يحكى أن وزير الثقافة الأسبق الأديب يوسف السباعى زار مصنع أرمنت لاستخراج سكر القصب، وفى نهاية الزيارة قال لمرافقيه: "الواحد لازم يضرب تعظيم سلام لقالب السكر قبل ما يدوبه فى كوباية الشاى"!
ومؤخرًا.. أتيحت لى الفرصة لأشاهد حجم الجهد والوقت والتكلفة التى تبذل لاستخراج السكر من القصب أو البنجر، بداية من زراعته وحصاده ونقله وعصره وتكريره وتعبئته.. وانتهاءً بتوزيعه، ومن ثمَّ لو رأيت أحدًا يطلب وضع 6 معالق سكر فى كوباية الشاى – كما يحدث – فسوف أضربه على يده!
بدعوة كريمة من الصديقين د. مختار خطاب، رئيس مجلس الإدارة، والمهندس حسن كامل، الرئيس التنفيذى، قضيت يومًا كاملاً مع العاملين بمصنع سكر النوبارية، واستمعت ورأيت المراحل المتتالية لإنتاج السكر من البنجر، وهو ما اتجهت إليه مصر مؤخرًا لسد العجز الذى كانت تعانى منه البلاد من قبل، خاصة بعد الزيادة السكانية المضطردة، وهذا التوجه الزراعى الجديد وضع مصر فى المرتبة الحادية عشرة فى قائمة البلاد المنتجة والمستهلكة أيضًا.
وقد لا يعلم البعض أننا نستهلك حوالى 3.3 مليون طن سكر سنويًا، منها مليون للصناعات والمشروبات الغذائية، والباقى استهلاك الأفراد بمعدل من 20 إلى 24 ك للفرد (تموين أو حر)، بينما ننتج حوالى 2.8 مليون طن سكر، منهم 900 ألف طن من القصب المزروع فى حوالى 350 ألف فدان، و1.9 مليون طن سكر من البنجر المزروع فى حوالى 700 ألف فدان، قد تصل إلى 750 ألفًا فى ظل التوسع الزراعى فى الدلتا الجديدة وغرب المنيا.
والمعنى أننا حققنا الاكتفاء الذاتى من السكر بنسبة تصل إلى حوالى 85% أو أكثر، ونستورد حوالى 500 ألف طن فقط.
الطريف فى الموضوع أن لدينا مصانع (عام وخاص) يمكنها إنتاج حوالى 8 ملايين طن سكر سنويًا، لكن هذا يعنى التوسع فى زراعة كل من القصب والبنجر، وهو ما قد يكون على حساب أكثر من 17 محصولا شتويا آخر على رأسها القمح والبرسيم والعديد من الخضراوات الضرورية.
والطريف أيضا أن لدينا أقدم شركة لاستخراج السكر من القصب (قطاع عام) وهى شركة السكر والصناعات المتكاملة والتى تمتلك مصانع بطول خط الصعيد بداية من الفيوم وحتى أسوان، بل إنها تصنع معدات هذه المصانع، ونجحت من قبل فى تصنيع وإنشاء سبعة مصانع بإيران!
والخبر الجيد هنا أن مصر لا تحتاج إلى مصانع لتكرير السكر المستورد وتعبئته، فجميع مصانع بنجر السكر يمكنها القيام بذلك، والجيد أيضا أن مصانعنا المحلية تورد لوزارة التموين شهريًا حوالى 120 ألف طن من سكر التموين، 25% منها توردها الحوامدية وحدها!
وإلى الأسبوع المقبل إن شاء الله.