[caption id="attachment_15220" align="aligncenter" width="464"]
الدائرة تشير إلى أن المؤلفيين الأمريكيين ضموا سيرة قطب ٌلكتابهم.. وهذه صورة الغلاف[/caption]
[caption id="attachment_15218" align="aligncenter" width="525"]
ماذا رأوا فى أمريكا .. كتاب لمؤلفين أمريكيين يضم سيرة قطب فى أمريكا[/caption]
[caption id="attachment_15219" align="aligncenter" width="690"]
مقر سكن سيد قطب في كلورادو[/caption]
[caption id="attachment_15216" align="aligncenter" width="700"]
صورة نادرة سيد قطب والبروفسور وليام روبرت روس[/caption]
[caption id="attachment_15215" align="aligncenter" width="500"]
الأدميرال روسكوي هنري هيلينكويتر[/caption]
كتب: توحيد مجدى
وتعجبت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA عندما تأكدت أن خطاباً أرسل بالفعل من رئاسة الجامعة العربية بشأن موضوع ترشيح سيد قطب إلي مكتب الدكتور عبد الرازق السنهوري باشا وزير المعارف العمومية المصرية للأهمية والموافقة، لكنه رفض ثم تهرب من المسؤولية وأحال طلب ترشيح الجامعة العربية إلي وزير الداخلية المصري النقراشي باشا للعلم وإبداء الرأي الأمني.
فنصح النقراشي بدوره رئيس الديوان الملكي عبد الهادي باشا ومعه رئيس الجامعة العربية عبد الرحمن عزام باشا بضرورة تأجيل ندب المستشارين إلي مقر الجامعة لحين التأكد من ملفاتهم الأمنية ودراستها فألغي مكتب عزام باشا الطلب الرسمي لانتداب سيد قطب، وفشلت المحاولة الهادئة والصامتة التي نفذتها الوكالة اليهودية بعيداً عن شكوك المصريين.
الشك واليقين
غير أن التحقيقات الأمريكية الدقيقة قطعت الشكوك باليقين وأكدت أن الوكالة اليهودية لم تُجند سيد قطب لكنها كانت جادة للغاية وفي طريقها لتجنيده، وأن المغريات التي عُرِضَتْ عليه بالإضافة لتسهيل حصوله علي المنحة الدراسية الأمريكية صبت كلها في خانة ذلك الهدف.
اللافت أن قطب لم يُصنف في تلك الفترة كمفكر إسلامي صاحب أفكار وأراء مثيرة للجدل إلي حد التطرف لكنهم عاملوه كمفكر اجتماعي مصري صاحب ميول شيوعية دعا خلالها إتاحة الحريات، إلي حد مساندته التعري واحترام الطوائف إلي درجة انضمامه للماسونية.
مع اعترافه بذلك في مقالة صحفية علنية نشرت في مصر وتجدر الإشارة أن كتاب سيد قطب " العدالة الاجتماعية في الإسلام " الصادر عام 1945 تسبب في تصنيفه لدي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA لفترة طويلة كشيوعي الميول والأفكار والهوى.
وربما وجدت الوكالة اليهودية بشخصيته فى تلك الفترة ضالتها في إطار سعيها لعقد اتفاقيات خاصة خلف الكواليس مع مفكري الدول العربية مع التركيز علي المصريين من أصحاب الأفكار غير التقليدية في الوظائف الحكومية العليا بالإضافة إلي مفكري الجماعات الدينية والاجتماعية المتشددة بالرغم من تنوع اختلافاتهم الدينية وعقائدهم الفكرية والمذهبية.
علاقة لم تبدأ
الجدير بالذكر أن علاقة سيد قطب بجماعة الإخوان المسلمين لم تكن قد بدأت في نوفمبر عام 1948 بالرغم من مناقشته لمؤسسها حسن البنا مرات داخل ديوان وزارة المعارف العمومية لأن الشيخ البنا كان قبلها بعامين معلماً حكومياً لكنه استقال من مجال التعليم.
وكان الاثنان قد تقابلا معاً وتحدثا لساعات طويلة في عام 1946 عندما جاء مؤسس جماعة الإخوان إلي ديوان عام الوزارة لإنهاء إجراءات إخلاء طرفه الوظيفي عقب تقدمه باستقالته الرسمية المسببة بدعوى حاجته الاجتماعية للتفرغ لمشروعاته الخاصة.
قطب في أمريكا
وصل قطب موظف وزارة المعارف العمومية المصرية طالب المنحة الدراسية الأمريكية إلي كلية إعداد المعلمين بالعاصمة واشنطن حيث خضع لعملية اختبار وتأهيل تم توجيهه بعدها بأسابيع قليلة لكلية المعلمين التابعة لجامعة ولاية كولورادو لاستكمال بحثه وإنجاز رسالة الدكتوراه التي حضر للحصول عليها في علم إدارة المناهج ونظم التعليم الحديث.
حمل قطب حقائبه وسافر من واشنطن بالأتوبيس إلي مدينة جريلى " Greeley" علي بعد 79 كيلو متراً شمال شرق ولاية كولورادو ويكشف الملف السري للغاية للطالب المصري أن وكالة الاستخبارات المركزية CIA نسقت مع عميد كلية المعلمين دافيد أمبيج David Umipeg لتسهيل إقامة الدارس المصري الجديد واستيعابه ومساعدته مالياً بواسطة تشغيله في مشروعات الجامعة.
لكن البروفسور أمبيج Umipeg طالب بضرورة إشراك شخص آخر هو البروفسور وليم روبرت روز William Robert Ross رئيس جامعة كولورادو في الأمر وأكد لوكالة الاستخبارات الأمريكية " " CIA أن روزRoss سيمكنه التعامل بشكل جيد مع الطالب المصري المثير بناء علي ما طالعه بنفسه بملفه الأمر الذي يحقق النجاح للعملية.
اقتنع الأدميرال روسكوى هنري هيلنكويتر Roscoe Henry Hillenkoetter المدير الأول لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA وقبل النصيحة واعتمد علي الخبرات الإنسانية العريضة التي اشتهر بها عميد كلية المعلمين البروفسور David Umipeg
الثابت أن الأدميرال "روسكوى هنري هيلينكويتر" القادم إلي وكالة الاستخبارات من سلاح البحرية اعتبر أحد مؤسسي CIA وقد شغل منصبه خلال الفترة من أول مايو عام 1947 حتي 7 أكتوبر عام 1950
وكمعلومة إضافية حيوية كشف البروفسور Umipeg إلي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA أن زميله البروفسور William Robert Ross الرئيس السادس لجامعة ولاية كولورادو كان عضواً مرموقاً وبارزاً لدي الطائفة الماسونية الأمريكية.
وإنه طالع بنفسه داخل ملف الطالب المصري سيد قطب حقيقة انتماءه للطائفة الماسونية الملتزمة بمساعدة أعضائها بكل موقع بالعالم ولذلك قرر أن Ross الأفضل للتعامل معه واحتوائه مما سيسهل عملية وكالة CIA بشأن تجنيد قطب والاستفادة منه لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
احتواء الوافد المصري
والحقيقة أنه غاب عن معلومات البروفسور Umipeg أن رئيس جامعة كولورادو البروفسور Ross الذي شغل منصبه في الفترة من 20 ديسمبر 1947 حتي عام 1964 كان عميلاً نشطاً عمل لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA طيلة الحرب العالمية الثانية فأخذت الوكالة بالنصيحة ثم كلفتRoss بمهمة احتواء الوافد المصري الهام.
سجل ملف العملية الأمريكية وقائع غريبة ومثيرة للغاية جرت خلال الدقائق الأولي للقاء التعارف الشخصي بين سيد قطب والبروفسور Ross داخل مكتب رئيس الجامعة بولاية كولورادو بتاريخ الأول من يناير عام 1949 و ما حدث يومها بين الاثنين لا يمكن علي الشخص غير المنتمي للطائفة الماسونية إدراكه لاسيما كسر رموز شيفرته وفهم معانيه.
وطبقاً للوقائع الحقيقية دخل قطب مبتسماً ومد يده اليمني ليصافح رئيس الجامعة ويشكره علي قبوله في المنحة الدراسية فضغط Ross بأصبع السبابة اليمني علي سبابة يد قطب اليمني الأمر الذي أثار انتباه الطالب المصري الوافد لأنها وسيلة التعارف السرية للغاية وهي شيفرة لا يؤديها ولا يفهمها إلا أعضاء المنظمات الماسونية السرية حول العالم.
وجاءت ردة فعل طالب المنحة سيد قطب، فكانت وسيلة التعارف الماسونية الثانية لكن بواسطة العينين وفيها نظر قطب بعينيه بشكل مباشر لعيني Ross ثم جال بطريقة منتظمة بنظره إلي كتفه اليسرى لثانيتين ثم اعاد نظره إلي الكتف اليمني لرئيس الجامعة بنفس الطريقة لثانيتين ثم انتظر رد الفعل الماسوني.
بعدها مباشرة كرر البروفسور Ross نفس الحركة وكأنه أخبر قطب أنه تعرف عليه كأحد أعضاء الماسونية وفي تلك اللحظة كانت المهمة الأخيرة لتأكيد عملية التعارف بين الاثنين فنطق Ross بحرف B وانتظر فرد عليه قطب ونطق حرف O فأجابه Ross ونطق حرف A فختم قطب وأجاب بأن نطق بحرف Z مما شكل كلمة BOAZ "بوعاز" الثابت أنها كلمة سر عمليات تأكيد التعارف بين المنتمين للطائفة الماسونية السرية حول العالم.
عقب اتمام التعارف المثير والغريب بين الدارس المصري سيد قطب ورئيس جامعة ولاية كولورادو البروفسور William Robert Ross بأسلوب شيفرة الماسونية العالمية الفريد من نوعها أحتضن البروفسور Ross الزائر المصري بقوة بل أطال الاثنان العناق وكأنهما أقارب من عائلة واحدة لم يتقابلا منذ سنوات طويلة ثم دعا Ross ضيفه لكي يبوح أمامه بكل أسراره، لكنه أطلع قطب قبلها بأنه ماسوني حائز للدرجة الثالثة والثلاثين الأمر الذي كشف ببساطة أنRoss كان بدرجة "الأستاذ الأعظم" في الطائفة الماسونية.
ما هى الماسونية؟!
وحتي يتابع الجميع فالدرجة 33 ترمز في الماسونية إلي عمر السيد المسيح عند صلبه وارتقائه للسماء مع الإشارة أن الماسونية ليست ديانة بل شعائر اجتماعية خاصة مغلقة وسرية للغاية إلي حد بعيد يمارسها بالوقت الراهن مئات الآلاف من المنتمين عدد منهم يتمتع بالثراء الأسطوري وبعضهم من بين المشاهير المنتمون لعلية الأمم والثابت أنها طائفة سرية وخاصة تكونت ونشأت في بدايتها بقارة أوروبا خلال القرون الوسطي.
تعني كلمة الماسونية "البناؤون" اليهود الذين ذكروا في متن رواية بناء هيكل الملك سليمان من هؤلاء الذين عادوا مرة ثانية إلي القدس من السبي البابلي عام 586 قبل الميلاد يحملون مواد البناء بيد وفي اليد الأخرى السيف للدفاع عن الشعب اليهودي.
ولكل إقليم ومنطقة جغرافية ما يطلق عليه "المحفل" وتسمو الأخوة الماسونية علي أخوة الدين والعرق وحتي الوطنية والقومية والشراكة في الوطن وقد تأسس المحفل المصري الماسوني الأعظم بتاريخ 8 مايو عام 1876 في القاهرة كتابع للمحفل التركي لكن عقب هزيمة الدولة العثمانية في عام 1914 تولى المحفل المصري قيادة سائر محافل المنطقة.
يحمل عدد من زعماء العالم الكبار شرف عضوية الماسونية وهو لقب يمنحه لهم المحفل الماسوني الأعلى بالولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الرؤساء الأمريكيين أعضاء داخل الطائفة الماسونية لكن تعامل بياناتهم بسرية تامة وكلهم يحملون درجة "الأستاذ الأعظم".
اعترفت وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية بالمحفل الماسوني المصري كجمعية رسمية حملت رقم 1425 وكان بمصر وحدها 29 محفلاً تابعاً لمحفل القاهرة الأعظم حتي اعتبر البريطانيون الماسون جواسيساً في مصر عقب انتصارهم في الحرب العالمية الثانية.
ثم تطور وضعهم بعدها وألغت السلطات الرسمية رخصة الجمعية الماسونية المصرية عام 1964 فاندثرت الطائفة وانتقلت قيادتها إلي المحافل الماسونية المختلفة بأوروبا بينما انتقل ولاء أعضائها بعدما هُربتملفات عضوياتهم السرية إلي المحفل الماسوني العالمي.
أعود إلي اللقاء الهام والأول للتعارف بين طالب المنحة المصري سيد قطب ورئيس جامعة كولورادو البروفسور William Robert Ross الذي استفسر من ضيفه عن درجته داخل الطائفة الماسونية للمحفل الإقليمي المصري؟
فلم يخفى سيد قطب أنه حمل العضوية بدرجة "أخ" كعضو عادي دون القيادة ففرد له البروفسورRoss يديه مع كفيه لأسفل بطريقة الماسونية وكان علي قطب بعدها طبقاً لطقوس شعائر الماسونية أن يسرد أسراره مهما كانت حساسيتها في حضرة "الأستاذ الأعظم".
حكي قطب بوضوح عن فقره وضعف موارده المالية وعن أسرته التي يعولها في مصر وأنه سيحتاج للعمل بجانب الدراسة كي يُنجز رسالته العلمية التي ترك وظيفته المرموقة لأجلها وأنه حضر إلي الولايات المتحدة الأمريكية تقريباً من دون موارد مادية تذكر.
فطمأنه William Ross ووعده أنه سيلحقه بالعمل لدي صحيفة The Mirror التي طبعت منها جامعة كولورادو في الاثنين من كل أسبوع أربعة آلاف نسخة - صدرت لأول مرة في 28 فبراير 1919 - وأن عمله لدي تلك الصحيفة سيكون بشكل موسمي وبأجر جيد سيكفي لمساعدته.
ساعد "الأستاذ الأعظم" William Ross بتلك الطريقة الشرعية الوافد المصري "الأخ" بالمحفل الماسوني العالمي كما عين قطب لدي مكتبة الجامعة كمساعد مؤقت مما أعانه علي تحمل نفقات المعيشة الباهظة ومكنه من تحقيق دخل أرسل منه لعائلته الفقيرة في مصر التي لم ينقطع نهائياً عن مسؤولية إعالتها.
من تفاصيل اللقاء التاريخي بين الوافد المصري سيد قطب ورئيس جامعة ولاية كولورادو البروفسورWilliam Ross المسجلة بدورية نشرة الجامعة Yearbook الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر عام 1949 في العدد رقم 12 علي وجه الدقة والتوثيق.
أهدى قطب البروفسور Ross ومكتبة كلية المعلمين فيGreeley نسخة من كتابه "طفل من القرية" الصادر في مصر عام 1946 والسبب أن Ross طلب منه أن يحكي ملخصاً عن حياته قبل وصوله إلي الولايات المتحدة وكان الكتاب في حقيقة الأمر سيرته الذاتية.
وربما دون قصد منه حصلت CIAعلي معظم البيانات والمعلومات الشخصية الهامة من ذلك الكتاب الذي تُرْجِم للغة الإنجليزية فكان عملياً أول كُتب قطب المترجمة دون علمه وبلا اتفاق رسمي مع مؤلفه وصاحب ملكيته وحقوقه الفكرية.
الأكثر غرابة أن ضابطاً عمل وقتها لدي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA سرب ترجمة "طفل من القرية" لإحدى دور النشر فقامت بإعادة طبعه وتوزيعه داخل الولايات المتحدة الأمريكية ككتاب مجهول المؤلف من دون الالتزام بأية حقوق بشأنه.
وعليه طُرح كتاب "طفل من القرية" بالفعل في الأسواق الأمريكية في بداية شهر مايو عام 1949 وقد حقق الكتاب مبيعات أذاعت صيته بينما تناولت سيرته ومحتواه وسائل الإعلام الأمريكية والغربية بعدها مباشرة دون أية بيانات أو معلومات تُشيرإلي مؤلفه الأصلي.