سر رسالة «التصفية» التى تلفاها رئيس قطاع الأخبار على تليفونه "2-2"

سر رسالة «التصفية» التى تلفاها رئيس قطاع الأخبار على تليفونه "2-2"ثورة 30 يونيو

الساعات الحاسمة التي عشناها بكل مشاعرنا وقوانا يوم الثالث من يوليو 2013 كانت التطور الطبيعي لحركة التاريخ وأمرا طبيعيا لإنقاذ البلاد من حكم «فاشٍ» كاد أن يلقيها فى هاوية الجهل والتخلف والضلال.. هكذا وصف الإعلامي الكبير إبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار الأسبق، المشاعر التي انتابت الجميع عقب بيان 3 يوليو، مستكملا: عندما غادرت المبنى في الساعات الأولى من فجر يوم الرابع من يوليو تملكني شعور لم أعتده من زمن بعيد ، فقد شعرت أنني أتنفس هواء مختلفا عن ذي قبل، هواء غير ملوث، هواء بلا إخوان.


وتحركت السيارة التي أستقلها بصعوبة بالغة بين الآلاف الذين تجمعوا على النيل أمام ماسبيرو وقطعت السيارة المسافة بين المبنى ومطلع كوبرى 15 مايو في حوالي 40 دقيقة ولم يهمني لأني شاهدت البسمة قد عادت إلى وجوه المصريين وعلا علم مصر في كل مكان فيما غطت الألعاب النارية سماء العاصمة ومدن مصر كلها ليبدأ الوطن صفحة جديدة من تاريخه أكد فيها أنه لا يصح إلا الصحيح.
ويواصل الإعلامي الكبير رئيس قطاع الأخبار الأسبق فتح خزائن أسراره متحدثا عن فضائح وكوارث منها مؤتمر سد النهضة وفضيحة شريط زيارة بروكسل، والكوارث التي كانت تحدث داخل مكتب وزير الإعلام الإخواني في الطابق التاسع بماسبيرو، وأسرار التعليمات التي كانت تصدر إليه، وكواليس بيان مهلة القوات المسلحة بـ 48 ساعة وكيف أجهض رؤساء القطاعات البرامجية مخطط انتداب العاملين للعمل في تلفزيون الإخوان الموازي، وماذا عن أسرار بيان 3 يوليو وماذا قال اللواء محسن عبدالنبى للصياد، وكيف سيطرت مجموعة إعلام الرئاسة على وزير الإعلام الإخواني ولماذا وصفهم «الصياد» بـ «الهواة» وما هي أسرار الرسالة التي وصلت للصياد على هاتفه وكان هدفها تصفيته واعتقاله، وماذا عن كلمة السر التي اتفقوا عليها قبل إذاعة بيان 3 يوليو، وكيف تعامل القطاع مع الأحداث الجسيمة التي تلت 3 يوليو من حوادث إرهابية وتشويه دولي لثورة 30 يونيه ، وإلى التفاصيل في الجزء الأخير من هذا الحوار.

ماذا عن كواليس بث فضيحة مرسي عن سد النهضة؟
حدث ذلك فى 4 يونيو 2013، حيث أعد مرسي اجتماعا مع بعض ممثلي الأحزاب والقوى السياسية فى قصر الاتحادية، وكنت قد توجهت إلى جامعة المنيا فى حفل تكريم فى اليوم نفسه، وكان معي الدكتور حسن على رئيس قسم الإعلام فى الجامعة، وفى الفندق فتحت على شاشة القطاع ووجدت أن هناك نقل هواء من الاتحادية لمؤتمر عن سد النهضة، وكان الاجتماع الذي من المفترض أنه «سري» فضيحة بالدرجة الأولى، تحدث فيه الحضور بمنتهى الأريحية والحرية، دون أن يدروا أنهم على الهواء، وكانت الكارثة أن العالم كله يشاهدهم، وسألت نفسي «ايه اللي بيحصل ده» الأمر الذي دعاني إلى الاتصال بمكتبي.
وماذا كانت الإجابة من مكتبكم؟
كانت الإجابة «أن هذا نقل مباشر من الاتحادية وقطاع الأخبار ناقل فقط، ولسنا مسئولين عن هذا المؤتمر، حيث عرفت أن المتحكم فى الإذاعة ليس قطاع الأخبار، ولكن المسئولين عن البث فى إعلام الرئاسة بعد تجنيب كل الفنيين من اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأنا اشاهد ما يدور فى المؤتمر ومعي الدكتور حسن علي ووجدتهم يقولون كلاما صعب جدا على الهواء، وتخطيط لضرب السد، فاستأت جدا، وكلمت مسئول الإعلام بالاتحادية وسألته ماذا يحدث ونبهته أن المؤتمر على الهواء فقال «الريس عارف».
قال لك «الرئيس يعلم»؟
نعم، قلت له الريس عارف، وأنتم موافقين «على اللى بيحصل ده»، قال لي «آه طبعا»، قلت لهم «شكر» وأغلقت الهاتف، وبعد حوالى ربع ساعة حدث قطع عن بث المؤتمر، حيث اتصل بي المسئول عن الإعلام فى الاتحادية يسألني ما العمل فقلت له من الأفضل قطع الإرسال، ويقول المذيع نكتفى بهذا القدر، لكن سبق السيف العزل انتهى الاجتماع الفاضح، ثم اتضح أن المسئول عن استمرار نقل المؤتمر على الهواء مباشرة الدكتورة باكينام الشرقاوى مستشار مرسي للشئون السياسية آنذاك، والحقيقة أن هذا المؤتمر تسبب فى أزمة خطيرة وعميقة مع إثيوبيا.
وما دلالات هذا المشهد؟
الدلالات سواء فى مؤتمر سد النهضة أو غيره من الأمور تؤكد أن العاملين بالإعلام بالاتحادية كانوا «هواة» وليسوا «مبدعين» .
العاملون بالإعلام بالاتحادية كانوا على اتصال مستمر أشبه بالخط الساخن مع وزير الإعلام الإخوانى «صلاح عبد المقصود».
وبالتالي التعليمات التي تأتي من إعلام الاتحادية إلى وزير الإعلام «عبد المقصود» كانت تصب فى النهاية إلى قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون؟
نعم هذا صحيح، بل والتعليمات التي كانت تصل إلى صلاح عبد المقصود لم تكن قاصرة على إعلام الاتحادية، بل كانت تأتي له تعليمات من مكتب الإرشاد نفسه، أنا هنا أريد الوصول إلى أنهم هواة وليسوا محترفين، ومن الأمور التى تثبت صحة ذلك، أحداث بورسعيد.
ماذا حدث؟


مرسى قرر أن يخرج ليتحدث عنها بعد الأحداث، وفوجئت كرئيس قطاع الأخبار بأنهم أبلغوني أنه أجرى حديث مع الصديق الإعلامى عمرو الليثي، وسوف يذاع الساعة الثامنة والنصف مساء، وكان وقتها «الليثي» مستشار مرسي، وأجرى عمرو الليثي الحديث، واتصلت بالاتحادية «طب ابعتوا الحديث يا جماعة»، كان الرد «أصل الريس متعود كل ما يسجل حاجة يقعد يتفرج عليها واللي ميعجبوش من الحوار يعيده تاني، واستمر هذا الكلام حتى الساعة الرابعة صباحا حتى خرج الحديث المنتظر»، وهنا أرجع إلى النقطة الفنية أنهم هواة مش محترفين، إن نظام الإرسال فى مصر فى ذلك الوقت كان نظاما هندسيا تماثليا، والشرائط التى يتم التسجيل عليها كانت شرائط hd، وعندما تحضر شريط من هذا النوع وتضعه فى جهاز بنظام أنالوج Analog، الصورة تخرج مضحكة، وفوجئت أن صورة مرسى كما لو كانت عريضة جدا، مثل المرايات المكبرة، ولم نعد إذاعته مرة أخرى.
وماذا عن فضيحة تصريح مرسي قبل مغادرة الطائرة إلى بروكسل؟
هذة الواقعة اكتشفت من خلالها أن الإخوان يكرهون بعضهم وإن كانوا يتوحدون أمام من هو غيرهم، وهذه الواقعة كشفت لى أن أحمد عبد العاطى مدير مكتب مرسي لم يكن راضيا عن أداء صلاح عبد المقصود، بل ربما كان يرى فيه أنه الشخص غير الملائم لتولي منصب وزير الإعلام، وعندما سافر مرسي إلى بلجيكا وإيطاليا أرسلت معه كاميرا على الطائرة وصمم مرسى أن يدلي بتصريح قبل مغادرة الطائرة إلى بروكسل واختار أرض مطار القاهرة، وقام المصور بتصوير التصريح وسافروا بعدها إلى بروكسل واتصل بي «عبد العاطي» ليخبرني أنه فى الطريق إلى ماسبيرو شريط عليه تصريح للرئيس قبيل مغادرته ولما جاء الشريط اكتشفنا أن الشريط لم يسجل، فاتصلت بـ»عبد العاطي» لأخبره بالموقف الذى كان صادما له وقلت له إنه ربما عطل بالكاميرا، فهاج وماج وطلبت منه الهدوء حتى يتم إيجاد حل وبعد دقائق اتصل بى مرة أخرى يسأل عن صلاح عبد المقصود قائلا عبارة سخيفة «أين الوزير بتاعك أحاول الاتصال به، لكن هاتفه مغلق؟» فقلت له أنا لست سكرتير الوزير، فرد ماذا ستفعل فى المشكلة، فقلت له ببساطة: هناك فى بروكسل طاقم تصوير أرضى وعندما يغادر بلجيكا يتسلم المصور الذي على الطائرة الكاميرا السليمة ويأخذ المصور فى الطاقم الأرضي الكاميرا العطلانة ورد قائلا الموضوع ده خطير ولازم يتحول المصور للتحقيق، وبالفعل حولت الواقعة إلى التحقيق وكانت النتيجة أن المتسبب فى عطل الكاميرا هو مرسي، لأنه صمم على التصوير بجانب الطائرة، الأمر الذي أدى إلى تشبع الكاميرا بالرطوبة فتوقفت عن العمل .
بمناسبة التليفزيون الموازي الذي سعى الإخوان إلى إنشائه، كانت قناتا، مصر 25 ، والجزيرة مباشر مصر، من الأذرع الإعلامية التي اعتمدوا عليها فى بياناتهم وفعاليتهم، لدرجة أن شكري أبو عميرة رئيس الاتحاد آنذاك، أعلن أن الوزير «عبد المقصود» طلب النقل من هاتين القناتين.
ما كواليس ذلك ودلالته، وهل فشلوا فى أخونة إعلام ماسبيرو؟
أنت سبق وأن حضرت إلى مكتبي فى قطاع الأخبار بالتليفزيون، وشاهدت الشاشات الموجودة فى مكتبي لمتابعة كافة الأحداث، ومكتب الوزير فى الدور التاسع كانت لديه شاشتان، شاشة يشاهد منها قناة الجزيرة مباشر مصر، والشاشة الثانية يشاهد فيها قناة مصر 25، وأنا أسال نفسي «طب فين شاشتنا التليفزيون المصري، احنا ما بيشوفناش ليه» وفى إحدى المرات قال لى إن قناة مصر 25 تنقل حدثا معينا «انتوا مابتخدوش منهم ليه» وكانت من الأمور التى بها شد وجذب، فقلت له «يا معالى الوزير كل قناة لها سياستها التحريرية، وأنا غير ملزم أن تكون سياستي التحريرية مثل سياسة قناة مصر 25، هذه قناة خاصة، أنا تلفزيون عام، أخاطب كل أطياف الشعب المصري، «ياريته كان فهم الكلام اللي أنا قلته له» للأسف «مفهمش» رغم إنى عارف إنه خريج إعلام .
وقد لاحظت أن هناك من يبلغ قناة الجزيرة وقناة مصر 25 التابعة للإخوان مقدما عن الأحداث والفعاليات المختلفة دون أن يتم الشيء نفسه مع التلفزيون الرسمي فى محاولة لإحراج القائمين.
إذن كانت هناك نية لعمل تليفزيون مواز لماسبيرو؟
نعم هم أرادوا عمل خط إنتاج إعلامي مواز من خلال الإمكانات الموجودة فى قصر الاتحادية وزاد الطين بلة عندما طلبوا مصورين ومونتيرين ومخرجين متفرغين للعمل معهم طول الوقت فيما يشبه الانتداب لكنهم أضافوا أن عليكم أن تدفعوا لهم مستحقاتهم وهو ما كان من الصعب تحقيقه لأن جهة الانتداب هي التي تدفع المستحقات وفقا للقانون، وإذا تم تنفيذ ما يريدونه سيقع المسئول تحت طائلة القانون ودخلنا فى جدل حول هذا الموضوع وخطابات استعجال من الرئاسة للوزير، لكن رفض كل رؤساء القطاعات البرامجية تنفيذ طلبهم، مما أدخلنا معهم فى أزمة جديدة، فى غضون ذلك خرج إسماعيل الششتاوى إلى المعاش لبلوغه السن القانونية وكلف الوزير شكرى أبو عميرة بتولي رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، بالاضافة إلى عمله رئيس قطاع التليفزيون.
هل إعلام الرئاسة كان هو المتحكم فى صلاح عبدالمقصود؟
إعلام الرئاسة سيطر عليه بعد رحيل «ياسر علي» ومجموعة من عيون مكتب الإرشاد وهنا تراجعت صلاحيات الوزير وكان يرجع كل شيء إلى هذه المجموعة.
إذن العلاقة بينك وبين الوزير صلاح عبد المقصود كانت فى أزمات؟
كل يوم يمر كانت العلاقة تزداد تأزما مع الإخوان ممثلين فى إعلام الرئاسة ووزير الإعلام صلاح عبدالمقصود، وقد ترك «عبد المقصود» الساحة لهم، ووصل الأمر ذروته عندما قرروا أن ينشأوا ما يشبه إعلاما موازيا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون الرسمي، فقد استعانوا ببعض الأشخاص من خارج ماسبيرو لم تكن لديهم الخبرة وأعتقد أن كل مؤهلاتهم أنهم يدينون لهم بالطاعة والولاء وهو الأمر الذي لم يجدوه فى مهنية الإعلاميين فى قطاع الإخبار لدرجة أنهم لم يتقبلوا منهج الرأي والرأي الآخر الذي يعكس التوازن الذي كنت أحرص عليه تحقيقا للموضوعية من اقتناعي أن التلفزيون المصري ملك الشعب.
هل كانت محطة راديو مصر فعلاً صداعا فى رأس الوزير؟
نعم، كانت تمثل إزعاجا وصداعا دائما للوزير عبدالمقصود وإعلام الرئاسة والإخوان بشكل عام، وتدخلوا أكثر من مرة لوقف برامج واستبدالها ببرامج أخرى من جهتهم ولكنهم فشلوا فى أن يغيروا من توجهات شباب راديو مصر الذي أصر على المقاومة حتى النهاية، وكان راديو مصر أحد أسباب الخلافات بيننا، حيث كان يبحث عن مدير إخوانى ليدير المحطة بدلا من ماهر عبد العزيز الذي دفع من وقته وصحته الكثير.
أنا التقيت بالإذاعى ماهر عبد العزيز كثيرا وهو مهني لأبعد مدى ووطنى جدا.. ما تعقيبك على ذلك؟
هذا صحيح وكانت له مواجهات مع المستشار الإخواني أحمد عبد العزيز الذي زرعه إعلام الرئاسة فى راديو مصر، وخلافى مع الوزير انتهى براديو مصر وقاطعته حتى قرب رحيله واقتصرت علاقتي على شكرى أبوعميرة، وتمثل الخلاف فى أكثر من شيء منها خبر أذيع من راديو مصر حول افتتاح مرسي كوبرى مشاة ضمن عدد من الافتتاحات الأخرى واعتبر «عبدالمقصود» تحرير الخبر بهذا الشكل فيه إساءة للرئيس وقرر نقل رئيس تحرير الأخبار براديو مصر والمحرر إلى الأخبار المسموعة وإحالتهما إلى التحقيق ووجهة نظري أن المحرر لم يرتكب أي أخطاء وأن الراديو يقدم خدمات متنوعة على رأس ومنتصف الساعة ويحرص المحرر على التنويع فى كل الخدمات منعا للتكرار، ولو افترضنا أن هناك سوء تقدير لا يعني أنه ارتكب جريمة أو إساءة للرئيس حتى يصور الأمر على أنه مؤامرة كبرى !!
وماذا عن كشوف الممنوعين من الظهور على شاشات ماسبيرو؟
لا توجد كشوف مكتوبة، إنما كانت هناك تعليمات عن ضيوف معينة يتقال مثلا «بلاش ده» ، وللأسف الشديد أنا كنت أحيانا أقبل على مضض ذلك، لكن صدقني كنت فاتح النوافذ الإعلامية للقطاع لكل التيارات.
بمعنى؟
مثلا يقول لك متجبش فلان على القناة الأولى، بعد أن ظهر عليها سابقا، لكن كان يتم استضافته مثلا على قناة النيل للأخبار، أو قناة النيل الدولية، أو راديو مصر، وعندما يسأل الوزير لماذا ظهر فلان الفلانى أو هذا الضيف على الشاشة، كان الرد «يا فندم إنت طلبت ألا يظهر هذا الضيف على القناة الأولى لكن لم تقل لى ألا يظهر على النيل للأخبار» بمعنى أنا كنت «بلاعبه» وكنت أبحث عن بدائل أو مخارج أخرى للتعامل مع الأمر، لأننى لا آخذ أسلوب الصدام أو المصارعة، وهكذا استمر الحال، حتى وصلنا إلى مرحلة أن الوزير الإخواني كان لازم يطلع قرار بإقالتي ويرشح أحد الزملاء بدلا مني.
وما هي القشة التي قصمت ظهر البعير بينكما كما يقولون؟
إنني «مش تبعه» وقال هذا الكلام إلى شكري أبوعميرة رئيس الاتحاد والإذاعي إسماعيل الششتاوي، بأن يشوفوا حد غير إبراهيم الصياد، وهو رشح أحد الزملاء بدلا مني.
من هذا المرشح؟
اعفينى من ذكر اسمه
وهل من خارج ماسبيرو أم داخل القطاع؟
مذيع من داخل قطاع الأخبار
وهل لا يزال موجودا؟
نعم
وماذا حدث بعد ذلك؟
سألت نفسى لماذا لم أبلغ رسميا بالرحيل أو الإقالة، ويوم الأحد 30 يونيو اندلعت الثورة وخرج جورج رشاد مذيع نشرة الساعة 2 ظهرا فى ختامها على القناة الأولى والفضائية وقال «سنوافيكم تباعا بآخر تطورات ثورة 30 يونيو» ربما الختام جاء عفويا من المذيع، لكن أقام الإخوان الدنيا وصدرت جرائد اليوم التالى تقول إن عبد المقصود أقالني، لكن مكتبه يكذب، وهنا أريد أن أسجل شهادة لموقف بطولي وللمرة الأولى أذكره لكم، وأنا الآن خارج المنصب، يخص الإعلامى إبراهيم العراقي وكان يشغل آنذاك منصب وكيل أول وزارة الإعلام وهو نفس المنصب الذي كان فيه اللواء أحمد أنيس قبل أن يتولى وزارة الإعلام، جاءت له مذكرة إقالتي من منصبي من صلاح عبد المقصود، لكن الوزير كان وقعها بتاريخ سابق عن اليوم الذى وصلت فيه المذكرة إلى إبراهيم العراقي، وأخذ «العراقى» مذكرة إقالتي ودخل إلى الوزير، وقال له إن هذا الأمر قانونيا خطأ، رد عليه الوزير قال له «نفذها كده»، خرج «العراقى» من مكتب الوزير وركن المذكرة فى درج مكتبه، كانت الأحداث تتسارع وتتوالى ودخلنا إلى 30 يونيو والتي بدأت من 28 يونيو.
وكيف تعامل القطاع مع المظاهرات التي نادت بسقوط حكم المرشد وحركة تمرد، ألم يكن هناك تخوف ورئيس الجمهورية إخوانى ورئيس الحكومة ووزير الإعلام كذلك؟
لا لم نخش شيئا كنا ننقل الأحداث، وكنا نتعامل بذكاء حيث كنا نقسم الشاشة لنقل كافة الفعاليات، سواء ميدان التحرير أو رابعة أو الاتحادية أو النهضة وفى الإسكندرية كان عندي موقعين واحد ضد الإخوان وهو مسجد القائد إبراهيم، والموقع الثانى مع الإخوان فى أبوقير، اتصلت بالدكتور هانى جعفر رئيس قطاع الإقليميات آنذاك، كي يمدنى بالكوادر الإعلامية الخاصة بالمظاهرات فى كل محافظات مصر، وفوجئت بأن كل محافظات مصر ضدهم وكان يذاع سواء فى النشرات أو البرامج أو بث مباشر.
وكانت بالتالى التليفونات ترفع لكم عما يبث على الشاشة؟
ضاحكا: بالضبط ويقول الوزير ما الذى يحدث، فأرد أقول: «طب ما أهو يا معالي الوزير ما أنا بنقل مظاهرات الإخوان أهو ... أعمل إيه «خاصة وأن أول يوم قابلت فيه صلاح عبدالمقصود، وجرى العرف أن جميع وزراء الإعلام السابقين أول شخص يقابلونه منفردا بعد تعيينه هو رئيس قطاع الأخبار، ورغم ذلك «عبدالمقصود التقى بى وسط باقى قيادات ماسبيرو ورؤساء القطاعات ورئيس الاتحاد» وأول كلمة قالها لنا «يا جماعة أنا عايز الرأي والرأي الآخر» فقلت فى نفسي «الله .. فهو بذلك أعطانى الضوء الأخضر الذي نشتغل على أساسه» فكان عندما يتعصب من نقل معين أرد عليه قائلا «يا فندم ما أنت قلت لنا عايز الرأي والرأي الآخر «فكان يسكت» حتى جاء يوم بيان مهلة القوات المسلحة للـ 48 ساعة.
وإحنا كماسبيرو كان لا بد وأن نأخذ موقفا واتحاد الإذاعة والتليفزيون «مع مين»، أخرجنا بيانا ذكرنا فيه أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو إعلام الشعب المصري وينحني لإرادة الجماهير أيا كانت، والوزير صلاح عبد المقصود كان لا يزال فى المنصب، وقال لشكرى أبو عميرة رئيس اتحاد والإذاعة والتليفزيون «يا شكرى انتوا مبقتوش معانا، إنتوا ضد الدولة وتليفزيون الدولة لم يعد مع الرئيس».
وما هي كواليس بيان 3 يوليو 2013؟
الأول من شهر يوليو، استقال عدد كبير من وزراء حكومة هشام قنديل وكانت استقالات جماعية، طب يا جماعة وزير الإعلام منهم «قالوا لا لسه»، وفى يوم الثانى من يوليو قالوا إن الوزير يجهز أوراقه وهيمشي، وبالفعل غادر المبنى الساعة 12 ظهرا، وفى الساعة 1 ظهرا فى ذات اليوم وصلتنى رسالة على الهاتف المحمول من مسئول الإعلام فى الاتحادية.
ما نصها؟
«أستاذ إبراهيم تعالى فورا فى قصر القبة» وأنا اعتدت أن أقابله فى قصر الاتحادية، سألت نفسي إيه الحكاية، والوزير كان رحل، وهم بدأوا يجهزوا أوراقهم، ولدى خلفية بموضوع إقالتي، وسألت نفسي كثيرا «طب هم عايزيني فى إيه»، وكان فيها احتمالين ولا ثالث لهما، إما «اعتقالي على أساس أنهم سوف يستمروا أو تصفيتي، وهذه الرسالة كانت رسالة تاريخية» .
وما دلالة الرسالة وماذا فعلت تجاهها؟
دلالتها أنه يفهم منها أن الإخوان كانوا «هيشتغلوا شغل العصابات بتاعتهم»، ولم أذهب إلى قصر القبة وتجاهلت الرسالة، حتى أحمد عبد العزيز عندما كان يأتي قبلها فى هذا التوقيت وقبلها كنت أتجاهله، ومرة جاء إلى مكتبي وطلب مقابلتي، وسكرتارية مكتبي بلغوني، فرفضت مقابلته، وأبلغتهم «شوفوه عايز ايه وكلموني»، فأنا قفلت معهم كلهم فى تلك الفترة، فأحمد عبد العزيز الذى كان يطلق على نفسه مستشارا كان يتدخل فيما لا يعنيه ويقوم بدور المخبر لإبلاغ المقطم بما يحدث فى ماسبيرو وله عيون ترصد البرامج والنشرات وحاول فرض نفسه بأن طلب من شكرى أبوعميرة تسلم مكتب رئيس التليفزيون لأن أبوعميرة فى مكتب رئيس الاتحاد ولكن رفض هذا الطلب من قبل أبو عميرة، وطلب مخبر الإخوان أن يبقى بالمبنى ليكون رقيبا علينا اعتبارا من يوم الجمعة 28 يونيو، وعندما علم المحررون والمذيعون هذا أعلنوا أنهم سوف يلقنوه درسا لا ينساه ولن يسمحوا له بدخول الاستوديوهات أو صالة تحرير الأخبار وكان المخبر الإخواني قد تدخل فى شئون القطاع بشكل مريب وعندما منعته أكثر من مرة اتجه إلى ماهر عبدالعزيز مدير راديو مصر ومارس ضغوطا على الرجل لدرجة أن ماهر أصيب بأزمة قلبية نقل على أثرها إلى المستشفى وفى الأيام الأخيرة قبل 30 يونيو لم أرد على اتصال منه أو من إعلام الرئاسة.
الحقيقة أن المظاهرات التي انطلقت سواء التي كانت ضد الإخوان أو التي كانت ضمن أنصار مرسي فى رابعة كانت تنقل على الهواء من قبل قطاع الأخبار؟
اختلفت مع الدكتورة درية شرف الدين عندما أصبحت وزير الإعلام بعد ذلك عندما قالت لي لا تذيع ما يحدث فى رابعة، ورفضت، لأن المهنية لا تتجزأ.
وكان الالتزام الكامل بالمهنية فى التغطية الإخبارية فكان توزيع تجميع الإخوان فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة بشكل أساسى بينما تركزت الجماهير الرافضة لحكم الإخوان أمام فصر الاتحادية وفى ميدان التحرير وطلبت من قطاع القنوات الإقليمية إمداد ماسبيرو على مدار الساعة بالمواد المصور للفعاليات الجماهيرية فى المحافظات التى تغطيها هذه القنوات واعتمدنا على تقسيم الشاشة لنقل أى أحداث مصورة.
وحاول الإخوان يومي 28 و29 يونيو استعراض قوتهم فى الحشد والطريف أن صلاح عبدالمقصود يتابع التغطية أولا من قناتى مصر 25 والجزيرة ثم يوجه ملاحظاته على ما نقله التليفزيون المصرى وأبدى امتعاضه اكثر من مرة من عدم تركيز القطاع على تجمعات الإخوان خاصة فى المحافظات بينما يرى مستشارو الإعلام فى الاتحادية أن التوازن الذى يتبعه التليفزيون الرسمى أمر غير مهنى من وجهة نظرهم التى نقلوها من خلال الرسائل القصيرة والاتصالات الهاتفية سواء معى أو رئيس الاتحاد أو مستشار وزير الإعلام أو حتى الوزير نفسه الذى أصبح فى وضع لا يحسد عليه لأنه وصل إلى مرحلة لم يكن فى مقدوره اتخاذ أى قرار.
وماذا حدث فى الأول من يوليو؟
سيطر إعلام الرئاسة على عربيات البث فى رابعة حيث أخبرنى أيمن الحبال أنه غير قادر على أداء عمله داخل الوحدة بسبب المستشار أو مخبر الإخوان الذى كان جالسا إلى جواره.
كان بيان القوات المسلحة يوم 27 يونيه حدثا فارقا ومهما فى الطريق إلى 30 يونيو كيف تعامل القطاع مع هذا البيان؟
يوم 27 يونيه حوالى الخامسة مساء، أصدر الجيش بيانا وصل مصورا إلى قطاع الأخبار حذر فيه كل الأطراف بضرورة تحكيم العقل وضبط النفس ويعطى مهلة لكل الأطراف لإنقاذ البلاد.
فوجئت بعد إذاعة البيان أن «صلاح عبدالمقصود» قال لي «إزاى تذيعه ده» قلت له «دا جايلى من الجيش»، ليرد قائلا «طب ذعته ليه» رديت قائلا « ذعته ليه ... هو حضرتك متعرفش .. «فالوزير شعر أنه ضايع مش قادر يعمل حاجة»، وبالتالى إيه القرار والمفترض إنك الوزير»اللى تقولى ذيع ده»، فكنت أقول له ذلك وأساله «انت معرفتش ليه، طب مترجع للاتحادية يمكن يكون عندهم فكرة، فكنت بألاعبه قدر المستطاع فى هذه الفترة، وهو نتيجة أيضا امكانياته السياسية والإدارية المحدودة، فكان لا يستطيع السيطرة واتخاذ القرار، فصلاح عبد المقصود مختلف تماما عن أسامة هيكل وعن أحمد أنيس وعن طارق المهدى.
يوم الجمعة الثامن والعشرين من يونيو كان بروفة لما سيحدث 30 يونيو حيث كانت كل الأمور تتجه إلى التصعيد وكان واضحا أن قصر الاتحادية قد فقد السيطرة على كل مفاصل الدولة ولم يعد له اتصال إلا بمكتب الإرشاد وقررت العمل وفق ما يمليه عليّ ضميرى الوطني والمهني.
وماذا عن ما حدث قبل إذاعة بيان 3 يوليو الحاسم؟
يوم 3 يوليو، كنت أقيم قبلها فى المبنى ولم أذهب إلى منزلى بسبب تطورات الأحداث، وكلمت أسرتي فى منزلى وأبلغتهم نصا «خلوا بالكم الساعات اللى جاية ساعات صعبة وهيبقى فيه أشياء ربنا يسلمها وادعوا لنا ولم أفسر لهم شيئا ايه اللى ممكن يحدث لأنه فى حالة لا قدر الله نجح الإخوان ومكنوش أغبياء كانت الأمور ستختلف، ولكن غباءهم السياسى هو اللى وقعهم لو كانوا ناجحين فى السيطرة واستطاعوا السيطرة على هذا الموقف، كانت النهاية لنا جميعا كمسئولين وشعب، لكن كنا مؤمنين بأن الله يقف معنا.
وما هي تعليماتكم فى هذا التوقيت ولم يكن هناك وزير إعلام؟
شكلنا مجموعة عمل من الزملاء فى القطاع عبارة عن غرفة عمليات نجتمع بها بشكل دائم، وشكلت اجتماعا مع المعاونين لى قلت لهم «إن اللحظات القادمة لحظات حاسمة إما أن نكون أو لا نكون، وكل شخص يؤدى عمله فى مكانه وبما يرضى ضميره المهني.
ماذا دار خلف الكواليس قبل إذاعة البيان؟ وماذا عن المعلومات التي كانت تصلكم قبل إذاعته؟
المعلومات التي كانت عندي أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي يعقد اجتماعا فى قصر القبة بحضور عدد من القوى الوطنية لتحديد الموقف، وبالطبع كان هناك بيان مهلة 48 ساعة للأطراف السياسية للاتفاق على كلمة سواء ولم يحدث، ومن هنا ستضع القوات المسلحة مع القوى السياسية خارطة طريق للمستقبل وهذا ما حدث، وهذه المعلومات التي كانت متاحة لدى وقتها، ضمن هذه المعلومات لما سألت هل سيخرج بيان، كانت الإجابة نعم سيكون هناك بيان، سألت هل سيكون مسجلا أم هواء، قيل لى سيكون على الهواء، ثم قيل لي تسجيل، طب فى حالة الهواء ماذا سنفعل، وفى حالة التسجيل ماذا سنفعل وكان متوقعا أن يصدر بيان القوات المسلحة الرابعة عصرا ولكن الوقت يمر والشوارع والميادين تمتلئ بالجماهير وأغلق مبنى ماسبيرو وأحكمت السيطرة الأمنية عليه وتوجهت إلى مكتب رئيس الاتحاد لإدارة الموقف فى إطار ما يشبه القيادة الجماعية ومرت الدقائق ساعات ونحن فى انتظار اللحظة الحاسمة إما النقل على الهواء لإذاعة بيان الجيش أو وصول البيان مسجل وساد الجميع قلق كلما تأخر وصول البيان لا سيما وأننا دخلنا إلى ساعات المساء، واقتربت من نشرة التاسعة مساء وكانت غرفة الأخبار تجهز النشرة.
وماذا حدث قبل نشرة التاسعة؟
قبل نشرة التاسعة بنصف ساعة، اتصل بى اللواء محسن عبد النبى مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة وقتها، قال لى أنا فى الطريق إليك وموجود حاليا فى العباسية، وخرجنا من قصر القبة، «جهز الاستديو».
قُضى الأمر إذن؟
نعم، كان فى ذلك الوقت التعليمات صادرة إلى الحرس الجمهورى الموجود فى الاستديو بعدم دخول أو خروج أي فرد بما فيهم أنا كرئيس قطاع الأخبار، كنت فى مكتبى نزلت إلى الاستديو 11 فى الدور الثالث وجدتهم مقفلين الاستديو، وجلست فى الاستراحة وظللنا ننتظر.
إذن كانت هناك خطة عمل محكمة من قبلكم للاستعداد لهذا البيان المهم؟


نعم، كنت أتابع من مكتبي ومعي شكري أبو عميرة رئيس الاتحاد آنذاك وإسماعيل الششتاوى رئيس الاتحاد الأسبق ومستشار الوزير التحرك لحظة بلحظة، بينما الفريق المعاون وفرق العمل على أهبة الاستعداد سواء فى صالة تحرير الأخبار أو استديوهات الهواء فيما توقعت وصول الشريط إما قبل نشرة التاسعة أو أثنائها وفي كل الأحوال اتفقنا على خطة معينة أنه بمجرد وصول الشريط إلى استديو 11 سواء كنت فى الاستديو أو لا وكلفت صفاء حجازي وكانت تتولى موقع رئيس أخبار التليفزيون أن تظل بغرفة الماستر كنترول بالاستديو ولا تغادره حتى مجىء الشريط وحيئنذ تضم كل القنوات المرئية والشبكات الإذاعية على استديو 11 الخاص بالأخبار بعد مشاهدة كلمة السر وسارت الخطة كما ينبغى بلا أية معوقات مفاجئة لأني كنت على يقين أن للإخوان عيونا فى قطاع الأخبار لكن أحكمنا السيطرة الأمنية بمعرفة محمد عاشور المشرف على أمن القطاع .
وماذا بعد؟
وصل اللواء محسن عبد النبى ماسبيرو ودخلوا على الاستديو مباشرة، وكان داخل الأستديو صفاء حجازي، وأعطى اللواء محسن عبدالنبى الشريط إلى الفني المتواجد فى غرفة الماستر كنترول بالأستديو، وحدث موقف طريف، أن الفني بطبيعته يقوم بتجربة الشريط عشان يظبط الدخلات، فما كان من اللواء محسن عبد النبى إلا أن قال له «ذيع على كده ومتحركش أي حاجة»، وكان قاعد «جوه» فى الاستديو المذيع عمرو الشناوي، ومخرج الاستديو قال اطلع هواء، وراح طالع بأغنية يا حبيبتى يا مصر للفنانة شادية لحظات حبسنا فيها أنفاسنا حتى سمعنا صوت شادية يشدو ويتوحد الإرسال ليس فى قنوات ماسبيرو وشبكاته الإذاعية بل فى كل القنوات العربية العاملة على القمر الصناعي المصري «نايل سات» فيما تسلم عمرو الشناوي مذيع الاستديو مقدمة الخبر ليقدم الحدث العظيم الذي يترقبه الملايين وتضم كل القنوات الفضائية والعالم العربي على القناة الأولى بالتليفزيون المصري الرسمي، فيما طيرت الخبر العاجل وكالات الأنباء وكثير من المحطات الإخبارية العالمية.
ما شعورك فى هذه اللحظة التاريخية؟
أقسم بالله فى هذه اللحظة اعتبرت نفسى أديت مهمتى على أكمل وجه وقرأت الشهادة، ولو كنت أبحث عن إنجاز فى حياتى لم يكن هناك إنجاز أفضل من ذلك، ويكفى لو هخرج النهارده معاش سأخرج بشرف، رغم أننى خرجت معاش شهر سبتمبر.
وقد ذكرت فى الكتاب أن الساعات الحاسمة التى عشناها بكل مشاعرنا وقوانا يوم الثالث من يوليو 2013 كانت التطور الطبيعى لحركة التاريخ وأمرا طبيعيا لإنقاذ البلاد من حكم «فاش» كاد أن يلقيها فى هاوية الجهل والتخلف والضلال، عندما غادرت المبنى فى الساعات الأولى من فجر يوم الرابع من يوليو تملكنى شعور لم أعتده من زمن بعيد شعرت أننى أتنفس هواء مختلفا عن ذى قبل هواء غير ملوث هواءا بلا إخوان.
وتحركت السيارة التى استقلها بصعوبة بالغة بين الآلاف الذين تجمعوا على النيل أمام ماسبيرو وقطعت السيارة فى المسافة بين المبنى ومطلع كوبرى 15 مايو فى حوالى 40 دقيقة ولم يهمني لأنى شاهدت البسمة قد عادت إلى وجوه المصريين وعلا علم مصر فى كل مكان فيما غطت الألعاب النارية سماء العاصمة ومدن مصر كلها ليبدأ الوطن صفحة جديدة من تاريخه أكد فيها أنه لا يصح إلا الصحيح.
لكن الأحداث التي أعقبت بيان 3 يوليو شهدت أحداثا جسيمة جدا من تشويه ثورة 30 يونيو وأحداثا إرهابية وهناك إعلام دولي ضدك؟
صحيح، كانت هناك أحداث ضخمة ومنها فض رابعة والنهضة وحوادث إرهابية وأحداث كرداسة وغيرها، وعندما اقتربت من المعاش، الدكتورة درية شرف الدين وزيرة الإعلام وقتها طلبت مني الاستمرار فى منصبي بعض الوقت حيث كان هناك حظر تجول ومظاهرات منها مظاهرات على كوبرى 15 مايو كانت «فظيعة» وهناك من كان يريد أن يدمر المبنى، وكانت هناك كاميرات لقطاع الأخبار فى الدور 24 بالمبنى تقرب الأحداث ومن الأحداث التى حدثت وجدت متظاهرا إخوانيا على الكوبرى ومعه بندقية أطلق منها النار قتل بها شخصا وهو واقف فى بلكونة شقته وهو شقيق المطربة لقاء سويدان على ما أعتقد، وتانى يوم النيابة أرسلت للاطلاع على الشريط الذي لدينا، وللعلم استشهد النائب العام بمعظم الشرائط التي سجلنا بها الأحداث السابقة، وكنت أحافظ على هذه الشرائط فى مكتبى من ثورة 25 يناير والفترة التي تلتها وما شهدتها من أحداث خلال أعوام 2011 - 2013 وثورة 30 يونيو و3 يوليو وما بعد 3 يوليو حتى غادرت المبنى وسلمتها إلى المكتبة آخر يوم لي فى ماسبيرو، كما قبل مغادرة ماسبيرو اتصلت برئيس أمن القطاع اللواء محمد عاشور وقلت له «يا محمد خلى بالك فيه إخوان داخل القطاع، ولازم تتعاملوا معهم، ولا أعرف ماذا فعلوا حيالهم لأننى تركت المنصب وجاءت بعدى صفاء حجازي».
وماذا عن سيارات البث التي سرقت فى مظاهرات رابعة؟
يوم الجمعة 28 يونيو أرسلنا سيارات الإذاعة الخارجية لنقل صلاة الجمعة من رابعة، ونقل الصلاة ليس من اختصاص قطاع الأخبار، والمفروض سيارات الإذاعة الخارجية تعود إلى ماسبيرو بعد انتهاء الصلاة وتبات فى الجراج، وفى هذا الوقت فوجئت بأن السيارات لم تعد، وطلبت توجيه سيارة من السيارتين وبلغت رئيس الاتحاد للذهاب إلى وزارة الدفاع لأن هناك تجمعات ولم تذهب، فاتصرفت وأرسلت كاميرا تصور من فوق سطح، إلا أننى فوجئت بأيمن الحبال رئيس القطاع الحالى يقول لى «يا ريس بيطرودنا من رابعة» قلت له من الذى يحاول طردك قال لى الإخوان وأخبرنى الحبال أنه غير قادر على أداء عمله داخل الوحدة وهناك ناس شكلها غريب قادمة نحو السيارة وتريد أن تضايقنا واخرجوا الطاقم الهندسى، فقلت له «حافظوا على أمنكم وشوفوا هتعملوا ايه، وبالفعل أخرجوهم من السيارة وتم الاستيلاء على السيارتين».
أعتقد أنهم 3 سيارات؟
معلوماتى أنهم سيارتان وقيل إنهم ثلاثة، المهم خرجوهم وطردوهم خارج رابعة، والمفترض عندما يحدث وقف للإرسال تقطع البث، وعندي شاشة فى مكتبى وجدت أن الصورة شغالة، تحركنا بسرعة وقالوا إن هناك أناسا يتبعون قناة الجزيرة مباشر مصر هم الآن» اللي ناقلين على تردد من الترددات الموجودة فى سيارات الإذاعة الخارجية «وبدأت الصورة تظهر فى القنوات الإخوانية والجزيرة مباشر مصر، طب ماذا نفعل، الحقيقة الهندسة الإذاعية والنايل سات اتحركوا كل ما يطلع تردد يدخلوا عليه ويلغوه، وينقلوا على تردد آخر وتالت وهكذا .
موضوع سرقة سيارات البث وصل إلى النيابة العامة؟
نعم وأخذوا رأيي فى النيابة وللأسف الشديد أدين فيه رئيس قطاع الهندسة الإذاعية.

أضف تعليق