سارق الكاميرا

سارق الكاميراد. إسلام على جعفر

الرأى7-8-2023 | 08:59

من الطبيعي أن يكون للفيلم شخصيات رئيسية من المفترض أن تكون محور القصة الرئيسي. فأي نص لفيلم تقليدي يضع بطلًا أو اثنين في مواجهة الأشرار أو التهديدات المختلفة.

وتظهر الأدوار الثانية في صورة كوميدية لتخفيض حدة التوتر أو لتوجيه النجم ليسير في طريق تصاعد الأحداث كما كتبها السيناريست، أو إخراج ما بداخل البطل من خلال حوارهما، ويمكن أن يكون الدور الثاني دور الشرير أو الجهة الأخرى من الصراع الذي يدفع السيناريو للتطور لبلوغ الذروة.

وعادة ما يكون البطل والبطلة هم من يجذبون الأضواء ويسوق الفيلم بأسمائهم ويذهب الجمهور لمشاهدتهم ويتوحد معهم وممكن أن يقلدهم فى الحياة الحقيقية من شدة تأثرهم بهما.
لكن قد يقدم الممثل الثاني أداء قويا يهيمن به على أي مشهد يؤديه فى الفيلم، بصورة واعية أو غير واعية، ويسرق الكاميرا فيتوارى معه دور البطل وتظل هذه الشخصية فى ذهن المشاهد لفترة طويلة هي ما تبقى من الفيلم وينسى معها الشخصية الرئيسية، وتكون النتيجة إما أن تدفعه إلى الدور الأول بعد ذلك أو تدفعه بعيدا حتى لا ينافس البطل فى الأعمال المقبلة أو يظل حبيس ذلك الدور.
- وعادة ما يكون الدور الثاني كوميديا فيؤديه ممثل كوميدي ذو كاريزما يضحك المشاهدين ويخطفهم بعيدا حتى عن الأحداث بنكاته مما يجعلهم يترقبون ظهوره باستمرار على الشاشة أكثر من البطل، وتصدر إسماعيل ياسين هذه المساحة فى جميع أفلام صديق البطل التي قام بها ولكن أكثرها وضوحاً العتبة الخضراء. كما جاءت زينات صدقي لتسحق جميع بطلات أفلامها بحضورها الطاغى وارتجالها الذى يبهر المخرجين فيظلون صامتين من وقعه الساخر غير عابئين بما كتبه السيناريست. والقائمة تطول من عبدالفتاح القصري وعبدالسلام النابلسي، ثم فؤاد المهندس وعادل إمام ومحمد هنيدى فى بدايتهم، ليكونوا نجوم الشباك فى السنوات التالية، ويخطوا على خطاهم طلعت زكريا وبيومي فؤاد وأكرم حسني وأحمد أمين. وفى السينما الأمريكية قام بهذا الدور بجدارة جاك ليمون فى عدد من أفلامه أبرزها البعض يفضلونها ساخنة، وكذلك دور كريس تاكر فى فيلم الحركة والخيال العلمى العنصر الخامس Fifth Element والذى خطف فيه الأضواء من بروس ويلز.
ولكن لا نستطيع أن نغفل دور جايسون ستاثام فى فيلم Spy والذي كان مختلفا عن جميع أدواره السابقة كنجم من نجوم أفلام الأكشن، فعلى الرغم من أن الفيلم كوميدي إلا أن دوره الذي أداة ببراعة كان أكثر كوميديا من بطلة الفيلم ميليسا مكارثي. فقد أخذ شخصية الرجل القوي ومنحها لمسة ساخرة.
- وقد يكون الدور الثاني هو الشرير الذي يطغى بأدائه على البطل فيكون أقوى منه سواء جسمانيا أو قسوة فيخشاه المتفرج حتى بعد القضاء عليه وقد برع فى ذلك استيفان روستى بسخريته اللاذعة وزكي رستم بنظراته الحادة ومحمود المليجى بحركة جسمه الناعمة كالثعبان وتوفيق الدقن بأفيهاته اللاذعة وعدلى كاسب بنبرة صوته العريضة وعادل أدهم بتعبيرات وجهه الباردة وكمال الشناوي بأسلوبه المتعالي. ولكن يبدو أن البطل فى وقتنا الحالى لا يسمح بظهور شرير أقوى منه يسرق الكاميرا حتى ولو كرهه المشاهد.
وفى السينما الأمريكية لا يتم حصر الممثل فى أدوار ثابتة بصورة كبيرة مثل السينما المصرية ولكن هناك من برزوا فى أدوار الشر المصبوغة بالرعب والجريمة والاضطراب النفسى ومنهم كريستوفر لى وجارى أولدمان وآلان ريكمان وكيفين سبايسى وصامويل آل جاكسون و كريستوفر والكن وويليام دافو ودانى تريخو وايد هاريس وجون مالكوفيتش ومايكل شانون ومن النساء انجيلكا هيوستن وايف جرين وروزماند بايك وشارون ستون والقائمة تطول لا مجال لحصرهم. ولكن من أكثر أدوار الشر التى طغت على الفيلم كله وليس البطل فقط دور خافيير بارديم فى فيلم No Country for Old Men والذي حاز على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد 2008 حيث جسد دور قاتل مأجور بلا مشاعر أو أحاسيس وكان اهتمامه بتفاصيل قصة الشعر والملابس دور كبير فى نجاحه.
- وقد يرسم السيناريو الدور الثاني بصورة إيجابية أكثر من البطل فيتوحد معه الجمهور ثم يضحى به السيناريست ليشعل به الأحداث فيترك من الألم فى نفوس المشاهدين ما يجعل الدور الثانى يزاحم البطل على صدارة الفيلم. ويتجسد هذا فى دور زهرة العلا فى دعاء الكروان وأحمد رمزي فى لا تطفئ الشمس وفريد شوقى فى السقا مات وممدوح عبدالعليم فى البريء وعبدالله محمود فى المواطن مصرى وعمرو واكد فى أصحاب ولا بيزنس والذي تفوق فيه على نفسه فسرقت نظرته قبل قراره بتفجير نفسه فى الكمين الإسرائيلى الكاميرا من جيله بالكامل.
ومن أقوى الأدوار الثانية فى السينما الأمريكية فى هذا التصنيف دور مايكل كلارك دنكان.
فى فيلم The Green Mile حيث استطاع أن يؤدى شخصية صانعة للمعجزات أقرب للملائكة تتحرك وتتكلم كالأطفال عكس مواصفاته الجسمانية التي تصنفه كمصارع أو كمجرم ومع نهاية الأحداث يختار الموت كاحتجاج على مدى الشر الذي امتلأت به الحياة. وهذا النجاح فى الأداء هو ما منحه جائزة الأوسكار عن هذا الدور فى عام 2000 متفوقا على عدد كبير من أبطال الفيلم على رأسهم توم هانكس.
كذلك كريستوف والتز فى فيلم Django Unchained حيث قام بدور دكتور ألماني يعيش فى الغرب الأمريكي فى القرن التاسع عشر ويقاوم العبودية ويعمل على قتل المجرمين فينال حب المشاهد وتعاطفه وتأتي الصدمة حينما يرفض مصافحة ثري يرعى مصارعة العبيد السود ويتلذذ بقتلهم وهو ليوناردو دي كابريو بل يقتله ثم يقتل فداء لمبادئه. وقد نال جائزة الأوسكار عن هذا الدور عام 2013 متخطيا كوكبة من النجوم المشاركين فى الفيلم.
ليس هناك دور أول أو ثان أو بطل وسنيد ولكن هناك موهبة تفرض نفسها على الشاشة فتعصف بقلوب المشاهدين وتلهب مشاعرهم وتترك ذكرى وأثرا لا يمحى فى وجدانهم.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2