المخاطر الإلكترونية تهدد التماسك المجتمعي

المخاطر الإلكترونية تهدد التماسك المجتمعيدكتور يحيى هاشم

الرأى22-6-2023 | 09:59

إن استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية المتعددة، ودخول العالم الافتراضي للفضاء السيبراني بدون وعي وخبرة مسبقة، يشكل تهديداً حقيقياً على التماسك المجتمعي ويؤدي إلى هدم وتفكيك المجتمع، مما يجعل وسائل التواصل الاجتماعي آلية مهمة من آليات هدم وتفكيك المجتمعات.

وتتعدد أشكال المخاطر الإلكترونية التي تؤثر على التماسك المجتمعي والتي يجب أن نكون على علم بها حتى نتمكن من التصدي لها، لأنه في كثير من الأحيان يكون التعامل إلكترونياً مع أسماء وهمية وكيانات لا وجود لها في الواقع، وإنما هي أسماء وكيانات افتراضية تبث الأفكار وتطرح الموضوعات التي من شأنها هدم وتفكيك المجتمع.

كما تمثل ال ألعاب الإلكترونية خطورة كبيرة في محو القيم والعادات والتقاليد الراسخة في المجتمع، واستبدالها بعادات سلبية تهدم قيم المجتمع وتمحو تقاليده الراسخة، فهناك ألعاب توجه للأطفال يكون البطل في اللعبة هو اللص وكلما سرق أكثر وتمكن من الهروب من الشرطة، كلما حصل على نقاط وحوافز وجوائز أكثر.

وهناك ألعاب إلكترونية تشجع على ارتكاب جرائم القتل والاعتياد على السلوك العنيف تجاه المجتمع، وتجعل السلوك العدواني الهجومي هو السلوك المعتاد وخاصة لدى الشباب، وتعد هذه ال ألعاب شبكة لاصطياد وتجنيد العناصر التي تلفت نظر من يدير اللعبة ويتابعها إلكترونياً، لكي يختار فرائسه بسهولة تامة وفقاً لخطة مُحمكة لكي يضم إرهابياً جديداً.

ومن المخاطر الإلكترونية التي تهدد التماسك المجتمعي أيضاً، نقل المعلومات عن كافة تفاصيل الحياة العامة والخاصة إلى أجهزة الاستخبارات الخارجية التي تحترف جمع المعلومات وقياس الرأي العام عبر هذه الوسائل التكنولوجية المتعددة، وتقوم من خلالها بعمل التحليل الرباعي للمجتمع لمعرفة عناصر القوة التي يتم توجيه الضربات لها، وعناصر الضعف التي يوضع لها خطط لكي تزيد في المجتمع، وكذلك تحديد المخاوف التي توقف تنفيذ هذه المخططات لإزالتها ووصر الفرص المتاحة لهدم وتفكيك المجتمع.

بالإضافة إلى الاستخدام المبهر للصورة والألوان والصوت عبر الوسائل التكنولوجية المختلفة، مما يجعلها تؤثر بقوة في خلق صورة ذهنية وهمية غير حقيقية تشكل رأي عام معين ضد أو مع أي قضية من القضايا المجتمعية.

وتعد هذه الوسائل التكنولوجية أسهل وسائل لنشر الشائعات التي من شأنها خلق روح اليأس والإحباط داخل المجتمع تجاه ما يتم من إيجابيات مما يؤدي إلى هدم وتفكيك المجتمع.

علينا أن ندرك جيداً أن الذكاء الاصطناعي رغماً عن أنه آلية هامة من آليات التكنولوجيا في العصر الحديث، إلا أنه يرصد الاهتمامات التي يبحث عنها مستخدمو هذه التكنولوجيا، وبالتالي يرسل لهم دائماً في مقدمة محركات البحث ما يحتاجون إليه من معلومات بالشكل الذي يحقق أهدافهم لهدم وتفكيك المجتمع.

لن نستطيع أن نمنع الناس من استخدام الوسائل التكنولوجية المتعددة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يمكننا أن نعمل على زيادة الوعي المجتمعي بكيفية التعامل مع هذه الآليات الجديدة بما يحافظ على تماسك المجتمع من خلال برامج توعية وتدريب توجه لمختلف الفئات العمرية والشرائح المجتمعية، بما يتناسب مع إمكانياتها لنحقق نتيجة إيجابية.

إننا نحتاج إلى استراتيجية وطنية لزيادة الوعي المجتمعي، ليس فقط للمخاطر الإلكترونية التي تهدد تماسك المجتمع بل تشمل الوعي الشامل بآليات هدم وتفكيك المجتمعات والتصدي لها، ويشارك فيها علماء الاجتماع بشكل أساسي مع خبراء تكنولوجيا المعلومات وخبراء الأجهزة الأمنية، لكي نتمكن من التصدي الفعال لكل هذه التهديدات.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2