للصفا والمروة مكانة كبيرة في تاريخ المسلمين وقيمة جليلة، فالسعي بينهما واجبٌ على جميع الحجاج والمعتمرين؛ وركنٌ من أركان الحج والعمرة، يؤديه الحاج والمعتمر بعد الطواف بالكعبة المشرفة.
ويجسّد السعي بين الصفا والمروة مقصداً من مقاصد التعاليم الإسلامية السمحة، التي تدعو للتفكر والتدبر في المناسك الفضيلة لشعيرة الحج والعمرة، وهو الأمر الذي يتجلى في تغذية الروح البشرية بالإيمان والتقوى والتضرع لله عز وجل.
ويعود أصل السعي إلى إبراهيم عليه السلام حينما ترك زوجته هاجر وابنه إسماعيل عليه السلام في بقعة خالية من صحراء الجزيرة العربية، استجابة للأمر الرباني، ومن هنا بدأت سلسة الحدث التاريخي، حيث سعت هاجر بين الصفا والمروة، بحثاً عن الماء والحياة، ولذلك يسعى ملايين المسلمين على أثرها اليوم، طلباً للأجر والثواب.
وعلى مدى ثلاثة عشر قرناً، ظل المسعى فراشه التراب وسقفه السماء، وكان الصفا جبلاً مرتفعاً، وعند نزول الساعي منه إلى الوادي، يهرول حتى يتجاوزه، وهي العلامات الخضراء، التي يركض الساعي عند رؤيتها، اقتداءً بفعل أم إسماعيل، وفي الوادي، السوق الوحيدة المنتظمة في مكة، ومن شدة الزحام على الباعة، كان الناس يجدون صعوبة في سعيهم بين الصفا والمروة.
وقد أُزيلت الدور والدكاكين التي كانت تضايق الساعي، ليصبح المسعى أطول رواق من نوعه في العالم، وذلك بطول يصل إلى 394م وعرض 20م، ودمج مع المسجد الحرام لأول مرة من الناحية الإنشائية والمعمارية، ويبلغ ارتفاع المسعى 11.75م ومجموع أبوابه 16 باباً، ويطل على المسجد القديم من خلال 7 فتحات و 228 شباكاً للتهوية، كما تم تبليط منحدرات الصفا والمروة بترابيع رخام مُقسم، حتى لا ينزلق الحجاج أثناء السعي، ويحتوي المسعى على ممر للأشخاص ذوي الإعاقة، ومسعى خاص للعربات الكهربائية، وخلال موسم الحج يسعى 600.000 ألف حاج بين الصفا والمروة يومياً، وهذا يعني أن حوالي 1.800.000 ألف حاج يمكنهم أن يؤدوا السعي في أيام التشريق الثلاثة.