أهم من جسد الشخصيَّة المصريَّة بِكُل أشكالها الاجتماعيَّة على شاشة السينما وقدَّم خلال مشواره الفني الطويل العديد من الأعمال المهمة في تاريخ السينما، والتليفزيون، والمسرح، وحصل على العديد من الجوائز حتَّى لقِّب بـ«صائد الجوائز»، كما لهُ سبعة أفلام في قائمة أفضل مئة فيلم مصري حسب استفتاء شارك فيه العديد من النُقاد المصريين سنة 1996 هو الفنان نور الشريف الذي تحل ذكرى وفاته اليوم وفي التقرير الآتي نستعرض لكم أهم محطاته الفنية .
وُلد نور الشريف بمنطقة حي الخليفة، التابعة لحي السيِّدة زينب، أحد الأحياء الشعبية القديمة لمدينة القاهرة، في يوم 28 أبريل 1946 أسماه والده «محمد» في الأوراق الرسميَّة، وأطلق عليه جده لوالده اسم «نور» كاسم دلع، وكان هذا شائعًا في الأحياء الشعبيَّة، أن يكون للطفل اسمان، أحدهما للدلع، والآخر للأوراق الرسميَّة. تُوفِّي والده في سنٍّ صغيرٍ السادسة والعشرين، بعد أقل من سنة واحد من ولادته .
بدأ نور الشريف تجربة التمثيل في سنِّ صغير، عندما انضمَّ إلى فرقة التمثيل التي أنشأها خاله «شعيب»، الذي كان يقدَّم مسرحيَّات قصيرة، من إخراجه وتأليفه لأطفال الحارة على «عربات الكارو»، التي اتَّخذوا منها مسرحًا في الليل، بالوقت الذي يتركها أصحابها، وكان جُمهورهم من أطفال الحارة والأهالي، الذين يُطلون عليهم من النوافذ. ومن تلك النقطة، جاء اهتمامه بالتمثيل، فكان يدَّخر مصروفه لدخول السينما، وكان يذهب إليها ثلاث مرَّاتٍ على الأقل في الأسبوع، فانتقل بين سينما «وهبي» بالحلمية، و«إيزيس» بالسيِّدة زينب. وبدأ يُقلِّد تشارلي تشابلن في حركاته ومشيته التقليديَّة، والممثِّل الكوميدي عبد المنعم إبراهيم في أحد مشاهده بفيلم الوسادة الخالية. وكان مثله الأعلى في هذا الوقت المُمثِّلين الأجانب أمثال: غاري كوبر في أفلام رعاة البقر، وفيكتور ماتير في الأفلام التاريخيَّة، وأيضًا كيرك دوغلاس، وبرت لانكستر. ومع الوقت بدأ اهتمامه بالكرة يقل، ويزداد حبُّه للفن.
في عام 1967 حصل نور الشريف على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير امتياز، وكان الأول على دفعته، بعد ذلك رشحه المخرج المسرحي الكبير سعد أردش للمشاركة في مسرحية "الشوارع الخلفية"، وتوالت عروضه ومشاركاته، وابتسم له الحظ عندما شاهده عادل إمام، ورشحه للمخرج حسن الإمام الذي أعجب بقدرته الفنية وراهن عليه في فيلم "قصر الشوق".
أهم إنجازاته
كانت بدايته منذ الستينيات، وقدّم خلال تلك الحقبة جملةً من الأفلام أهمّها: “قصر الشوق” عام 1966 و”بنت من البنات” عام 1968 و”بئر الحرمان” عام 1969 و”زوجة بلا رجل” عام 1969.
تابع النجم الصاعد نجاحه في السبعينيات التي شهدت تألّقًا ملحوظًا، فقد ظهر في أفلامٍ حُفرت في ذاكرة المشاهد العربي وكان أهمّها: “أشياء لا تشترى” عام 1970 و”زوجتي والكلب” عام 1971 و”البيوت أسرار” عام 1971 و”زواج بالإكراه” إلى جانب سهير رمزي ورفيق سبيعي عام 1972 و”الخوف” عام 1972 و”دائرة الإنتقام” عام 1976 و”العاشقات” عام 1976 و”مارد الجبل” عام 1977 و”الشياطين” عام 1977 و”الاعتراف الأخير” عام 1978 و”ابتسامة واحدة لاتكفي” عام 1978.
أصبح نجمًا معروفًا على مستوى الوطن العربي في فترة الثمانينيات، وقدّم مجموعةً من الأفلام الهامة منها: “دنيا الله” عام 1980 و”الشيطان يعظ” عام 1982 و”الذئاب” عام 1983 و”آخر الرجال المحترمين” و”اللعنة” عام 1984 و”عسل الحب المر” و”مصري” عام 1985 و”أصدقاء الشيطان” عام 1988 و”زمن حاتم زهران” عام 1988 و”كتيبة الإعدام” و”عنبر الموت” عام 1989، استمر نجاحه في التسعينيات وصولًا إلى الألفية الجديدة التي برزت له فيها أفلام أهمها: “العاشقان” عام 2001 و”عمارة يعقوبيان” عام 2002، “دم الغزال” عام 2005 و”ليلة البيبي دول” عام 2008، وقد أثار الأخير ضجَّةً كبيرة حيث أدَّى فيه نور الشريف دور سجين في سجن أبو غريب بعد تصويره لأحد المجازر التي ارتكبتها القوات الأمريكية بحق المواطنين العراقيين.
نجاحه السينمائي لم يمنعه من التألق على الشاشة الصغيرة، فقد قدّم للتلفزيون أعمالًا خالدة منها: “عمر بن عبد العزيز” عام 1994 و”لن أعيش في جلباب أبي” عام 1995 و”هارون الرشيد” عام 1997 و”العطار والسبع بنات” عام 2002 و”الدالي” بأجزائه الثلاثة” و”خلف الله” عام 2013.
كان ناجحًا في المسرح الذي شهد بداياته، فقد تألّق في عددٍ من المسرحيات منها: “القدس في يوم آخر” و”ياغولة عينك حمرا” و”الأميرة والصعلوك” و”يامسافر وحدك” و”كنت فين ياعلي”.
كما قدَّم برنامج “مع نور الشريف” عام 2010، وحلّ ضيفًا على برامج “خليك بالبيت” و”لو سمحتم” و”واحد من الناس”.
حفر نور الشريف أثرًا في ذاكرة السينما المصرية، فقد اختِيرت سبعة أفلام ل نور الشريف في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء مصر لعام 1996. وحاز على شهادة تقدير عن دوره في فيلم “قصر الشوق”، وكانت هذه أول جائزةٍ يتلقاها نور الشريف. وفاز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الثانية لعام 1977.
كان آخر عمل ل نور الشريف عام 2015 فيلم ” بتوقيت القاهرة “.
حصل فيلمه “دم الغزال” على 6 جوائز مقدمة من المهرجان القومي للسينما، وحاز على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم “بتوقيت القاهرة” من مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد في دورته الخامسة 2015. وحصل على جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم “ليلة ساخنة”. كما استلم جائزة القدس للثقافة والإبداع تقديرًا لإبداعاته الثقافية والعربية والشخصية المتميزة في السينما العربية.
أنتج نور الشريف ستة أفلام وأخرج فيلمين هما “العاشقان” و”الأميرة والصعلوك” ومسرحية “محاكمة الكاهن” لعام 1994.
إلى جانب التمثيل، قام نور الشريف بالإخراج المسرحي لأول مرة وكان اسم المسرحية “محاكمة الكاهن” عام 1994 على مسرح المهاجر وقام بالإخراج السينمائي لفيلم “العاشقان” الذي جمع بينه وبين زوجته الممثلة بوسي عام 2001 وفيلم “الأميرة والصعلوك”.
قام نور الشريف بتقديم العديد من الممثلين الشباب الذين اكتشف موهبتهم وقدّمهم للساحة الفنيّة، فهو من منح الفرصة لمصطفى شعبان لأداء دور البطولة في مسلسل “الحاج متولي” وقدم أحمد زاهر في مسلسل “الرجل الآخر” وقدم “منى زكي” في بطولة عملٍ مسرحي على المسرح القومي في مسرحية “يامسافر وحدك” كما قدم كلًّا من الفنان أحمد صفوت ودينا فؤاد.
أهم الجوائزالتي حصل عليها
جائزة أحسن ممثل وذلك عن دوره في فيلم “ليله ساخنة”، جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثانية عام 1977، جائزة أفضل ممثل في مهرجان وهران للفيلم العربي عن دوره في فيلم ” بتوقيت القاهرة”، جائزة التمثيل الذهبية عن فيلم سواق الأتوبيس من مهرجان نيودلهي.
حياته الشخصية
التقى نور الشريف بِزوجته بوسي لأوَّل مرَّة في بُروفات مسلسل «القاهرة والناس»، فَتقدم لخطبتها، ولكن لم يقبل والدها لأنَّهُ لم يكن غنيًا، ورفضت زوجته بوسي هذا القرار، وهددت بِأنَّها ستنتحر وصممت على الزواج من نور الشريف، حتَّى أجبرتهم على المُوافقة. وتزوجا سنة 1972، واستمرَّ زواجهما لمدة 34 سنة، وأنجبا ابنتان هما : سارة، ومي. ولكن انفصلا في سنة 2006، وبقيت العلاقة وطيدةً بينهما كأصدقاء، بسب خلاف لم يعلنا عنهُ نهائيًا، وظلَّ الفُراق بينهما لمدة 8 سنوات. ثم عادا مرَّة أُخرى سنة 2015، تزامنًا مع خطوبة ابنتهما سارة، واصابته بمرض سرطان الرئة لتقف بجانبه، ولازمته في رحلته العلاجية.
وفاته
توفي في يوم الثلاثاء في 11 أغسطس 2015 في القاهرة بعد صراع طويل مع سرطان الرئة عن عمر يناهز 69 سنة. وتم تشييع جثمانه يوم الأربعاء 12 أغسطس 2015 من مسجد الشرطة بالسادس من أكتوبر