«الخانقاوات».. مبادرة اجتماعية مصرية عمرها أكثر من ٧٠٠ عام

«الخانقاوات».. مبادرة اجتماعية مصرية عمرها أكثر من ٧٠٠ عاممسجد بيرس الجاشينكير

الدين والحياة29-7-2023 | 18:14

منذ فجر التاريخ ومصر هي منبع الفكر والعلم والحضارة، لذا فعلى مدار تاريخها اهتمت مصر بدعم طلاب العلم وأبناء السبيل ووفرت لهم مناهل العلم الديني والدنيوي وأمنت لهم مصادر الغذاء والكساء حتى لا ينشغلون عن تحصيل العلم بالبحث عن مصدر للدخل.

ومن بين تلك المبادرات المصرية لدعم طلاب العلم من أبناء السبيل والمغتربين، ظهرت الخانقاوات منذ أكثر من 700 عام وانتشرت في ربوع القاهرة التاريخية بأسمائها المختلفة والتي كانت قبلة الباحثين عن العلم والتعلم.

و الخانقاوات هي أماكن للتفرغ والانعزال للعبادة وطاعة الله فهي عند الصوف ملاذ الصفاء ودار الخلاء وترك الأمور الدنيوية لتدبر المعاني.

وللخانقاوات وظيفة اجتماعية إضافة إلي وظيفتها الدينية والعلمية فهي وإن رَعَت الراغبين في التثقف بالدين الذي كانوا في غالبيتهم من الفقراء والمحتاجين وأبناء السبيل حيث قدمت لهم الزاد الفكري بمفهوم العصر الذي نشأت فيه وقدمت لهم إلى جانب ذلك الغداء والكساء والمأوى.

وقد ضمت تلك الخانقاوات جميع أصناف الناس والمحتاجين وتعد الخانقاوات الجاشنكرية التي يحتضنها مسجد بيبرس الجاشنكير في حي الجمالية بالقاهرة أقدم الخانقاوات التي تأسست في التاريخ الإسلامي.

تاريخ التأسيس

فبدأ في تأسيسها السلطان المملوكي المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير المنصورى عام ١٣٠٦ميلاديا وانتهي منها عند وصوله للسلطة عام ١٣٠٩ميلاديا، لذلك يعتبر المسجد ضمن لجنة الآثار أثر رقم ٣٢

يخبرنا الشيخ محمد الشرقاوي إمام مسجد بيبرس الجاشنكير أن الخانقاوات ليست للعبادة فقط بل كانت مأوي لأهل العلم والفقراء والمساكين كما شهدت الخانقاة تدريس المذاهب الفقهية الأربعة ودروس علم القرآن بالقراءات السبع ودروس الحديث الشريف.

كما أكد الشيخ محمد الشرقاوي أن مازال حتي الآن جلسات القراءة القرآنية والذكر تعقد حتي يومنا هذا.

وذكر الشرقاوي أنه مع انتهاء العصر المملوكي، وبداية العصر العثماني الذي شهد دخول «التكية» في مصر، وفقًا للباحث في الأثار الإسلامية، موضحًا أن أصول التكية ترجع إلى تركيا، وتعني مكان إيواء الصوفيين لإقامة أمور المعيشة والانقطاع للعبادة وممارسة الأمور المتعلقة بالتصوف وما شابه.

ووفقًا لـ«الشرقاوي»، الذي أوضح أن القاسم المشترك بين الخانقاوات والتكايا، حيث كونهما أماكن مخصصة لسكن الصوفية، وكان أهل الخير سواء الأمراء والسلاطين يخصصون أوقاف للإنفاق منها على رواتب العاملين بها، وتوفير الطعام والمشرب والعلاج لسكانها. أما الفارق بينهما.

وبحسب «الشرقاوي»، الذي أوضح أن طلب العلم من الفقهاء والأئمة أمرًا أساسيا، مثلما استشهد المقريزي في شرحه: «وهذا ما انتهت إليه مشيخة الخانقاة الشيخونية» أي خانقاة الأمير شيخون، فكانت بمثابة معاهد علمية كبرى في زمن كان دور الأزهر الشريف خافتًا، أما طلب العلم في التكايا جاء شيء هامشي، فالأصل فيها الإقامة والانقطاع للذكر والعبادة، كما تميزت التكايا بوجود قاعة مخصصة للإنشاد الصوفي والموسيقى الصوفية، المعروفة بقاعة سماع خانة.

واختتم «الشرقاوي» حديثه بأن الخانقاوات والتكايا كانوا بمثابة أمطرة للإنخراط في النسيج الاجتماعي المصري وللتواصل الثقافي مع العواصم الإسلامية خارج القاهرة، المتصوفة الذين أقاموا في التكايا كانوا على الأغلب من جنسيات مختلفة مثل تركيا والأكراد وبلاد ما وراء النهر.

أضف تعليق