ما الذي حدث في الأيام الأخيرة قبل 30 يونيو 2013؟!.. ولماذا وُصف مرسي بأنه كان أحد أسباب الثورة؟!.. وكيف كان الإخوان يخططون لإجهاض الثورة وكيف فشل مخططهم؟!..
إجابات تلك الأسئلة وغيرها من الإجابات والمفاجآت، ستجدونها في الحلقة الثانية من حوار الكاتب الصحفي والإعلامي الكبير النائب مصطفى بكري والذي حلَّ ضيفًا على صالون « مجلة أكتوبر وبوابة دار المعارف الإخبارية» ليكشف لنا الكثير من الأسرار عما دار بالغرف المغلقة داخل مكتب الإرشاد وخلال اجتماعات قيادات جماعة الإخوان، وأيضًا ما دار بقصر الاتحادية ومؤسسة الرئاسة، ولماذا كانت كل الطرق تقود إلى ضرورة الإطاحة بحكم المرشد؟!
وكان النائب مصطفى بكري قد كشف لنا في الحلقة الأولى من الحوار، خطة الإخوان لاختطاف الوطن وإسقاط رموز ومؤسسات الدولة، وكيف تصدى لهم الأزهر والقضاء والمثقفون؟! وكشف أيضًا لماذا أصر الإخوان على عزل النائب العام الأسبق المستشار عبد المجيد محمود؟!
ويستكمل «بكري» حواره ومفاجآته وكشف الأسرار، ويوضح سر هجوم الإخوان المستمر على الدكتور كمال الجنزوري واللواء محمد إبراهيم، ويكشف كذلك سر إصرار الفريق أول عبد الفتاح السيسي عدم الترشح للرئاسة، ومَن الذي قام بإقناعه للعدول عن الرفض والترشح للرئاسة، وأسرار وكواليس أخرى يرويها النائب مصطفى بكري في الأسطر التالية..
نتذكر معا أوقاتًا تاريخية مع مصر الجديدة وخروجها من النفق المظلم الذي رسمه لها أعداؤها.. متى كانت البداية؟
فى ظل هذه العتمة وهذا الظلام، والجميع خائف أن تدخل البلاد فى نفق مظلم ولا نستطيع الخروج منه، فى ظل كل هذا، يقول القائد العام للقوات المسلحة فى احتفال بذكرى تحرير سيناء أن مصر «أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا»، فهذا الكلام بعث فينا الأمل، ووقف محمد فؤاد يبكي وأحمد بدير يبكي، «كلنا كنا عايزين مصر ترجع تاني بلدنا، حاسين إننا كنا غرباء وإن مصر بلدنا بتضيع مننا والأسرة بتكره نفسها»، حدث انقسام فى المجتمع غير عادي، وحرب كراهية غير عادية بين كل الأطراف، وحرب ممنهجة ضد الجيش والشرطة والوطن نفسه، حرب ممنهجة هدفها إن يصل الشعب المصري إلى مرحلة اليأس والاستسلام الكامل لجماعة الإخوان.
كلمات القائد العام فى هذا الوقت منحتنا الأمل وعودة الروح لنا، فى هذه الفترة التاريخية الصعبة، وبعد ذلك حدث اجتماع تفتيش فرق فى دهشور وكان فيه رسائل متعددة «فيه ناس فهمتها وناس مقدرتش تفهمها»، إلى أن بدأنا ندخل فى شهر يونيو 2013.
بدأت حركة المثقفين يوم 14 مايو 2013 بالاعتراض على علاء عبد العزيز وزير الثقافة الإخواني، وأخونته للوزارة وقطاعاتها المختلفة، والاعتصامات بدأت ضد الجماعة من يوم 2 يونيو وشوفنا جموع المثقفين وهم يذهبون للاعتصام.
والقضاة المصري هو الآخر بدأ فى التصعيد، وكان اعتصام القضاء أيضا فى بداية شهر يونيو والمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة له موقف تاريخي لا يمكن أن ينسى، ذهب إليهم وقال لهم هانت وكان المؤتمر الدولي الذي عقد فى مصر فى الفور سيزون وحضرته العديد من المنظمات القضائية الدولية اعتراضا على حصار المحكمة الدستورية واستمرار عزل النائب العام عبد المجيد محمود، وظهرت حركة تمرد وبدأت جبهة الإنقاذ تفض لقاءاتها مع محمد مرسي فى هذا الوقت وسمعنا عن اللقاء بين خيرت الشاطر وعمرو موسى والذي تم بترتيب من أيمن نور.
كانت الأوراق فى هذه الفترة مختلطة والمسارات غير محددة، ولكن الشعب المصري كان على قناعة كبيرة بأن الوقت قد أزف، ولذلك أطلقت دعوة أن نلتقي فى 30 يونيو.
فى البداية استهانت الجماعة ومكتب الإرشاد بكل هذا، من هؤلاء الذين يمكنهم الثورة ضد نظامهم فى 30 يونيو «وشوفنا فى 15 يونيو كيف خرج محمد عبد المقصود وغيره بتصريحاته بأن الراغبين فى الثورة ضد الاخوان هم «رافضة» وحرض عليهم»، كما حرض على الشيعة أيضا وحدثت جريمة أبو مسلم وتم قتل 4 من الشيعة بينهم القيادي الشيعي حسن شحاتة الذي كان مسئولا عن الشيعة فى هذا الوقت، ورأينا كذلك تصريحاتهم النارية والتحريضية بالصالة المغطاة ضد من سيخرجون فى ثورة 30 يونيو.
كيف كان موقفك ومشاركتك فى تلك الأحداث عن قرب؟
فى هذه الفترة جاءني شخص يعرف جيدا موقفى من جماعة الإخوان وأحضر لي وثيقة تقول بأنه سيتم إعلان حالة الطوارئ فى البلاد خلال ثلاثة أيام والخطة كاملة التي تستعد الجماعة لتنفيذها ومنها موضوع المصالحات والتي كان محمد مرسي قد تحدث عنها ووصى أبو العلا ماضي إنه يجتمع مع السيد البدوي وحمدين صباحي وآخرين من أجل ذلك.
وكانت الخطة التي أحضرها لي هذا الشخص، تقول إن أبو العلا ماضي ومحمد البلتاجي سيجتمعان بتكليف من الجماعة مع السيد البدوي أو حمدين صباحي ويبحثون فى موضوع المصالحة وستدخل عليهم مجموعة دون أن يعرف الثلاثة من هم لأنهم سيكونون ملثمين، فيعتدون عليهم ويخطفون الثلاثة ويذهبون بهم إلى مكان مجهول ثم يجري تصويرهم ونشر هذا الفيديو على الإنترنت ويقول الملثمون الثلاثة المجهولون: نحن خطفنا هؤلاء وننوي أن نفعل بهم كذا وكذا.. وبعد نشر الفيديو سيقوم بواب العمارة الموجود بها هؤلاء الخاطفون والثلاثة المختطفون بإبلاغ الشرطة وتقوم بعملية لتحرير الثلاثة بالقوة حتى لو أصيب أحدهم دون أن يعرف الثلاثة المختطفون أو الشرطة من هم الملثمون الذين اختطفوهم وذلك لإشعال الفتنة وإلصاق العملية بمن يشاءون، واتخاذها مبرر لإعلان حالة الطوارئ.
هذه الخطة كان يتم إعدادها والاستعداد لتنفيذها بمعرفة الخلايا النوعية بجماعة الإخوان ووصلتني الخطة فقمت بإبلاغها للجهات المعنية وتم الاتفاق على أن يتم إذاعة هذه الخطة، وبحثنا من يمكنه إذاعة هذه الخطة، وتم اختيار الإعلامي توفيق عكاشة فكلمت صحفية اسمها ريهام نعمان وقلت لها أنني أريد مقابلتها وأرسلت لها شخص وأبلغتها أنني أريد منها أن تسلم هذه الخطة إلى توفيق عكاشة، فسألتني عما بها ولكنني أخبرتها أن تسلمها له دون أن تطلع عليها، وبالفعل سلمتها له، والذي ظل يشوق الناس بأنه عثر على خطة كبيرة وخطيرة وظل البرومو يتكرر والناس تنتظر، حتى جاءت الساعة 12 مساء موعد إذاعة الحلقة وقام توفيق عكاشة بإذاعة الخطة كاملة.
وما هو رد الجماعة بعد أن تم الكشف عن خططهم السرية؟
ثار الإخوان وبدأ التحقيق فى داخل الجماعة، كما علمت من مصادر بها، لمعرفة كيف تسربت هذه الخطة، وهكذا أحبطنا حالة الطوارئ التي خططت الجماعة لإعلانها، لأنهم كانوا سيعلنون أن هناك عمليات خطف وإرهاب حدثت لرموز المعارضة والجماعة كانوا يسعون للصلح معهم ثم يتم إعلان حالة الطوارئ والقبض على عدد كبير من النشطاء المعارضين للإخوان وأيضا عزل وزير الدفاع ووزير الداخلية.
وفى الحقيقة هذه الخطوة الجريئة من توفيق عكاشة بإذاعة الخطة كاملة دون خوف من الجماعة وإرهابها يجعلنا مدينين له بإفساد مخطط الجماعة ومؤامرتها لإعلان حالة الطوارئ واعتقال المعارضين والتنكيل بهم.
ما هو دور وزير الداخلية محمد إبراهيم فى هذا التوقيت الصعب من حكم الإخوان لحماية البلد والأمن والاستقرار؟
يوم 15 يونيو كلموني فى نادي الشرطة وذهبت لحضور لقاء مع مجلس إدارة النادي برئاسة اللواء صلاح زيادة، وهو اللقاء الذي اتفق ضباط الشرطة على أنهم لن يتورطوا فى حماية مقرات الإخوان وأنهم سيقومون بحماية المتظاهرين، وهذا ما قاله اللواء محمد إبراهيم فى اجتماع مجلس الوزراء، فثار عليهم مجلس الوزراء الإخواني، وبدأنا نرى هجوم من رموز اخوانية ضد الوزير اللواء محمد إبراهيم من نوعية «انت لازم تتعزل.. انت لازم تتطهر مع اللي هيتطهروا من ضباط الشرطة».. وغير ذلك من التهديدات والتصريحات الهجومية ضد اللواء محمد إبراهيم.
وجاءت حركة المحافظين فى هذا الوقت وقد كشفتها قبل إعلانها الرسمى ونشرتها كاملة «واتجننوا ازاي نشرتها وبدأنا نشوف محافظات بتثور على محافظين» وبدأ الاخوان يتخبطون فى هذا الوقت يوم 19 يونيو كلمني اللواء علاء أحمد من وزارة الداخلية، وأخبرني أن اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية يريد لقائي وذهبت له بالفعل وجلسنًا معًا لمدة ساعتين، وتناقشنا فى العديد من الأمور، وأخبرني أن الشرطة لن تتورط مع الإخوان ضد المتظاهرين، وسألته هل يوجد تنسيق مع الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع فأكد لألي أنه يوجد تنسيق بالفعل، وأخبرته أن هذه المظاهرات هتكون شعبية عارمة فأخبرني أنهم يتوقعون ذلك ومستعدون له.. وللتاريخ فوزير الداخلية محمد إبراهيم لعب دورا مهما لحماية البلد والأمن والاستقرار.
كيف كان تعامل الفريق عبد الفتاح السيسي وقتها مع الجماعة وتلك الأحداث؟
يوم 22 يونيو، الفريق عبد الفتاح السيسي اصطحب مجموعة من قادة الجيش منهم اللواء صدقي صبحي، رئيس الأركان، واللواء محمود حجازي مدير المخابرات الحربية، وقادة الأفرع الرئيسية، وذهبوا إلى قصر القبة والتقوا بمحمد مرسي، وهو لقاء تحدث عنه بعد ذلك الفريق السيسي، جلسوا مع مرسي 3 ساعات ونصف ساعة، منها ساعة ونصف عرض فيها اللواء محمود حجازي تقدير موقف يتضمن مقترحات وحلول للأزمة مثل إلغاء الإعلان الدستوري وتعديل الدستور والاستفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو إجراء الانتخابات وأنه لو فعل تلك الإجراءات فالأمور ستصير طبيعية.
ولكن مرسي بعدما استمع إليهم قال لهم: دعكم من هذا الكلام وانتم هتدربوا الجيش السوري الحر!.. فأدرك الفريق السيسي أن مرسي لا يهتم ولا يقدر الأزمة التي ستدخلها البلاد ومشغول بأمور أخرى غيرها.
يوم 23 يونيو كان فيه ندوة تثقيفية تكلم فيها الدكتور عبد المنعم السعيد والدكتور محمود أبو زيد، ود. عبد المنعم السعيد حذر من خطورة الوضع السياسي المحتقن بالبلاد وضرورة إيجاد حلول لهذه الأزمة، وبعدما خلصنا المحاضرة دخل الفريق السيسي إلى الصالون مع القادة العسكريين وسألهم عن الكلام الذى قاله محمد مرسي فأخبروه أنه «تحصيل حاصل» وأنه لا يدرك خطورة الموقف وتناقشوا معًا ووصلوا إلى صيغة البيان الذي أعلنه الفريق أول عبد الفتاح السيسي ومنح خلاله جميع القوى السياسية أسبوع للوصول إلى حل و «لم الشمل» وحماية مؤسسات الدولة وأن يكون فيه حوار بين كافة الاطراف.
اعتبر الإخوان أن هذا إنذار فطلب خيرت الشاطر وسعد الكتاتني من اللواء عباس كامل مقابلة الفريق عبد الفتاح السيسي وبالفعل التقوا به وهو اللقاء الذي احتد خلاله الفريق السيسي على خيرت الشاطر بعدما جلس يتحدث لمدة 45 دقيقة بلهجة تهديدية للجيش والقيادة العسكرية فكان رد وزير الدفاع عليه بأن من يحاول المساس بالجيش أو بالبلد «هيمسحه من على وش الأرض»، ولأنه كان يتكلم بقوة وجدية فالشاطر والكتاتني اتهزوا وقال للفريق السيسي «يا فندم احنا عايزين حل للمشاكل اللي احنا فيها» فقال للواء عباس كامل أن يعطيهم تقارير تقدير الموقف وطلب منهم أن يقرؤها لو عايزين حل للمشاكل اللي عندهم.
الإخون قلقوا من اللغة التي تحدث بها الفريق السيسي فطلبوا من محمد مرسي أن يلقي الخطاب الشهير الذي ألقاه فى 26 يونيو، وعندما علم الفريق السيسي أدرك أن الاخوان ماضون فى مخططهم فأنزل القوات العسكرية فى الخامسة من فجر يوم 26 يونيو فانزعج محمد مرسي وطلب لقاء الفريق السيسي والتقاه بالفعل يوم 26 يونيو وسأله «انت نزلت الجيش ليه؟ مش أنا القائد الأعلى؟» فقال له الفريق السيسي: لحماية مؤسسات الدولة، فسأله مرسي عن الحل للخروج من الأزمة فأخبره الفريق السيسي أن الحل هو الاستجابة لمطالب الشعب فسأله مرسي عنها فأخبره بها وزير الدفاع وانتهى اللقاء بأن مرسي وعد الفريق السيسي بأنه سيستجيب لمطالب الشعب خلال الخطاب الذي سيلقيه اليوم (26 يونيو).
واتفق مرسي مع الفريق السيسي على أن يلتقي فى الخامسة مساء، ممثل لمرسي وهو أحد مستشاريه وممثل لوزير الدفاع واختار الفريق السيسي، الفريق عبد المنعم التراس ليجلسا معا ويراجعان الخطاب قبل إلقائه، ومن قبل الساعة الخامسة ظل الفريق التراس يتصل بالرئاسة للجلوس مع مستشار مرسي ولكن لم يرد عليه أحد حتى الساعة السابعة فأدرك أن الاخوان غير جادين فى البحث عن حل للأزمة وأنهم ماضون فى مخططهم مهما كانت العواقب.
ولما وصل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لمقر إلقاء الخطاب وجد أمامه أبو العلا ماضي الذي قال له «انت بتقول إن الشرطة لن تحمي مقرات الجماعة فى 30 يونيو؟ طيب شوف احنا هنعمل ايه!».. دخل اللواء محمد ابراهيم إلى القاعة فوجد هتافات ضده فنظر إلى يحيى حامد وزير الاستثمار وكان موجدا أثناء إلقاء الهتافات ضد وزير الداخلية والشرطة فقال له «عيب اللي بتعملوه ده!» فيحيى حامد قال لهم «اسكتوا».. فسكتوا وتوقفت الهتافات!
ما هي كواليس الخطاب الأخير لمرسي وساعات ما قبل الثورة؟
فوجيء الفريق عبد الفتاح السيسي بالخطاب الأخير لمحمد مرسي ولهذا كان يضع وقتها يده على خده غير مصدق لما كان يقوله مرسي، فلم يكن هذا ما وعد به مرسي من تهدئة الأجواء بل كان الخطاب يزيد الأمور اشتعالا بالحديث عن سكينة الكهرباء وهذا الولد المرتشي الذي يتسبب فى انقطاع الكهرباء عن مصر كلها مقابل 20 جنيها! وتوجيه اتهامات لأشخاص بعينهم وأنهم بيأجروا بلطجية ويقودونهم.. كلام أشعل الموقف أكثر وجعل الناس أكثر اصرارا على القيام بثورة ضد الإخوان حتى أنني كتبت مقالا بعد ذلك قلت فيه أنه يحسب لمحمد مرسي أنه كان من بين أسباب ثورة 30 يونيو بهذا الخطاب!
المستشار أحمد سليمان كان وزيرا للعدل واتصل به أيمن هدهد وكان مستشارا أمنيا لمرسي وسأل المستشار سليمان عن رأيه فى الخطاب فقل له «أنا غاضب جدا من هذا الخطاب وأخطأتم فى كذا وفى كذا» فقال له هدهد «طيب ما تيجي تقول الكلام ده للرئيس مرسي» فطلب منه المستشار أحمد سليمان أن يحدد له موعد مع مرسي فحدد له موعد يوم 27 يونيو الساعة 2 ظهرا.
وكان المستشار أحمد سليمان مجهز صيغة لبيان لتسليمه لمرسي يقوله أو تعلنه الرئاسة عن احترام القضاء بعدما اتهمهم مرسي بالفساد وتزوير الانتخابات، وقبل اللقاء دخل عليه المستشار حاتم بجاتو وكان وزير الشئون البرلمانية فى هذا الوقت، وقال له إن القضاة غاضبون فأخبره المستشار سليمان أنه يعد بيان لعرضه على مرسي بهذا الشأن وأنه سيذهب لمقابلته، فطلب منه المستشار بجاتو أن يحضر معه هذا اللقاء فوافق المستشار سليمان والتقى الاثنين بمرسي وأخبراه أن القضاة غاضبون وسلماه البيان فقال لهم إنه موافق على البيان وستتم إذاعته ولكن مع بعض التعديلات واتفق الثلاثة على التعديلات وخرجا من عنده وانتظرا إذاعة البيان ولكن شيئا لم يحدث!
وعرفوا بعد ذلك أن مرسي أعطى البيان لأحمد عبد العاطي الذي اتصل بخيرت الشاطر وابلغه بمحتواه فقال له الشاطر «ارميه فى الزبالة!» ولم يعر أي منهما لرئيس الدولة أي اعتبار وهذا يكشف لنا كيف كانت تدار شئون البلاد وكيف كان يسير الأمر فى القصر الرئاسي.
وجاء يوم 28 يونيو وبدأنا نخرج فى مظاهرات ونوصل لوزارات الدفاع وأماكن أخرى والشارع بدأ يغلي وينتفض واحدة واحدة إلى أن جاء يوم 30 يونيو ونزلت الفجر متجها إلى ميدان التحرير وتحركت منه أنا وشقيقي محمود، رحمه الله، إلى الاتحادية وخدنا 4 ساعات ونصف ساعة من شدة تزاحم المتظاهرين فى الشوارع وألقيت خطابا على المنصة أمام الاتحادية وهتفنا جميعا «مسلم ومسيحي إيد واحدة» أمام الكاتدرائية وكان عندنا يقين أن الثورة ستنتصر، وأن نظام مرسي و الإخوان لازم يسقط.
ماذا تقول عن يوم 30 يونيو ونزول شعب مصر بالملايين فى الشوارع والميادين وما تلاه من ساعات؟
لكي نعرف حجم الناس فى الشوارع فى الوقت ده شارع رمسيس على سبيل المثال فى الفجر كان فيه مش أقل من 150 ألف متظاهر، ومصر كلها كانت بتنتفض فى هذا التوقيت، ومن كان يصور هذا المشهد الثوري الرائع كان واحد بدرجة مساعد من الشئون المعنوية وليس أحد آخر كما زعم البعض، وما صوره خالد يوسف كان يوم 1 يوليو بعد المظاهرات العارمة التي اجتاحت كل شوارع مصر وشاهدها الجميع.
وتلقى الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع اتصالا من تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي فى هذا الوقت يوم 1 يوليو وقال له «احنا بنحذر والجيش لازم يتدخل لحماية مرسي لأنه الرئيس الشرعي» فرد عليه الفريق السيسي «دي إرادة الشعب المصري وهو عبر عن إرادته ويجب على الجميع احترام إرادة الشعب».
ولما ذهب وزير الدفاع ورئيس الوزراء وقتها هشام قنديل لمقابلة محمد مرسي، قال لهما «دول كلهم 120 ألف واحد» وكان يقصد عدد المتظاهرين ضد الإخوان فى الشوارع، والفريق السيسي كان معه نسخة من تسجيلات المظاهرات فى الشوارع وعرضها على مرسي الذي بعدما شاهدها قال لهم «دي فوتوشوب»!.. فقال له وزير الدفاع أنه تم تصوير الفيديوهات بمعرفة الشئون المعنوية وليس جهة أخرى فصمم مرسي على موقفه وأن تلك الفيديوهات «فوتوشوب»!
فأدرك الفريق أول السيسي أنه ليس هناك أي أمل او فائدة من الحديث مع مرسي أو الإخوان، فصدر البيان الذي ألقاه المقدم – حينها – ياسر وهبة، والذي تضمن العبارة المشهورة «أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه» وأن القوات المسلحة تمهل الجميع 48 ساعة للاتفاق معا أو ستضع القوات المسلحة خريطة مستقبل وتدعو جميع رموز المعارضة الوطنية والقوى السياسية للجلوس والاتفاق على خارطة طريق، ودي كانت آخر فرصة لم يحاول الاخوان استغلالها أو الاستفادة منها رغم أنهم يعلمون أن الجيش «جاد ومش بيهزر» وهينفذ ما جاء فى بيانه.
وللأسف كان الرد من رئاسة الجمهورية بأنه ليس لديهم أي علم بهذا البيان أو ما جاء به وأن القوات المسلحة لم تتشاور معهم قبل إعلانه وأنهم ضد هذا البيان، وبدأنا نشوف من هذا الوقت استقالة 5 وزراء واستقالة 90 دبلوماسيا من الخارجية المصرية وبدأت الأمور تتداعى.
وعقد اجتماع آخر يوم 2 يوليو، بين محمد مرسي وهشام قنديل ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ودار حوار حاد بين الفريق السيسي ومحمد مرسي وخلاصته أن مرسي قال للفريق السيسي أن هذا البيان يعتبر خروج عن الشرعية ورد عليه السيسي بأن الشرعية للشعب المصري وهو من يمنحها وينزعها وأن الشرعية لما يريده الشعب المصري وليس أي نظام سياسي، وأن الاخوان خرجوا عما هو متفق عليه، ونفى مرسي ذلك وقال إن الجيش هو من خرج عن الاتفاق وأن البيان ما كان يجب أن يخرج ويحدد 48 ساعة.. وهنا غادر الفريق السيسي اللقاء غاضبا.
وفى الساعة السابعة مساء اتصل وزير الدفاع بمرسي وعرض عليه أن يقبل بالاستفتاء على استمراره فى الرئاسة أو إجراء انتخابات مبكرة كحل للأزمة ولكن مرسي رفض بشدة وقال له «يمكن بدلا من ذلك أن أوافق على إجراء تعديل وزاري أو حتى إقالة الحكومة بالكامل ونقوم بإجراء بعض التعديلات الدستورية، لكن موضوع إقالة النائب العام أو الاستفتاء ده استبعده تماما»!!
وذهب للقاء مرسي أيضا د. محمد سليم العوا وهشام قنديل وأحمد فهمي رئيس مجلس الشوري فى هذا الوقت، وعرضوا عليه الاستفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ولكن مرسي رفض تماما وشاهدنا جميعا الخطاب الذي تحدث فيه مرسي عن الشرعية 70 مرة وبدا واضحا أن هناك رفضا تاما من مرسي و الإخوان للاستجابة لمطالب الشعب المصري.
فاضطر الجيش المصري أن يدعو كافة الأطراف والفرقاء السياسيين والتيارات وطلبوا حضور شيخ الازهر د. أحمد الطيب والبابا تواضروس، وأرسلوا طائرة لشيخ الأزهر احضرته من الأقصر وأخرى للبابا أحضرته من وادي النطرون وكذلك دعا الجيش رموز حركة تمرد وممثلة للمرأة وممثلين لكافة الفئات والتيارات وتم توجيه الدعوة لـ محمد سعد الكتاتني ممثلا عن الإخوان فالجيش لم يكن يريد أن يستبعد أحدا ولكن الكتاتني قال لهم سأرسل لكم البلتاجي ثم بعد ذلك قال «لن نشارك!! وسننظر ماذا سنفعل!!».
ودار فى هذا الاجتماع مناقشات فى كافة الأمور ومن سيتولى الفترة الانتقالية وكان هناك رأي بتولي المجلس العسكري برئاسة الفريق السيسي إدارة شئون البلاد فرفض الفريق السيسي هذا الاقتراح، فكان البديل هو أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلي منصور الرئاسة مؤقتا خلال الفترة الانتقالية، وكان المستشار عدلي منصور قد تولى منصبه قبل تلك الاحداث مباشرة بديلا للمستشار فاروق سلطان الذي خرج للمعاش.
وبمناسبة ذكر المستشار فاروق سلطان، ففى يوم 12 فبراير 2011 طلب المشير طنطاوي من المستشار سلطان أن يحضر للقائه وبالفعل التقيا وحضر اللقاء المستشار فاروق مرعي وخلال اللقاء طلب المشير طنطاوي من المستشار فاروق سلطان وكان رئيسا للمحكمة الدستورية أن يتولى الرئاسة بشكل مؤقت لحين الانتهاء من تعديل الدستور واجراء انتخابات رئاسية ولكن المستشار سلطان رفض ذلك فاضطرت قيادة الجيش أن تتحمل المسئولية كاملة فى هذا التوقيت.
عودة لما حدث فى اجتماع 3 يوليو 2013 فقد استقر اتفاق كافة الأطراف على تولي المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية رئاسة البلاد بشكل مؤقت حتى تعديل الدستور، وقد كان حزب النور ضد تعطيل العمل بالدستور ولكن اللواء ممدوح شاهين تدخل وقال إن هكذا سيكون الأمر غير شرعي وستحدث مشاكل كثيرة، واقتنع ممثل حزب النور واتفق الحضور على خارطة الطريق وتم إذاعة بيان 3 يوليو 2013 الذي أسعد الشعب المصري كله.
وبعد ذلك شاهدنا جميعا التداعيات التي حدثت بعد 3 يوليو منها احداث الحرس الجمهوري فى 8 يوليو وصولا إلى التفويض الذي نزل فيه الشعب للشارع مرة اخرى فى 26 يوليو لتفويض وزير الدفاع فى اتخاذ ما يلزم لحماية البلاد من الفوضى والإرهاب وفض اعتصام رابعة.
وكنا جميعا شهودا على مدى صبر وجلد القوات المسلحة والشرطة ومحاولتهم فض اعتصام رابعة بشكل سلمي ورأينا الفض فى 14 أغسطس 2013 وما تلا ذلك من مسلسل الحرائق الذي شهدناه جميعا وما حدث من إرهاب وصولا إلى المراحل التاريخية التي شاهدناها.
هل أخطأت الدولة المصرية عندما سمحت بإنشاء أحزاب على أساس ديني مثل حزب النور وحزب الإخوان؟
أولا الدستور كان يمنع إنشاء أحزاب على أساس ديني أو عرقي، ولكن فى فترات الفوضى وفى فترات الانفلات الأمني تضطر السلطة إلى التوافق على إجراءات ربما تكون خطأ مثلما حدث بعد 2011 وتمت الموافقة على إنشاء أحزاب على أساس دينى.
ثانيا تجربة الأحزاب التي قامت على أساس ديني فى المنطقة العربية فشلت، فتجربة حزب النهضة فشلت وهو الحزب الذي بدأ منذ عام 69 فى تونس وكذلك حزب الجماعة الاسلامية وحزب النهضة فى أول انتخابات برلمانية استطاع أن يشكل الحكومة التونسية مع آخرين ثم بدأ يتراجع إلى أن وصل لـ 53 مقعدا.
ولدينا تجربة حزب العدالة والتنمية فى المغرب وهو حزب ذا طابع ديني فى الأساس وبدأ قويا ولكنه تراجع حتى وصل فى النهاية إلى 13 مقعدا وسقط عن الحكم.
ولدينا أيضا سقوط تجربة الاخوان وهي تجربة ملهمة ففى ليبيا سقطوا وفى السودان وفى مصر وفى تونس وفى المغرب، ولهذا اعتقد أن قيام أحزاب على اساس ديني أو طائفى أمر يهدد بانقسام المجتمع.
الأستاذ محمد حسنين هيكل كان تكلم عن الحالة الثورية والثورة وقال إن هناك فترات نصفها بأنها حالة ثورية وأخرى نطلق عليها أنها ثورات ووصف أحداث 25 يناير بأنها حالة ثورية.. فهل تتفق مع هذا الرأي خصوصا أنك وصفت ثورة 30 يونيو بأنها امتداد لثورة 1952؟
أحداث 25 يناير لا يمكن أن ننكر عنها ثوريتها، لأننا كلنا خرجنا فى البداية لوجود ظلم وفساد واستبداد.. فساد فى انتخابات 2010.. ظلم مجتمعي وفساد لصالح رجال الأعمال.. كان فيه أوضاع صعبة، حتى أحكام القضاء كانت لا تنفذ.. كان فيه معدل نمو 7.5% وهو معدل جيد ولكنه كان يذهب لفئة بعينها دون باقي الشعب.
الشعب المصري عندما ثار فى 25 يناير 2011 أراد الإصلاح ولم يرد إسقاط الدولة، أراد التغيير ولم يسع إلى الفوضى بأي حال من الأحوال، ولذلك بدأت الصورة تتضح يوم 28 يناير.. الإخوان من البداية قالوا إنهم لن يشاركوا فى المظاهرات.
وأتذكر أن اللواء عمر سليمان هو أول من فاتح الرئيس مبارك بحقيقة وصعوبة الوضع يوم 19 يناير وقال له «يا فندم احنا داخلين على 25 يناير والاوضاع صعبة وتقدير الموقف صعب وحضرتك شوفت اللي حصل فى تونس ولازم يكون فيه موقف لامتصاص الغضب الشعبي» فرد عليه مبارك «اجتمعوا فى مجلس الوزراء وشوفوا الوضع».
واجتمع عدد من الوزراء بينهم وزير الدفاع ووزير الداخلية ومدير المخابرات ورئيس الوزراء ووزير الاتصالات وعدد آخر من الوزراء لبحث الموقف، وقبلها كان اللواء حسن عبد الرحمن رئيس قطاع أمن الدولة قدم مذكرة من 12 صفحة لوزير الداخلية حبيب العادلي لرفعها للرئيس مبارك، وكانت تلك المذكرة تحمل عنوان «كيف نستطيع إجهاض ما يمكن أن يحدث فى 25 يناير» ومن بين المقترحات أنه يجب أن يتم اتخاذ إجراءات من الحكومة لتغيير الوضع والتخفيف عن الشعب وأنه لا بد من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق أعضاء مجلسي الشعب والشورى وأن يتم اجراء تعديل وزاري بشكل عاجل وتوفير فرص عمل للشباب وتعيين نائب للرئيس ومقترحات أخرى.
وقد سئل الرئيس مبارك عن هذه المذكرة فى المحكمة، ولكنه أجاب «مش فاكر»!!.. فيبدو أن وزير الداخلية حبيب العادلي لم يسلمها للرئيس مبارك أو أنه تسلمها منه ولكن لم يهتم بقراءتها!.
البلد كانت تموج بأزمات فى هذا الوقت وبالتالي كان طبيعيا أن يخرج الشعب فى مظاهرات، ولكنه لم يكن ينوي إسقاط النظام أو دخول البلاد فى فوضى ولكن المخطط الذي وضعه الإخوان تحقق، والدليل على ذلك أن مباحث أمن الدولة وتحديدا المقدم الشهيد محمد مبروك، رحمه الله، قد رصد فى 10 يناير 2011 مكالمة تليفونية بين محمد مرسي وكان مسئول الملف السياسي بالجماعة وعضو مكتب الارشاد فى هذا الوقت وبين أحمد عبد العاطي وكان مسئول التنظيم الدولي للإخوان فى تركيا وتضمنت المكالمة الحديث عن 25 يناير وأن الأمريكان التقوا بـ فلان وفلان وهيعملوا كذا وبيقولوا لكم خليكم أذكياء فى التعامل مع الحدث.
وبناء عن تلك المكالمة تم القبض على عدد من قيادات الإخوان يوم 27 يناير فى قضية التخابر وكان عددهم 34 إخوانيا وهي القضية التي تم وضع مرسي فى السجن على ذمتها وهرب منه ليخرج ويتصل بقناة الجزيرة فى مكالمته المشهورة، وأول ما دخل الاخوان يوم 27 يناير «صبحي صالح وحسين إبراهيم وعصام العريان قالوا إنهم بعد 48 ساعة هنخرج من هذا السجن وهنمسك الحكومة» وبالفعل خرجوا أو تم تهريبهم من السجن ومسكوا الحكم.
وهكذا يمكننا أن نقول إن ما حدث فى 25 يناير هو حالة ثورية ولكن ما حدث يوم 28 يناير هو انقلاب على الحالة الثورية و «أخونة للثورة» وذلك تحت قيادة محمد البلتاجي ومحمد مرسي وسعد الكتاتني ولذلك بعدما تنحى مبارك وعند أول لقاء فى ميدان التحرير وانا حضرته وكان يوم 18 فبراير كان يوسف القرضاوي هو خطيب المنصة وقتها وهو الذي يؤم المتظاهرين فى الميدان وكانت تلك رسالة بأن الإخوان تربعوا على قمة الهرم الثوري وأنهم من الآن هم الذين يديرون الملفات..
صحيح أنهم لم يكونوا يتحركون فى الثورة من البداية بشكل مباشر ولكنهم ظلوا يتحركون فى الخفاء ومن وراء الستار، وأنا أتذكر فى 21 نوفمبر 2011 كانت أحداث محمد محمود فكلمني الفريق سامي عنان وقال لي أن المشير طنطاوي يريدني حالا ورغم صعوبة الوضع والحركة فى الشوارع حينها بسبب الأحداث حضرت لوزارة الدفاع ودخلت من الباب الخلفى واتصل بي اللواء مختار الملا أثناء دخولي الوزارة وطلب مني الحضور لمكتبه وانتظار المشير وبالفعل بعدها حضر المشير ومعه اللواء سامح صادق عضو المجلس العسكري وقال لي المشير وقتها أنه طلبني لسؤالي بضعة اسئلة وبدأ بأن د. عصام شرف سيترك الحكومة ويتم البحث عن بديل له، وسألني عمن أرشحه لتولي الحكومة فأخبرته أن السؤال مفاجئ وليس لدي اسم بعينه أرشحه.
فسألني عن رأيي فى البرادعي وهل يمكن أن يكون هو رئيس الحكومة الجديد فأخبرته أن البرادعي بعيد عن مصر منذ 35سنة وتوجهاته معروفة وأجندته واضحة من 2009 ولو تولى رئاسة الحكومة ستحدث كارثة «وهيضرب كرسي فى الكلوب ويمشي»!.. وهو لا يصلح أن يكون رئيس وزراء ولا حتى وزير.
وبدأنا نستعرض أسماء لشخصيات أخرى لاختيار أحدهم رئيسا للحكومة بديلا لعصام شرف وأحسست أن المشير طنطاوى يميل إلى اختيار الدكتور كمال الجنزوري، وبالفعل تم اختيار الدكتور الجنزوري لتشكيل الحكومة الجديدة.
وفى اليوم التالي لتولي الجنزوري المنصب وأدائه اليمين الدستورية قام محمد مرسي وسعد الكتاتني بزيارته وقالوا له «احنا معندناش مانع انك تترشح لرئاسة الجمهورية وسندعمك لو ترشحت ولكن بشرط ان تختار خيرت الشاطر نائبا لرئيس الجمهورية»!.. وهذه الرواية ذكرها لي الدكتور كمال الجنزوري بنفسه.
ولكن الدكتور الجنزوري رد عليهم بأنه لا يريد أن يكون رئيسا للجمهورية ولا حتى نائب للرئيس وأنه مكتفى بالمنصب الذي تولاه وهو رئاسة الحكومة، وهذا هو سبب ما فعله الإخوان معه فى مجلس النواب وهجومهم عليه.. وقد كنت التقي اسبوعيا بالدكتور الجنزوري فى مبنى الهيئة العامة للاستثمار من الساعة 10 صباحًا وحتى صلاة الجمعة لأتناقش معه فى كل الملفات والمستجدات وقد كان يؤكد دوما إننا سندخل فى صدام مع الإخوان عاجلا او آجلا وأنهم لن يقبلوا بمحاولة الجيش لم الفرقاء السياسيين والتوفيق بينهم.
وعودة لثورة 25 يناير فإنني لا يمكن أن أقول إن ما حدث فيها ليس ثورة وأنها مؤامرة بل هي ثورة حولها الإخوان إلى مؤامرة.. «أردناها ثورة وأرادوها مؤامرة»، فحتى 28 يناير كان الشعب المصري هو الذي يقود الثورة والمظاهرات وبعد 28 يناير حدتث المؤامرة واختطاف الثورة.
ما بعد 3 يوليو والأحداث التي تسارعت بعد ذلك كان الإخوان يحاولون تصدير رسالة بأنهم قادرون على أن يردوا على ما حدث فى 30 يونيو بقوة.. فكيف كنت ترى ذلك؟
البعض كان يقول إن الاخوان «مش هيطلعوا من البلد غير بالدم».. والتهديدات التي قالها خيرت الشاطر لوزير الدفاع فى 25 يونيو كانت تقول بأنهم «قوة منظمة» وهم بالفعل قوة منظمة ولديهم لجان نوعية والنظام الخاص وعندهم تسليح ولكن قدرة الله سبحانه وتعالى وقدرة الجيش المصري والشرطة المصرية والسعي إلى عدم الصدام وتحجيم الصدام مع الإرهابين بمنعهم من أن يقوم بعمل ارهابي.. فكل هذا كان رهان الفريق السيسي من البداية بأن تلك الحالة الإخوانية ستنتهي تدريجيا.. وهو ما حدث بالفعل بدليل ما حدث فى سيناء فمن 2018 وحتى الآن استطعنا أن نقضي على الارهاب..
كنت عضو مجلس نواب فى 2012 وقدمت طلب إحاطة حول زيارة رئيس المخابرات القطرية للبلاد فى هذا الوقت ولقائه مع عدد من الشخصيات، بخصوص سيناء، والتقيت بعدها باللواء مراد موافى مدير المخابرات العامة فى هذا الوقت فقال لي «اذهب للمشير طنطاوي واحكي له ما لديك» وبالفعل ذهبت للقاء المشير طنطاوي وقلت له «يا فندم الوضع فى سيناء كذا وكذا» فقال لي «نعلم ذلك ولدينا معلومات ولكننا نتعامل مع هذه الظاهرة بذكاء لأن كل الملفات مفتوحة وكل الطرق مفتوحة علينا فى هذا الوقت».
بعدها حدث حادثة رفح فى 5 أغسطس 2012 والذي اسفر عن استشهاد 16 واصابة 21 من ابناء القوات المسلحة، وهذا الحادث تم بتدبير من الإخوان وكان الهدف منه هو إقالة المشير طنطاوي وقادة القوات المسلحة وكذلك إقالة اللواء مراد موافى من رئاسة المخابرات العامة، ويتضح هذا عندما نراجع كل زيارات محمد مرسي لسيناء والعملية نسر ومسجد الحصري ولما رجع قال إيه؟ وهذا يشبه بالضبط ما حدث فى 5-2013 عندما تم اختطاف جنود بالقوات المسلحة وأن مرسي قال «يجب إن نحافظ على حياة الخاطفين والمخطوفين» وهو أكبر دليل على أن الخاطفين يأتمرون بأوامر الاخوان، وهذه الجملة قالها أيضا مرسي وأكد عليها فى اجتماع مع الفريق السيسي واللواء أحمد وصفى عندما أخبره وزير الدفاع أن الجيش يمكنه القيام بعملية سريعة لاستعادة المختطفين دون أي مساس بهم والقضاء على الخاطفين ولكن مرسي قال «حافظوا على سلامة الخاطفين والمخطوفين».
وفى الحقيقة اننا عشنا فترة صعبة جدا وعصيبة فى تاريخ الوطن، ودوما أؤكد أن القرار الذي اتخذه الجيش المصري وعلى رأسه الفريق السيسي وزير الدفاع فى 30 يونيو كان نقطة تحول فاصلة فى تاريخ الشعب المصري وفى تاريخ المؤسسة العسكرية المصرية.
كيف رأيت احتفالات أكتوبر 2012 فى استاد القاهرة؟
أولا محمد مرسي استخدم سيارة الرئيس الشهيد أنور السادات المكشوفة وظل يتجول بها، وثانيا كان حاضرا للاحتفال عبود الزمر وطارق الزمر وأعضاء من الجماعة الإسلامية بينهم متهمون فى قضية اغتيال السادات، ولم يدع المشير طنطاوي ولا الفريق سامي عنان رغم أنهما كانا مستشارين عسكريين لرئيس الجمهورية فى هذا الوقت، كما لم يدع أبطال انتصار أكتوبر ورأينا «خطابا فهلويا» يطلقه محمد مرسي فى هذا الوقت.. تنظر إلى المشاركين فى الاحتفال فتجدهم من السلفيين والاخوان وكأنهم أرادوا القفز على هذا الانتصار الذي قدم فيه الشعب المصري آلاف الشهداء والمصابين.. كانوا «بيأخونوا انتصار 6 أكتوبر»!
ومنذ هذا الوقت كان الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع يدرك الخطر، لأن محمد مرسي عندما اجتمع بالفريق السيسي فى 12 أغسطس 2012 ليعرض عليه تولي منصب وزير الدفاع قال له الفريق السيسي «أنا عايز ابلغك يا فندم وأقول لك كلمة واضحة.. أنا لا سلفى ولا إخواني.. أنا ابن المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية.. وأرجو أن يتم التعامل معي بهذا الفهم»..
كيف ترى الدور الوطني المهم للفريق عبد الفتاح السيسي والدور الوطني الأكثر أهمية للرئيس عبد الفتاح السيسي؟
شهادة للتاريخ.. أؤكد أن ما فعله الفريق السيسي وهو وزيرا للدفاع أو ما يفعله الرئيس السيسي منذ توليه مقاليد السلطة هو عمل وطني وبطولي وهذه شهادة حق ولا اخشى أحد أو السجن .. «انا اتسجنت 5 مرات فى عهد الرئيس السادات وعهد الرئيس مبارك».. أعود فأؤكد أن ما يفعله الرئيس السيسي عملا بطوليا ويجب ألا ينساق الشعب وراء أصحاب الصوت العالي الذين يستغلون الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها لتشويه انجازات الرئيس السيسي هذا الرجل الوطني.
هذا الرجل اتخذ قرار كنا كشعب نتمناه ونخشى ألا يتخذه، ويجب ألا ننسى أن الشعب هو من هتف فى 30 يونيو مطالبا الفريق السيسي وزير الدفاع بنزول الجيش لحماية الثورة.. ف الشعب هو من قال «انزل يا سيسي .. مرسي مش رئيسي».. وللعلم فالفريق السيسي لم يكن يريد أن يصبح رئيس جمهورية.
وأنا أتذكر فى أكتوبر 2013 وكانت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تنظم حفلا فى نادي الجلاء وفجأة وجدت المراسم العسكرية يبلغونني أن القائد العام عايزني فذهبت له ووجدت معه قادة الأفرع الرئيسية واللواء صدقي صبحي واللواء أحمد زكي بدر ود. محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الأسبق وعندما جلست قلت له «هو أنت يا فندم مش ناوي تترشح رئيسا للجمهورية» فنظر لي وقال «أنت رأيك ايه؟» ورددت عليه «يا فندم انت مقاتل ومش هتهرب من ميدان المعركة و الشعب مش عايز حد غيرك.. لأنك انقذنا من الإخوان».
فأخذ يفكر لبعض الوقت ثم قالي لي «أي حد هيترشح لمنصب رئيس الجمهورية أمامه 3 تحديات» «التحدي الأول أن الشعب المصري لا يحصل من الدولة أكثر من 10% من احتياجاته وهذه هي إمكانياتنا» وده هيولد مشاعر سخط ضد الرئيس والحكومة، التحدي الثاني أن مؤسسات الدولة تآكلت بعد 25 يناير وبالتالي أنت عايز تبنيها من جديد وده عايز إمكانيات، التحدي الثالث والأخطر وهو إنهيار القيم والأخلاق فى المجتمع.. وأي رئيس دولة يجب أن يضع هذه النقاط الثلاثة أمامه وعلشان التحديات دي الناس بعد 3 أو 4 شهور هتنزل وتسخط على الحكومة والرئيس».
ورغم إلحاحنا عليه أنا والمستشارة تهاني الجبالي والفنان أحمد بدير وعدد آخر من الحاضرين للقاء، فقال إن البلد تحتاج إلى إصلاح اقتصادي وهذا يحتاج إلى وقوف الشعب والنخبة خلف القيادة السياسية لما سينتج عن الإصلاح الاقتصادي من تداعيات فأخبرناه اننا سنقف خلفه وكذلك الشعب، فقال إنه يستيقظ الساعة 5 صباحا ويبدأ يومه مبكرا ويعمل لساعة متأخرة فهل سيتجاوب معه الجميع فكان ردنا «هنصحى يا فندم» وقد كان همنا أن نقنع هذا الرجل الوطني أن يترشح للرئاسة.
كان رافضا رفضا قاطعا.. وبدأت المظاهرات تطالب السيسي بالترشح للرئاسة ومنها مظاهرات العباسية وشاركت فيها أنا وشقيقي محمود.. وفى 27 يناير 2014 حضر الفريق السيسي اجتماعا للمجلس العسكري وقدم تقدير موقف لمدة 3 ساعات ونصف الساعة عن أسباب عدم رغبته فى الترشح للرئاسة ووافق المجلس العسكري على عدم ترشحه باستثناء الفريق صدقي صبحي والفريق عبد المنعم التراس..
فانبرى الفريق التراس والفريق صدقي صبحي وقال الفريق عبد المنعم التراس إن البلد فى حاجة ماسة إلى كذا وكذا وقد عهدناك أنت القوي الأمين الذي يمكنه أن يفعل ذلك واستمر الفريق التراس والفريق صدقي يتحدثان مع أعضاء المجلس العسكري حتى اقتنع الجميع وتغير موقفهم فوافقوا على أن يترشح الفريق السيسي للرئاسة ما عدا اللواء محمد مصيلحي عضو المجلس العسكري وكان حينها يتولى الإمداد والتموين، ثم تولى بعد ذلك منصب وزير التموين.
ووضع قرار المجلس العسكري مسئولية كبيرة أمام الفريق السيسي، ولكنه ظل «يحسبها»، وعندما التقينا به بعدها فى الكلية الحربية كان ما زال مترددا فى الترشح للرئاسة، حتى كان 20 مارس 2014 عندما خرج الفريق السيسي بزيه العسكري فى بيان للشعب المصري معلنا نزوله على رغبة الشعب وأنه سيترشح للرئاسة.
وترشح السيسي للرئاسة واختاره الشعب، وخلال تلك السنوات حقق انجازات لم يحدث مثلها فى التاريخ، فهناك ثورات حدثت فى تونس و ليبيا وغيرهما من الدول و «محدش رصف شارع واحد فى تلك البلاد حتى الآن» كلهم منكبون حول الفوضى، أما فى مصر فنحن نواجه الإرهاب ونواجه تحديات على كافة الاتجاهات الااستراتيجية وبتبني بلد وكنا نتحرك للأمام رغم كل الصعوبات.
ولكن جاءت جائحة كورونا لتخلق لنا أزمة فنزل معدل النمو من 5.6 إلى 3.2 وبعدها جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتدمر كل شيء، أنت كنت محدد سعر القمح بـ 230 دولارا للطن فى الموازنة ولكنه وصل إلى أكثر من 500 دولار للطن بسب الأزمة الأوكرانية، وكذلك كنت حاسب برميل النفط بـ 60 دولارا بقى بـ 120 دولار وقس على ذلك كثيرا كل حاجة بقت الضعف يعني «انت عايز موازنة تانية جنب الموازنة الأولانية» بسبب فروق الأسعار.
كيف تري أزمة الدولار وما هو تقييمك لتعامل الحكومة معها؟
مصر تستورد كل عام بحوالي 90 مليار دولار وكل مواردك من العملة الصعبة 32 مليار من تحويلات المصريين فى الخارج نزلوا للثلث بسبب السوق السوداء .. عندك السياحة لسه «يا دوب بدأت تتعافى» .. عندك قناة السويس ودي ارتفع دخلها هذا العام إلى 9 مليارات دولار بعدما كانت تحقق 4.5 مليار وهذا يكشف أهمية قناة السويس الجديدة التي شكك الإخوان فيها والتي أدت إلى تضاعف الايرادات..
حاليا الصادرات بدأت توصل إلى 53 مليار دولار نتيجة اكتشفات حقل ظهر وحقول الغاز التي تم اكتشافها فى البحر المتوسط، وبهذا بعدما كنت تنتظر سفينة الغاز القادمة من الجزائر واحيانا لم تكن قادر على أن تسدد ثمنها أما الآن فأنت تكسب 500 مليون شهريا من الغاز بخلاف ما يتم ضخه بالسوق المحلي، أنت كنت فى أزمات متعددة أما الآن فالدولة بدأت تتحرك وأصبح لدينا مصادر وموارد أكبر وكذلك زدنا مساحة الرقعة الزراعية ولدينا مشروع مستقبل مصر وبقينا نتحدث عن الاكتفاء الذاتي .. فى السكر والأرز وقريبا سنحقق الاكتفاء الذاتي من القمح .. وارتفع سعر توريد القمح من 800 جنيه إلى 1500 جنيه للطن كل هذه المشروعات والانجازات تضغط على الموازنة العامة وتؤثر على الحالة العامة للشعب إلا أنها مشروعات ضرورية كما انك صار لديك بلد فيه أمن واستقرار وانجاز حقيقي على أرض الواقع بخلاف الدول الاخرى التي حدثت بها ثورات.
بعض الناس بتستهين بالكباري ومشروعات الطرق وتعتبر أن هذا ليس وقتها، ونذكرهم بأن الأمم المتحدة فى 2010 قالت فى تقرير لها ان القاهرة من أكثر مدن العالم ازدحاما واختناقات مرورية أما اليوم فأنت تفتح شرايين جديدة تحقق لك السيولة المروية، بتحل أزمة ومشاكل كثيرة جدا وتشجع المستثمرين على نقل أموالهم للاستثمار لديك.
بالإضافة لمشروعات الطرق والكباري لدينا مشروعات أخرى تنموية مثل تلك التي تحدث فى الصعيد حاليا ومشروع حياة كريمة الأكبر من نوعه فى العالم، وكذلك مشروعات الصرف الصحي..
هناك نهضة تحدث فى كل شبر على أرض مصر ولكن كيف كانت ستحدث والدولة ليس لديها موارد كافية أو سيولة نقدية؟
الحل هو أن اقترض الأموال التي احتاجها «والاستدانة» ليس معناها أنني أكبل نفسي بالديون ولن استطيع سدادها بل ستسددها كما أنك نجحت فى امتصاص عودة المصريين من دول مثل ليبيا والسودان وهؤلاء تعدادهم 5 ملايين.. رقم ضخم تحتاج أن تتعامل معه بحكمة حتى لا تحدث أزمة.
أنا مدرك تبعات الأزمة الاقتصادية على الناس ومدرك ابعادها ولكن لدي يقين بأننا سنعبر كل تلك الأزمات، رغم أننا محاصرون الآن من قوى كثيرة لا تريد لهذا البلد أن يقف مرة اخرى ويسترد مكانته .. هذه القوى «بتعمل لنا مشاكل كل يوم.. وهيخترعولنا مشاكل قبل الانتخابات الرئاسية القادمة» لكن قدرة هذا البلد وهذا الشعب العظيم على الصمود والوعي وفهمه للحقائق.. قدرة كبيرة.. ودعك من حالة الغضب الشعبي التي ينفس بها الناس عن انفسهم فهي تعبر عن أزمتهم وهو غضب مشروع «الناس تعبانة» ولكنهم وقت الجد سيقفون مع وطنهم.. فهذا الشعب لديه حس وطني وعندما يتعرض الوطن للمخاطر ينسى الشعب كل شيء إلا الدفاع عن وطنه.. ودي فلسفة الانسان المصري فى التعامل مع وطنه منذ 7 آلاف سنة.. فهو مقتنع انه يستطيع أن يتغلب على الأزمة الاقتصادية ولو بعد حين ولكنه لا يستطيع ان يتغلب على الفوضى لو سادت فى البلاد.
وما قام به الفريق السيسي و الجيش المصري فى 30 يونيو و3 يوليو هو من أجل الوطن وبدافع الوطنية، وما يحدث الآن من انجازات وإجراءات أيضا من أجل الوطن، قد تكون هناك بعض الأخطاء فى المسار فنحن بشر تخطيء ونصيب والأخطاء واردة ولكن المهم أن تمضي الدولة فى خط وطني من أجل الحفاظ على الوطن والحفاظ على الشعب المصري.
ما هو تقييمك للحوار الوطني فى هذه الفترة ودوره فى عملية الإصلاح السياسي؟
الحوار الوطني جاء بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ليس تعبير عن أزمة اقتصادية وهو أيضا ليس نتاج ضغوط خارجية ولكنه جاء للإصلاح السياسي والذي قال عنه الرئيس «أنه تأخر كثيرا»، حيث كنا فى فترة انتقالية وأوضاع البلد لا يمكن حلها وإصلاحها بين يوم وليلة، ولذا كنا فى حاجة لبناء الدولة وإصلاح المؤسسات وحدث ذلك ثم الإصلاح الاقتصادي فى 2018 وأنت الآن فى حاجة للإصلاح السياسي وهو ما نفعله من خلال الحوار الوطني.. وقد ظهرت ثماره من خلال استمرار الإشراف القضائي على الانتخابات وأيضا قرارات العفو الرئاسي والتي شملت بعض الحالات لأشخاص مدانة وصدر ضدها أحكام قضائية ولكن تم العفو عن العقوبة وهذه وغيرها خطوات مهمة نحو الإصلاح السياسي.
وهناك إجراءات أخرى تنتهجها الدولة للإصلاح حاليا مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومراكز الإصلاح البديلة للسجون بشكلها التقليدي والتي صارت أدمية فأنا دخلت السجن وكنا نجلس عددا كبيرا فى زنزانة ضيقة ويتم حبسنا لمدة 23 ساعة ونصف الساعة فى اليوم ولا نخرج للتريض سوى لمدة نصف ساعة فى اليوم وهو ما دفعني للإضراب عن الطعام فى سجن طرة من اجل زيادة مدة التريض إلى ساعة ونصف، أما الآن فالوضع فى السجون مختلف تماما وكل هذه الإجراءات مهمة جدا فى مسيرة بناء الوطن، واعتقد إننا نسير للأمام، وسنصل لتحقيق حلمنا قريبا.
إلى أي مدى نحن قادرون على أن نراهن على وعي الشعب المصري فى هذا الوقت وفى ظل الظروف الحالية؟
مشكلتنا فى النخبة وليس فى الشعب، ف الشعب المصري حتى وهو يعاني من الأزمات الحالية لا ينسى الوطن وأمنه القومي لذا تراه يتحدث عن الإنجازات وأيضا الأزمات وأنه يريد أن تتحسن أوضاعه المعيشية وقد يسخط الشعب المصري وقد يغضب ولكنه عندما يجد أن دولته ستمس يقف خلف قيادته السياسية، وخير دليل على ذلك أنه تحمل تبعات الإصلاح الاقتصادي ورفض الانصياع وراء دعوات الفوضى الإخوانية المشبوهة مثلما حدث من تجاهل شعبي لدعوات 11-11 وغيرها.
ف الشعب المصري شعب واعٍ وشعب يدرك معنى انهيار الدولة وخطورة ذلك وتجارب الشعوب المحيطة به وما حدث لبلدانها جعلت الشعب المصري أكثر تمسكا ببلده ونعم هو له مطالب مشروعة وعلينا أن ننتبه لها ونجاهد من اجلها دون المساس بالوطن ومقدراته.