ملتقى "شبهات وردود" بالأزهر يحث على ضرورة الأمن المجتمعي

ملتقى "شبهات وردود" بالأزهر يحث على ضرورة الأمن المجتمعيملتقى شبهات وردود

الدين والحياة30-8-2023 | 12:38

عقد الجامع الأزهر أمس الثلاثاء، حلقة جديدة من ملتقى شبهات وردود، ودار موضوعها حول ( الإسلام والأمن المجتمعي)، وحاضر فيها دكتور صلاح عاشور عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، ودكتور عبدالله عزب العميد السابق لكلية أصول الدين، ودكتور أيمن فتحي أستاذ الفقه المقارن، ورئيس قطاع الشريعة في كلية الدراسات العليا، وأدار الندوة دكتور حازم مبروك عطية، الباحث ببرنامج كتب التراث بالجامع الأزهر الشريف.

وقال دكتور صلاح عاشور عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، إن الأمن المجتمعي ضرورة ملحة للتعايش بين أفراد المجتمع، وقد أسس رسول الله ﷺ لمجتمع آمن حين هاجر من مكة إلى المدينة، فآخى بين المهاجرين والأنصار، وحتى الذين لم تسعهم بيوت الأنصار، أسس لهم رسول الله ﷺ الصفة، التي كان يجلس فيها فقراء المسلمين، وقد عقد ﷺ معاهدة مع اليهود، بعدم الاعتداء، لتكون دولة الإسلام آمنة، حتى مع الذين يغايروها في الدين، القرآن الكريم يدعو إلى الأمن فقال الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" وهذه سمات المجتمع الإسلامي، حيث يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، وقد أنعم الله – تعالى – على قريش بالأمن فقال "لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ (١) إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ (٢) فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ (٣) ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ (٤)" فالأمن ضرورة اجتماعية حثت عليها الشريعة الإسلامية، بالحفاظ على الدين والنفس والمال والولد والمجتمع، فلم تهمل الشريعة الإسلامية هذا الجانب، حتى يستطيع الإنسان أن يعيش فيها بعيدًا عن المنازعات، والبغضاء.

من جانبه، أكد دكتور عبدالله عزب العميد السابق لكلية أصول الدين، أن الأمن الاجتماعي موضوع واسع متشعب يدخل في شتى مناحي الحياة بالنسبة للأفراد والأسر والمجتمعات والمؤسسات، بل إن الأمن تقاس به حضارات الأمن، فعلى قدر الأمن المجتمعي تقاس حضارة الأمة من عدمها، فالأمن ضد الخوف والأمن قبل الغذاء، فبدونه لا يستطيع الفرد أن ينعم بنعم الحياة مهما كانت متوفرة، ومن أجل أن الأمن ضرورة مجتمعية قال الله – تعالى – حكاية عن سيدنا إبراهيم "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ " فنلاحظ في هذه الآية أنه قدم الامن على الرزق.

وتابع، فا باستقرار الأمن يسير الإنسان إلى مصنعه ومزرعته وعمله في أمن واطمئنان، فينتج لمجتمعه، ويفيد نفسه وغيره، ولا يمكن للإنسان أن يستمتع بأي شيء في حياته وهو خائف، وقد رأينا في فترة من الفترات العصيبة التي مرت على مصر، كيف أن عدم استتباب الأمن كان سببا في خلق لجان شعبية، حيث لم يهنأ الناس بالعيش، ولذلك خاطب القرآن الكريم سيدنا موسى – عليه السلام – حين أمره الله – تعالى أن يلقي عصاه" وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ"، وفي اللغة الإيمان من الأمن، ولما فتح سيدنا رسول الله ﷺ مكة، وكان المشركون يعتقدون أنه سيقتص منهم، قال لهم قولته الشهيرة: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).

من جانبه، قال دكتور أيمن فتحي أستاذ الفقه المقارن، ورئيس قطاع الشريعة في كلية الدراسات العليا، إن من أهم جوانب الأمن المجتمعي، الفكرة والحوار، فالحَجْر على الرأي ليس من الإسلام في شيء، وإنما الدين قائم على المحاورة، والمناقشة بالحجة والبرهان، فـ الإسلام يرسخ دعائم الأمن بالمناقشة والاستماع للرأي الآخر، فلابد من اتباع منهج الوسطية في مواجهة الغلو والتطرف، وهذا المنهج هو ما تعلمناه في الأزهر الشريف، فهناك بعض الإشكاليات التي تكدر الأمن المجتمعي، مثل العلاقات العدائية مع الطرف الآخر، فالسياق العام للأمن المجتمعي يقوم على احترام الطرف الآخر، واستماع رأيه مهما كان، ثم مناقشته بالقعل والحكمة، للوصول إلى الحقيقة، فالممارسة غير المنصفة للحوار بين الأفراد تؤدي إلى التناحر والشقاق، فالحوار يجب ألا يكون وسيلة للإعلان عن الذات وحب الانتصار للرأي، فلا يفرض الرأي بالقوة، وإنما بالحوار السوي المستقيم، فإما أن تقنعني وإما أن أقنعك، ففرض الرأي وادعاء الحقيقة المطلقة منهج المفسدين في الأرض كفرعون، حين قال لقومه: "قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" وهو في هذا متبع للشيطان الذي رأي إنه أفضل من سيدنا آدم، ففي الحوار السليم، لابد أن نبتعد عن أسئلة التعنت والإيقاع والجدل العقيم، فالسؤال يكون من باب استيضاح الفكرة، ومناقشتها.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2