أشاد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، بمجهودات الدولة ممثلة في إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، والنائب العام ووزارة الخارجية في إعادة القطع التي خرجت من مصر بصورة غير شرعية وأحدثها استعادة قطعة مهمة لرأس أشهر ملوك مصر رمسيس الثاني، من سويسرا بعد 10 سنوات.
وأضاف بأن رمسيس الثاني هو الملك الذى استقبلته فرنسا عام 1976 استقبالًا رسميًا يليق بملك على قيد الحياة في ضيافتها واستقبل بالموسيقى العسكرية في مطار لوبرجيه بباريس ثم نقلت مومياؤه إلى متحف باريس للأنثروبولوجيا.
فترة حكم رمسيس الثاني
وعن حياة رمسيس الثاني وإنجازاته للحضارة المصرية القديمة، أشار الدكتور "ريحان" إلى أنه تولى القيادة منذ صغر سنه، حيث نصّب وهو في سن الرابعة عشر وليًا للعهد من قبل والده "سيتي الأول" وحكم مصر في الفترة من 1279 إلى 1213 ق.م. لفترة 67 عامًا وشهرين، وتوفي عن عمر ما بين 90 و91عامًا، واحتفل رمسيس الثاني بأربعة عشر عيد "سِد" وهو العيد الذى يُحتفل به لأول مرة بعد ثلاثين عامًا من حكم الملك، ثم كل ثلاث سنوات خلال فترة حكمه ودفن في مقبرة في وادي الملوك، واكتشفت مومياء رمسيس الثاني عام 1881م بالبر الغربي بالأقصر ثم نقلت إلى المتحف المصري ومنه إلى متحف الحضارة في محطتها الأخيرة.
رمسيس الثاني عسكرياً
قاد رمسيس الثاني عدة حملات شمالاً إلى بلاد الشام، وفي معركة قادش الثانية في العام الرابع من حكمه (1274 ق.م.)، قامت القوات المصرية تحت قيادته بالاشتباك مع قوات "مُواتالّيس" ملك الحيثيين استمرت لمدة خمسة عشر عامًا ولكن لم يتمكن أي من الطرفين هزيمة الطرف الآخر، وبالتالي في العام الحادي والعشرين من حكمه (1258 ق.م.)، أبرم رمسيس الثاني معاهدة بين مصر والحيثيين مع خاتوشيلي الثالث، وهي أقدم معاهدة سلام في التاريخ.
رمسيس الثاني الباني
وينوه الدكتور "ريحان" إلى أن رمسيس الثاني قام خلال مدة حكمه ببناء عددًا كبيرًا من المباني يفوق أي ملك مصري آخر، فقد بدأ بإتمام المعبد الذي بدأه والده في أبيدوس ثم بنى معبدًا صغيرًا خاص به بجوار معبد والده ولكنه تهدم ولم يتبق منه إلا أطلال، وفي الكرنك أتم بناء المعبد الذي قد بدأه جده رمسيس الأول، وأقام في طيبة الرامسيوم (أطلق علماء القرن التاسع عشر على هذا المعبد الجنائزى اسم الرامسيوم نسبة إلى رمسيس الثاني) وهو معبد جنائزي ضخم بناه رمسيس لآمون ولنفسه، وتوجد له رأس ضخم أخذت من هذا المعبد ونقلت إلى المتحف البريطاني.
وأقام رمسيس الثاني معبدي أبو سمبل، المعبد الكبير له المنحوت في الصخر ويحرس مدخل المعبد أربعة تماثيل ضخمة ل رمسيس الثاني وهو جالس، ويزيد ارتفاع كل تمثال عن 20 م، والمعبد الصغير المنحوت أيضاً في الصخر لزوجته "نفرتاري" وكان مكرسًا لعبادة الإلهة "حتحور" إلهة الحب والتي تصور برأس بقرة وتوجد في واجهة المعبد ستة تماثيل ضخمة واقفة أربعة منهم ل رمسيس الثاني واثنين للملكة "نفرتاري" ويصل ارتفاع التمثال إلى حوالي 10 متر.
وتابع الدكتور "ريحان" إلى أن وجود كل هذه الآثار له في الجنوب يدحض إدعاء البعض أن عاصمة الحكم في عهده كانت في الدلتا في مدينة (بر رعميس) لأن كل ما خلفه من آثار ومعابد عظيمة كانت في جنوب مصر حيث العاصمة كما هي طيبة، وأقام رمسيس الثاني العديد من المسلات منها مسلة ما زالت قائمة بمعبد الأقصر، ومسلة أخرى موجودة حالياً بميدان الكونكورد بباريس قام بنقلها مهندس فرنسي يدعى ليباس.
وأردف الدكتور "ريحان" بأن تمثال رمسيس الثاني الأكثر شهرة عالميًا هو التمثال الذي يبلغ عمره 3200 عام يصور رمسيس الثاني واقفًا وقد تم اكتشافه عام 1820 من خلال المستكشف "جيوفاني باتيستا كافيليا" في معبد ميت رهينة قرب ممفيس، وتعد منطقة ميت رهينة أو ممفيس التابعة لمركز ومدينة البدرشين بالجيزة هي الموطن الأصلى لتمثال رمسيس الثاني.
عثر على التمثال في ستة أجزاء منفصلة، وباءت المحاولات الأولية لوصلها بالفشل، ويبلغ طول التمثال 11 متر ويزن 80 طن، وهو منحوت من الجرانيت الوردي اللون، وفي شهر مارس عام 1955 أمر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، باعادة وضع التمثال في ميدان باب الحديد بالقاهرة، وهو الميدان الذى اعيد تسميته باسم ميدان رمسيس.
وقد تم نقل تمثال رمسيس الثاني من الميدان المسمى باسمه إلى موقعه الجديد ب المتحف المصري الكبير، والذي يقع في أول طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي في يوم 25 أغسطس عام 2006م، وذلك لحماية التمثال من التلوث البيئي الناجم عن حركة القطارات والسيارات، وكان وصول التمثال إلى المتحف الكبير يمثل تدشينًا لبدء العمل بالمتحف.
وقد اخترق تمثال رمسيس أثناء عملية نقله شوارع القاهرة والجيزة وسط حفاوة المواطنين الذين حرصوا على مشاهدة التمثال وهو يسير في القاهرة.
قطع مسافة 30 كم بمتوسط 5 كيلو مترات كل ساعة وقدرت تكاليف رحلته بمبلغ ستة ملايين جنيه مصري بعد أن تم عمل دراسات للوقوف على الطريقة الأمثل لنقل التمثال، وتم نقل التمثال بالطريقة المحورية والتي أثبتت نجاحها، حيث أن هذه الطريقة جعلت التمثال محملًا على مركز ثقله، وقد تم عمل تجربة لمحاكاة عملية النقل باستخدام كتلة خرسانية تزن 83 طن وذلك لضمان سلامة نقل التمثال.