البعض يعترض على مصطلح العمر الذهبي، ويعتقدون أن كل الحق معهم، وتعتمد وجهة نظرهم على افتراضية أن العمر الذهبي يقتصر على الحياة في الدول المتقدمة، أما في الدول النامية فأعباء الحياة لا تفارق المتقاعد بعد سن التقاعد، والإنسان يشعر بأنه محروم من جني ثمار جهده في هذه السن، لكن مشهد هذا الشيخ الذي يبلغ من العمر 65 عامًا، لا يزال ينشر بمنشاره الخشب بنفس عزيمته، حين كان في عمر الأربعين حينما شاهدته لأول مرة في ورشته بحي السيدة زينب، كأنه يبعث برسالة أمل لكل من تعدى الستين عامًا، ويعرفهم أن نعمة الحياة لم تسلب منهم.
وليس شيخنا النجار وحده من كسر حاجز الرهبة من العمر الذهبي، هناك الكثير من نجحوا نجاحًا باهرًا فور تخطيهم سن الستين، فهذا القابع في واشنطن "كولونيل ساندرز" أسس أشهر سلسلة مطاعم "كنتاكي" وعمره تجاوز الستين عاماً، وقاسى معاناة الفقر والحرمان، ولم يستسلم لفشل تجاربه المتكررة، حتى توصّل إلى خلطته السحرية.
وأكبر خطأ يقع فيه بعض كبار السن إيمانهم بمقولة "إحنا كبرنا على الكلام ده يلا حسن الختام"، برغم أن الدول المتقدمة يطلقون عليه العمر الذهبي للإنسان، بعد توقفه عن الدوران حول ساقية متطلبات عمله ومشاكل أبنائه، والنحيب على الشيخوخة مشهد يدعو إلى الأسى، غير أن المتسامحين منهم وأصحاب الخلق الطيب يتجنبون مضاعفات الشيخوخة، ويعتبرونها مرحلة كبقية مراحل العمر لها ما لها وعليها ما عليها، ويتعاملون بصدر رحب مع الجميع، ويحاولون نسيان أخطاء الآخرين تجاههم.
وحكاية "ونستون تشرشل" لها العجب، تولى رئاسة الإمبراطورية البريطانية في سن 62 عاماً، وأعاد لها مجدها، وأخلص لشعبه في رفع أشكال المعاناة عن كل طوائفه، وهزم هتلر، وأول من اخترع علامة النصر، ورفع اصبعيه بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية، واشتهر بلقب الأسد العجوز، ومن كلماته الشهيرة "المسئولية ثمن العظمة"، وقال: "حين تصمت النسور تبدأ الببغاوات بالثرثرة"، وهنري فورد ابتكر سيارة وقد بلغ الـ 45 عامًا، وأخذ يطور فيها حتى أصبحت نصف سيارات أمريكا، وكان يبلغ من العمر 55 عاما، وحافظ على رئاسة إدارة شركته إلى سن الثمانين، وظلت الشركة تدر أرباحًا ضخمة.
توصلت دراسة في جامعة فنلندية إلى أن سن التقاعد يقلل نسبة الإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة، بسبب ابتعاد المتقاعد عن ضغوط العمل، وأظهرت دراسة أمريكية أن النساء في عمر الستين وما بعده يتحسن حياتهن لانخفاض درجات الأرق والتوتر.