشحا كان كل مرشح يأتى ماسبيرو ليسجل فى البرنامج ليشرح أفكاره وبرنامجه فى التليفزيون المصري ونقلنا على الهواء الانتخابات فى كل المحافظات واعلنت نتيجة الانتخابات على الهواء، حتى اجتماع نادي القضاة عندما عزل المستشار عبد المجيد محمود وجاءوا بنائب آخر هو طلعت عبد الله تم نقلها على الهواء أيضا فى قناة النيل للأخبار، وانتهت النتيجة بالإعادة بين شفيق ومرسى.

وكيف تعاطيتم مع الإعادة بين شفيق ومرسى؟

ذهبت إلى الوزير واقترحت عمل مناظرة بين الاثنين، سأل الوزير هل هيوافقوا، قلت نجرب، وكنت أهدف إلى كشف فكر المرشح وعندما يلتقي الاثنان سيكتشف الناخب فكر كل منهما، ووافق الوزير واقترح أن يتم الاستعانة بالكاتب الصحفي مصطفى بكرى لتقديم المناظرة، وتواصلت مع مستشارى الحملتين، وحضر الى مكتبى ممثلين عن حملة مرسى بأن هذا سيكون شكل ديمقراطى وسنتجنب أخطاء مناظرة أبو الفتوح وعمرو موسى، والغريب فى الجالسين معى من حملة مرسى، كان هناك شخص صامت ولا يتحدث فسألته أريد أن أسمع رأيك، هذا الشخص هو صلاح عبد المقصود الذي أصبح فيما بعد وزير الإعلام، ابلغوني أنهم سوف يردوا على، ونفس الأمر بالنسبة لحملة شفيق، وكانت النتيجة حملة مرسى اعترضوا على اسم مصطفى بكرى، والأمر الثاني أن مرسى متخوف من عدم وجود عدالة فى المناظرة وبالتالي نرفض المناظرة، الخطأ الذي وقع فيه شفيق وللتاريخ انه رفض، رغم اننى كنت أتوقع أن شفيق لو وافق كان سيكون الرئيس، وإن كنت اعتقد انه هو الرئيس الشرعى لمصر من يونيو 2012 وليس مرسى.

الجدل حول فوز شفيق وتغير النتيجة لصالح مرسى أصبحت من التساؤلات التى لا إجابة قاطعة عنها حتى الآن.. هل يمكن أن تعلن الحقيقة بحكم قربك من مصادر مطلعة وحساسية منصبك آنذاك؟ نريد منك معرفة كواليس ما دار قبل إعلان النتيجة؟

يوم إعلان النتيجة كان القطاع ينقل من مقر هيئة الاستعلامات بمدينة نصر وكان الوقت المحدد الثالثة عصرا وتأخر الإعلان حتى بعد الرابعة، وفى حدود الساعة الثانية ظهرا وصلني اتصال من شخص ما بأن النتيجة لصالح شفيق، والحرس الجمهوري تحرك إلى مقره لاستلام المكان وتأمينه، وفى الساعة الرابعة إلا ربع، كلمني الصحفي ثروت شلبي من مقر هيئة الاستعلامات، وأكد لي فوز مرسى بالمنصب، والساعة الرابعة ودقائق نقلنا النتيجة بفوز مرسى، السؤال ماذا حدث وماذا دار؟ أعتقد أن النتيجة تغيرت.

وكيف كانت كواليس الاستعدادات بعد إعلان مرسى رئيسا؟

كانت الاستعدادات لمراسم حلف اليمين «القسم» ، أرسلنا سيارة إذاعة خارجية إلى المحكمة الدستورية العليا، وفوجئنا بأنهم يريدون أن تكون الكلمة مسجلة وليست على الهواء، ابلغني المخرج بأنه تم إغلاق الكاميرات، وكان فى نية مرسى بعد ان ينتهي من القسم بالمحكمة الدستورية يذهب إلى ميدان التحرير ويلقى القسم أمام الجماهير ثم نذيع بعد ذلك مراسم القسم فى المحكمة الدستورية، واتصلت بي المستشارة تهاني الجبالى وأبلغتني بأن هيئة المحكمة ترفض تسجيل مراسم القسم ولن تتم اجراءات القسم اذا لم تذاع على الهواء مباشرة وكلمنى الاستاذ ايمن الحبال رئيس قطاع الأخبار الحالى بأن الإخوان رجعوا فى كلامهم وسيتم البث على الهواء، ثم كان القسم الثاني فى ميدان التحرير ونقلنا ذلك على الهواء، وكان المتفق بعد إعلان القسم أن يأتى الرئيس إلى ماسبيرو يلقى أول خطاب إلى الأمة من استديو 11 وجهزته له البوديوم وكل المستلزمات، أبلغوني أنه سيخرج من المقطم، سألت يعنى أيه من المقطم؟!، ففكرت يعنى مقر مكتب الإرشاد ليأخذ التعليمات من المرشد، واتصلت بهم مرة أخرى قلت لهم «يعنى مفيش خطاب للأمة يا اخوانا «قالوا لى «هنبلغك»، وحوالى الساعة الخامسة مساء كلمنى أحد الزملاء وكانوا يصورون معه فى التحرير قائلا لى أنه سيلقى كلمة إلى الأمة من استديو التليفزيون فى المقطم، والحقيقة أن استديو المقطم غير مجهز كاستديو برامج، جهزت سيارة بديلة وأرسلت فيها البوديوم التى سيلقى من عليه ولدرجة لم يكن هناك علم فى الاستديو وأرسلت علم مكتبى ليظهر ورائه، وألقى خطابه الشهير، وكان أول وأخر خطاب لمرسى على الهواء لأنه لم يظهر على الهواء بعد ذلك إلا فى المؤتمر السري الخاص بسد النهضة فى 4 يونيو 2013، وللعلم مرسى وجماعته عندما يظهرون على الهواء تحدث كوارث.

وكيف كانت الأجواء فى ماسبيرو عندما تولى مرسى الحكم؟

لم يكن يعنينا إخوان أو عدم إخوان بقدر أن «مصر داخلة على مرحلة صعبة، والناس فى ماسبيرو كانوا يتعلقون باى شىء ينقذهم من حالة الاحتقان ويأخذون حقوقهم السابقة».

كنت مراقبا ومسئولا.. بصراحة هل وصل قطار الأخونة إلى ماسبيرو؟

قلت لك سابقا أن ماسبيرو انعكاس لما يحدث فى الشارع المصرى، كان هناك إخوان فى ماسبيرو، وكان هناك متعاطفون معهم، وكان هناك «المتأخونيين»، أحد العاملين بالقطاع جاء الى مكتبى واخرج لى كارنيه الحرية والعدالة قائلا لى إن هذا هو الحزب الوطني الحالى، فأنا رصدت تنامى التيار الإخوانى داخل ماسبيرو وانكشفت خلايا كانت نائمة، وكانت موجودة، لكن التيار الذى كان ضد الاخوان كان أقوى، وهنا لا بد من وضع أكثر من خط تحت ذلك، لأنهم لو كانوا أقوى لما نجحنا فى 30 يونيو، ثم وصلنا الى مرحلة الـ 100 يوم التى أعلنها مرسى.

كانت الـ 100 يوم الأولى فى حكم مرسى أحد كوارث الإخوان؟

صحيح لاسيما وانهم حددوا عدد من القضايا الجسيمة وكان الوعد بحلها فى فترة الـ 100 يوم الأولى من حكمهم منها قضايا مثل: الأمن، الوقود، الخبز، النظافة والمرور، ولم يحل منها شيء .

إعلام الدولة الرسمي ومنه قطاع الأخبار كان هدفا على لوحة تنشين الإخوان، عندما تولى مرسى الحكم، بصراحة قطاع الاخبار كان يتلقى تعليماته من قصر الاتحادية أم من وزير الإعلام أم من رئاسة الاتحاد وكيف كنت تتعامل مع هذه التجاذبات والتناقضات؟

بصراحة قطاع الأخبار كان يتبع اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ولم نكن نتبع أحد سوى رئاسة الاتحاد.

وهذا تأكيد بأنهم كانوا ينظرون إلى ماسبيرو والإعلام الرسمى نظرة ثأر وكراهية وكان هدفا على لوحة التنشين؟

ليست كراهية فقط، بل كنا بالنسبة لهم «مش معاهم» وطالما مش معاهم «مش هنفذ اللى هم عايزينه» رغم اننا كنا فى قطاع الأخبار نعمل بمهنية شديدة، وكنت أقول كلمة لأبنائى فى القطاع «المهنية هى من ستحميكم من بطش الإخوان».

ماذا عن التدخلات التى كانت تحدث فى محتوى الشاشة، وماذا عن ال اتصالات التى كانت تصلكم منهم؟

أول حاجة قاموا بها أنهم أرسلوا لنا جاسوسا من مكتب الإرشاد ليقيم فى الدور الثامن، ويضحك «الصياد» قائلا كانوا بيقولوا عليه «المستشار وأنا مش عارف مستشار فى إيه؟! وعرفت بعد ذلك أنه أحد العائدين من افغانستان.

تقصد أحمد عبد العزيز؟

«ضاحكا» بالضبط، أحمد عبد العزيز حاول أن يدخل أنفه فى كل شىء، لدرجة أن مدير راديو مصر الإعلامي ماهر عبد العزيز أصيب بأزمة قلبية من كثرة تدخلات هذا الجاسوس، وكان الكاتب الصحفي محمد على خير يقدم برنامجا على راديو مصر، وحاول أحمد عبد العزيز وكان يسعى لإيقاف محمد على خير بأي طريقة، كانوا يريدون أن يستبدلونه بمذيع آخر إخوانى يقدم البرنامج .

وماذا عن تدخلات الوزير الإخواني صلاح عبد المقصود؟

عندما جاء عبد المقصود حاول التدخل بكل الطرق، وبدأ يدخل عناصر إخوانية ويرشحها للمناصب القيادية، ومنها شخص إخوانى حاول أن يعينه رئيسا لقناة صوت الشعب.

هذا الشخص الذي حاول عبد المقصود فرضه.. هل كان من خارج المبنى؟

كان من داخل قطاع الأخبار وأنا رفضت أن يتولى رئاسة قناة صوت الشعب، والوزير صلاح عبد المقصود هو من وقع على قرار توليه رئاسة القناة ولم أوقع على قرار توليه رئاسة القناة، وفى قناة النيل للأخبار زرع عناصر إخوانية منهم شخصان أحدهم من خارج المبنى من إحدى الصحف والثانى إخوانى من القطاع، وبدأ يدخل عناصر فى المبنى من الجماعة؟

لماذا تركك فى منصبك وهو يعلم إنك مش معاهم؟

لأول مرة اذكر هذا الكلام، وقبل أن أرحل من منصبي وقع صلاح عبد المقصود على قرار إعفائى من رئاسة قطاع الأخبار.

متى؟

في العشر الأواخر من شهر يونيو.

وما الأسباب؟

إننى لا اسمع الكلام، وحصل قطيعة بيننا، لدرجة إنه فى احدى المرات قال لى «إنت ليه مبتكلمنيش» فقلت له «حضرتك انا لا استطيع ان أتجاوز رئيس الاتحاد».

ما شكل التدخل من عبد المقصود؟ ماذا كان يطلب وأنت كنت ترفض؟

كان يضع قناة النيل للأخبار فى دماغه بسبب المحتوى الذى تقدمه وأيضا راديو مصر، فيما يتعلق بقناة النيل للأخبار، كان الاعتراض على الضيوف الذين يتم استضافتها على شاشتها، وكان يرسل لى أسماء إخوانية لاستضافتها، وأنا «مش مسئول عن أسماء إخوانية ضعيفة، لكن أنا أحضر أسماء ضيوف يستطيعون الحديث ويظهر العوار فى الجانب الاخوانى ويكشفهم، أنا هنا كنت اطرح الموضوع بشكل مهنى».

وكيف كانت ردة فعله على رفضك وعدم تنفيذك التعليمات؟

ترتيب الأخبار فى النشرة مثلا وتأخر أخبار الرئاسة مثلا، خد بالك هى ليست طلبات صلاح عبد المقصود بل هي طلبات المستشار «أحمد عبد العزيز» وفى إحدى المرات، اعترض «عبد العزيز» على طريقة نطق اسم وصفة رئيس الدولة قائلا «انتو بتقولوا الرئيس محمد مرسى» قلت له «نعم ما الاعتراض» اعترض قائلا «لا .. المفترض يقال الرئيس الأستاذ الدكتور محمد مرسى» قلت له «يا رجل هل هذه مهنية»، قال لي هذه هي المهنية، قلت له هل يوجد هذا فى زعماء العالم، شوفها فى أي دولة فى العالم وأنا اعملهالك، كنت دائما فى صدام معه، حاول أن يصل للشباب فى صالة التحرير فى غرفة الأخبار، وكانوا هيضربوه وصعدت إلى مكتب الوزير، وقلت لهم أنا مش مسئول عن أمن هذا الرجل لو ضرب»، وكان أحد الأمور التي كانت مثار شد وجذب بيني وبين صلاح عبد المقصود.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2