قمة مصر ودول الجوار.. الطريق نحو استقرار السودان

صباح الخامس عشر من أبريل الماضي وقبل ثلاثة أشهر من الآن استيقظت المنطقة العربية والقارة الإفريقية على أحداث دراماتيكية تضرب السودان؛ فى تطور للمشهد السوداني ليخرج من المسار السياسي الذي كان يتحرك فيه نحو الاستقرار بعد ثورة 19 ديسمبر 2018 التي أسقطت حكم عمر البشير، ليدخل السودان مرحلة كارثية من الأحداث الدامية.

بدأت منذ تلك اللحظة عندما وقعت مصادمات بين الجيش السودانى وقوات التدخل السريع المتمردة، وحاولت الأخيرة السيطرة على بعض المقار والمؤسسات؛ ثم تحولت المصادمات إلى معارك عسكرية دمرت العديد من المناطق والبنية التحتية والمؤسسات العامة والخاصة وازدادت الأوضاع تدهورًا مع مرور الوقت وفرّ أكثر من 2 مليون سوداني من نيران المواجهات بين الجانبين، وتدهورت الخدمات، وتوقف العديد من القطاعات.

قد تكون صورة ‏‏‏١٠‏ أشخاص‏ و‏المكتب البيضاوي‏‏

اعتمدت قوات الدعم السريع المتمردة على الدعم الخارجي من قبل بعض الدول الإقليمية، التي استهدفت تأجيج الأوضاع فى السودان.

وتحول المشهد السوداني من مسار التحرك نحو بناء المؤسسات ووحدة الجيش والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلى الاتجاه نحو الفوضى والدمار.

لكن يبدو أن الأوضاع فى السودان كانت قبل ذلك التاريخ أشبه بالنار التي تحت الرماد وما يدور بعيدًا عن البيانات الصحفية وفى الغرف المغلقة طبقًا لتقاطعات وتعقيدات داخل المشهد السوداني كان يتجه نحو الصدام وليس الاتفاق رغم ما تم الاتفاق عليه فى إعلان جوبا.

فما إن تم الإعلان من قبل الحكومة السودانية الانتقالية عن ضرورة وحدة الجيش السوداني وفق اتفاق جوبا وبدأت أولى عمليات دمج الحركات المسلحة من أجل الاستقرار والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية وأن يكون السلاح بيد الجيش الوطني، بدأت بعض الحركات فى التمرد على الاتفاق والصراع للحصول على المكتسبات.

ورغم أن الاتفاق كان يضمن حال دمج تلك الحركات المسلحة فى الجيش السوداني أن يكون لها نصيب من المناصب القيادية، إلا أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) عمدت إلى التمرد ومحاولة السيطرة على عدد من مؤسسات الدولة السودانية فى مواجهة الجيش السوداني.

ومنذ أكثر من 90 يومًا والأوضاع فى السودان تزداد سوءًا.

ولأن استقرار السودان والمحيط الإفريقي هو أحد مرتكزات الأمن القومي المصري، فقد سخّرت مصر، منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة، كل مؤسساتها المعنية لاحتواء الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني.

وطالبت بضرورة وقف العنف والحفاظ على وحدة السودان وضبط النفس لكي يستكمل السودان مسيرته نحو الاستقرار.

بالإضافة إلى التحركات الدبلوماسية التي قامت بها وزارة الخارجية بقيادة الوزير سامح شكري فى محاولة لاحتواء الأزمة، كما حرصت على تقديم الدعم الكامل للشعب السوداني، وتقديم كل المساعدات الممكنة له.

وأقامت القوات المسلحة جسرًا جويًا على مدار «أربعة» أيام بإجمالي عدد «27» طائرة حربية لإجلاء المواطنين، كذا تقديم «2» طن مواد غذائية لكل الرعايا.

وواصلت مصر دورها فى دعم السودان للخروج من الأزمة ووقف الاشتباكات وحرصت على مطالبة الأشقاء السودانيين بتغليب لغة الحوار ووقف المواجهات المسلحة، وأيدت مصر ما جاء فى بيان جدة لوقف القتال، إلا أن الأوضاع ازدادت سوءًا.

الأمر الذي جعل مصر تدعو إلى عقد قمة لدول جوار السودان على مستوى القادة من أجل تحديد مسار يمكن من خلاله الوصول إلى حل للأزمة التي لم تضرب السودان وحدها بل امتدت آثارها إلى دول الجوار وكذا إلى دول القارة الإفريقية والمنطقة العربية.

هنا جاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعقد المؤتمر بالقاهرة من أجل الوصول إلى حل للأزمة السودانية، وجاء التحرك وفق المرتكزات والمحددات والثوابت التي ترتكز عليها السياسة الخارجية المصرية والتي يؤكد عليها الرئيس السيسي دائمًا، وهو الحرص على عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، والحفاظ على سيادتها.

من هذا المنطلق تأتي دائمًا ثقة الدول الإفريقية والعربية والقوى الدولية فى حيادية الدور المصري وحرص مصر على إنهاء الأزمة.

الأمر الذي اتضح من استجابة قادة دول جوار السودان للدعوة المصرية وكذا الأمين العام للجامعة العربية ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وللثقة فى الرئيس السيسي والرؤية المصرية لحل الأزمة، والتي ترتكز على ضرورة عدم التدخل فى الشئون الداخلية للسودان والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه وكذا مؤسساته الوطنية.

وهو المسار الذي يلقى استجابة من قبل كل الأطراف السودانية.

وقد جاء البيان الختامي لقمة دول الجوار بمثابة خارطة طريق للتحرك من قبل تلك الدول مجتمعة نحو حل شامل للأزمة من أجل مصلحة الشعب السوداني وحفاظًا على دولته الوطنية.

فالبيان الذي شمل ثمانية بنود جاء فى البند الثامن تشكيل آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول فى ندجامينا، لاتخاذ ما يلي:

وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، فى تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الإيجاد والاتحاد الإفريقي.

تكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب السوداني.

تعرض الآلية نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان.

وقد جاء البيان الختامي بتوافق كامل من قادة دول الجوار ومتطابقًا مع رؤية مصر لحل الأزمة.

فقد أكد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأنًا داخليًا، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية فى الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها.

- الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني فى السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات.

- التأكيد على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما فى ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة فى محيطها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل.

- أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل يأخذ فى الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطًا إضافيًا على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب.

- ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسئوليتهما فى تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها فى المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو 2023 بحضور دول الجوار.

- القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية فى السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية، ومناشدة كل أطراف المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد فى الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين الأبرياء.

- الاتفاق على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجًا داخل السودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية.

- التأكيد على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني فى الأمن والرخاء والاستقرار.

العالم «علمين»

بدأت فعاليات مهرجان العلمين الدولي الخميس الماضي وتستمر حتى 26 أغسطس القادم، المهرجان يعد من أكبر الفعاليات السياحية فى منطقة الشرق الأوسط، ويحقق أكبر عملية ترويج للمنتج السياحي المصري فى حوض البحر المتوسط.

ويحقق طفرة فى حجم الحركة السياحية الوافدة إلى مصر خلال الفترة القادمة، مما يزيد من حجم العائدات خاصة أن هذه النوعية من الأنشطة السياحية هي الأكثر إنفاقًا.

لقد جاء هذا الحدث ليرى العالم كيف استطاعت مصر أن تحول حدائق الشيطان من حقول الألغام التي زرعتها الحروب فى تلك المنطقة إلى منطقة عالمية ينعم فيها السائحون من كل دول العالم بجمال الطبيعة ولتصبح «العلمين» من أهم المقاصد السياحية فى حوض البحر المتوسط.

أضف تعليق