القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: خطف الأطفال بداية لسلسلة أخرى من الجرائم

القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: خطف الأطفال بداية لسلسلة أخرى من الجرائمالقومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: خطف الأطفال بداية لسلسلة أخرى من الجرائم

مصر6-7-2023 | 17:44

ناقش المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، مشكلة جرائم خطف الأطفال، وبحث أسبابها وعناصرها وآثارها على الفرد والمجتمع، وهذا فى دراسة حديثة تحت عنوان " الأبعاد الجنائية والاجتماعية لجرائم خطف الأطفال" للدكتور سامح المحمدى، أستاذ القانون الجنائى المساعد قسم بحوث المعاملة الجنائية.

ويعد اهتمام المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بدراسة الجريمة ليس بالأمر المستحدث، فالمركز أخذ على عاتقه منذ بداياته الأولى دراسة مختلف أشكال العلاقات الإنسانية وما ينتج عنها من مشكلات وصراعات، أو أى آثار سلبية تؤثر على العلاقات بين الأفراد، وتترك بصماتها على مؤسسات الدولة ، وفي العصر الحالى حيث التقدم الهائل والسريع التكنولوجى والعلمى والتقنى وكذلك التقدم فى وسائل الاتصال، الذى أدى إلى سرعة وصول وتناقل المعلومة الذي كان له الكثير من النتائج الإيجابية فى جميع جوانب العلم والمعرفة، إلا أنه أسهم في الوقت ذاته فى ظهور أنواع جديدة من الجرائم والانحرافات، باتت تهدد استقرار المجتمع وأمنه وسلامته، نظرًا لكونها تمس أهم مؤسسة من مؤسساته وهى الأسرة.

و الأسرة هي أهم مؤسسة من مؤسسات المجتمع، إذا استقرت العلاقات داخلها ساعد ذلك على استقرار بقية مؤسسات الدولة، ويعد الطفل المكون الأساسى للأسرة، وأي اعتداء عليه وعلى سلامته هو بمثابة مساس بالأسرة وتهديد للمجتمع، فحقوق الطفل تحظى بقدر كبير من الحماية سواء على الصعيد الداخلى فى القوانين الداخلية للدولة، أو على الصعيد الخارجي في المواثيق الدولية ومن هذا تنبع خطورة الجرائم المتعلقة بالأطفال بشكل خاص، لأنها تعد اعتداء على كل الدساتير الوطنية والدولية، ونخص هنا فى جريمة خطف الأطفال والتي تمثل اعتداء على أهم حقوق الإنسان، وهو الحق فى الحرية والأمان لفئة ضعيفة في المجتمع.

ولقد وضعت الدراسة تعريفا مبسطا لجريمة خطف الأطفال بأنها "الاعتداء المتعمد على الحرية الفردية للطفل، وذلك بحجزه وتقييده بعد خطفه من مكان تواجده ونقله إلى وجهة لا يعلمها، سواء باستعمال القوة أو العنف أو التحايل أو الخداع أو أى وسيلة أخرى، لمدة قد تطول أو تقصر طبقاً لإرادة الجانى".

كشفت الدراسة أن جريمة خطف الأطفال تعد جريمة غير مستحدثة، ولكن ما يزيد من أهمية هذا الموضوع هو أن جرائم خطف الأطفال لا تعد من الجرائم البسيطة فقط، والتى يمكن أن تنتهى بمجرد اكتمال أركانها المادية والمعنوية فقط، بل قد تُعد هذه الجريمة مجرد بداية لسلسلة أخرى من الجرائم التابعة أو المرتبطة بها، مثل تجارة الأعضاء البشرية وترويج وبيع المخدرات والتسول والاغتصاب.

واستنادا إلى الإحصاءات المتاحة من تقارير الأمن العام خلال السنوات من ۲۰۰۷ حتى ۲۰۱۲ وتتبع انتشار جرائم الخطف بصفة عامة لوحظ ارتفاع معدلات جريمة الخطف بشكل تدريجى على مستوى محافظات الجمهورية بصفة عامة من ٣٦ جريمة خطف فى عام ۲۰۰۷ إلى ٥۸۱ جريمة خطف في عام ٢٠١٢ .

وبينت الدراسة أن جرائم خطف الأطفال تعد واحدة من أخطر الجرائم التي تواجه المجتمع – رغم قلة عددها ؛ نظرًا لما تمثله تلك الجريمة من تداعيات سلبية هائلة ليس على الطفل ضحية تلك الجريمة فحسب، بل على الأسرة والمجتمع بأسره، الأمر الذي حدا بالمشرع إلى التدخل في إطار مسئوليته التي كفلها له الدستور عن طريق أدواته المتعددة في سبيل تحقيق المواجهة الفاعلة لهذا النمط من الجرائم.

وفي هذا الإطار، فقد تطرق المشرع للعديد من الصور والأنماط التي يمكن أن تكون محلاً لجريمة خطف الأطفال، حيث جرم المشرع حالات خطف الأطفال من قبل أحد أعضاء الأسرة، وقرر لها عقوبة بسيطة وهى الحبس مدة لا تزيد على سنة، في إطار الفلسفة القائمة على الحفاظ على الروابط الأسرية بعد أن كان قديما لا يعد خطف الأطفال من أحد أفراد الأسرة جريمة بالمفهوم القانونى البسيط، إلا أن ذلك الواقع تغير بعد ظهور العديد من المشكلات بين أفراد الأسرة الواحدة، وإمكانية امتناع أحد ذوي الطفل عن تسليمه لمن له الحق فى ذلك.

كما تناول المشرع جريمة خطف الأطفال حديثى الولادة، وهى من الصور الشائعة، خاصة في المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الخاصة وقرر المشرع عقوبة لهذه الصورة وهى السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، بالإضافة إلى جرائم خطف الأطفال دون تحايل أو إكراه والتي لم يشترط المشرع لقيامها استخدام أى من وسائل الإكراه المادي أو المعنوى، وتقدر عقوبة هذه الصورة بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات.

وإذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ويحكم على مرتكب هذه الجريمة بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه، كما تناول المشرع صورة من الصور المشددة لجرائم خطف الأطفال والتي يتم ارتكابها باستخدام وسائل الإكراه المادى والمعنوى، وفيها تكون العقوبة السجن المؤبد، وتشدد هذه العقوبة لتصل إلى الإعدام إذا ما اقترنت بها مواقعة الطفل المخطوف أو هتك عرضه، ويلاحظ هنا أن المشرع يرنو إلى توفير أقصى حماية للطفل بغض النظر عن التأثير على إرادته ليصل فى الصورة الأخيرة لأقصى درجات التشدد في عقاب الجاني.

ومن زاوية أخرى تطرق المشرع إلى بعض الصور الخاصة لجرائم خطف الأطفال والجرائم المرتبطة بها ، وأبرزها جرائم استغلال الأطفال في الدعارة، وقرر لها عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات، وكذلك جرائم استغلال الأطفال وتعريضهم للانحراف وتسخيرهم في ارتكاب الجريمة والتي قرر لها المشرع عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين، بالإضافة إلى جرائم خطف الأطفال والاتجار بهم والواردة بقانون الطفل والتى تكون عقوبتها السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات، ويتم مضاعفة العقوبة في حال ارتكابها من قبل جماعة إجرامية منظمة ولم يغفل المشرع أن يتطرق إلى جرائم خطف الأطفال وارتباطها بجرائم الاتجار بالبشر، وقرر المشرع عقوبة لهذه الصور من الجريمة لتصل إلى السجن المؤبد.

كما أقر المشرع بسط مزيد من الحماية على ضحايا تلك الجرائم حيث أقر بأهمية صون هوية المجنى عليه وعدم الإفصاح عنه أو الشاهد في الدعوى الجنائية، كما قرر إعفاء المجنى عليه من المسئولية المدنية والجنائية عن أية جريمة من جرائم الاتجار بالبشر التي يتم استغلال الأطفال فيها متى نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه مجنيا عليه، إذ لا يعتد برضا الطفل أقل من ١٨ سنة.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2