أمل إبراهيم
عندما تتابع كأس العالم المقام في روسيا وهو الحدث العالمى الذى أوشك على الانتهاء ..ربما لن يزيد تفكيرك عن جدول المباريات والمنتخبات وصور الجماهير الصاخبة الملونة بين الرقص والهتاف والصراخ والدموع ولكن خلف هذه الصورة التى تستمر لمدة شهر واحد أعوام سابقة وجهود كثيفة تم فيها التجهيز لأهم حدث رياضى تتابعه الملايين حول العالم وتستعد له الدول التى تشارك منتخباتها والأهم الدولة المضيفة للمونديال التى تستقبل عددا ضخما من الضيوف القادمين من قارات مختلفة تحاول توفير سبل الراحة لهم لأن كرة القدم لا تنحسر فقط فى المستطيل الأخضر بل يتسع النطاق للمدرجات والفنادق والأسواق ومدن كاملة تقام فيها المباريات .
والسؤال الأن لعلنا نستفيد من تجارب الآخرين كيف استعدت روسيا لاستقبال كل هذه الحشود وكيف استطاعت أن تكون وجهة سياحية يرضى عنها القادمون من كل أنحاء العالم ؟
في البداية قد تفاجأ عندما تعلم أن السلطات الروسية قد قررت إيقاف عملية الشواء فى جميع الأماكن العامة والحدائق والمتنزهات داخل روسيا خلال المونديال، وجاء ذلك القرار حرصاً من اللجنة على تفادى حدوث أى أزمات من شأنها أن تعرقل صفو العرس العالمى أو تشكل خطراً على زوار المدينة وسكانها ومرتاديها أو تجرح صورة العشب الأخضر .
وهناك أمور أخرى نستعرض في هذا التقرير بعضها وهي :
أولا : تم توسيع شبكة الخطوط الجوية لتوفير رحلات مباشرة بين المدن الروسية المضيفة للمباريات والدول الأجنبية، وتأمين وتسهيل التنقل داخل الأراضي. الروسية عبر عددا كبيرا من المطارات ومحطات السكك الحديدية والطرق الحديثة والمجددة.
ويذكر أنه قد تم اختيار المدن على أسس تاريخية، بحث تجبر المشجعين والفرق المشاركة فى البطولة على زيارة المعالم السياحية فيها لإنفاق أكبر قدر من العملات الأجنبية، فعلى سبيل المثال ملعب "سبارتاك" فى موسكو بلغت كلفته 14.5 مليار روبل، بالإضافة إلى إصلاح الطرق والمستشفيات وشراء معدات نقل جديدة، حيث يكلف كأس العالم الحكومة الروسية أكثر من 13 مليار دولار، ولكن العائد الاقتصادى للروس يفوق هذا الرقم.
ثانيا : تم توزيع هوية المشجع التي تسمح لحاملها بدخول روسيا بدون تأشيرة، و تشغيل قطارات مجانية خاصة لنقل المشجعين بين المدن المستضيفة للمباريات .
ثالثا: أعدت السلطات الروسية برنامج ضيافة شامل، من لحظة وصول المشجع إلى الأراضي الروسية حتى رحيله بعد فترة السماح بالإقامة بدون تأشيرة.
هذا غير أن المدن التي استضافت مباريات كأس العالم 2018 اتفقت مع الشركات السياحية على تنظيم جولات مختلفة ومتنوعة وبرامج ترفيهية مشجعة لجماهير المونديال".
رابعا : مدينة "نيجيني" وهى إحدى المدن التى استضافت مباريات كأس العالم كانت قد انتهت من إنشاء ستاد بالمدينة أنشء خصيصًا لاستضافة مباريات البطولة الأهم.
ويتسع الاستاد الجديد لحوالي 55 ألف متفرج، كما تمَّ إنشاء ثلاثة ملاعب تسمح بتدريب الفرق الرياضية قبل المباريات، كما شهدت المدينة تدشين أول فندق 5 نجوم ضمن 4 فنادق جديدة .
خامسا : أجرت المدينة العديد من التجهيزات في البنية التحتية المتعلقة بنقل المشجعين وأبرزها إنشاء محطة جديدة داخل مترو الأنفاق في المدينة تصل مباشرة إلى الاستاد.
وشارك ثلاثة آلاف متطوع نصفهم من أبناء المدينة في استقبال الجماهير في محطات القطار والمطار والفنادق، لتسهيل انتقالاتهم لمشاهدة المباريات.
سادسا :شارك 17 ألف متطوع من 112 دولة، يجوبون شوارع المدن الروسية التي تستضيف فعاليات المونديال، يساعدون الجمهور ويقدمون لهم المعلومات اللازمة
سابعا :تم تدشين موقعًا إلكترونيًا خصيصًا لتوضيح جميع المعلومات عن استضافة كأس العالم بعنوان "أهلًا 2018" متاح باللغة الإنجليزية .
ثامنا : بالنسبة لملعب إيكاترينبورج أرينا، تمت زراعة أكثر من 150 شجرة وحوالي 2000 نبتة صغيرة وتثبيت 180 متراً مربعاً من أعمال الحجارة و340 متراً مربعاً من أحواض الزهور التي تعيش لفترات طويلة. كما تم بناء المداخل المؤقتة والدائمة للملعب، وتركيب نظام الإنارة.
تاسعا : تم بناء وتجهيز 62 فندقا، بمقدار 10 آلاف غرفة.
وبحسب الحكومة الروسية، يشاهد كأس العالم على التليفزيون حوالى 3 مليارات مشجع
وبالنسبة لشراء حقوق البث المباشر والعلامات التجارية سيجلب المونديال حوالى 8-10 مليارات دولار، والأرباح من جذب أموال الرعاية من الشركات تصل إلى نحو 4.4 مليار دولار، وبيع الهدايا التذكارية مع رموز البطولة 100 دولار لكل سائح أجبنى، ما يحقق 100 مليون دولار.
وقد ألهمت بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تحتضنها روسيا صانعي دمى الماتريوشكا الشهيرة في روسيا حيث صنعوا دمى تحمل وجوه نجوم كرة القدم المشاركين في المونديال.
الفكرة وإن كانت عادية بالنسبة للمنتخب الروسي الذي تعوّد على هذا الأمر، إلاّ أنها جديدة بالنسبة للمنتخبات المشاركة وللسياح الذين اكتشفوا الأمر لأول مرة
السائح الواحد الذي سيزور روسيا خلال البطولة سيساهم في خلق 5 فرص عمل.
وبحسب وكالة رويترز، فإن المونديال وبعد نهاية الأسبوع الثانى تسبب فى انخفاض نسبة التضخم وارتفاع قيمة العملة الروسية حيث ذكرت وسائل إعلام روسية أن الاقتصاد انتعش بمعدل 1% بسبب منشآت كأس العالم والاستثمار فيها ونسبة الحجوزات فى الفنادق. وارتفع الناتج المحلى 0.2% فى الربعين الثانى والثالث من العام الحالى.
وقال مدير الوكالة السياحية الروسية " أوليج سافونوف"، إنّ حجم المكاسب المُقدّرة يبلغ 15 مليار دولار، مضيفاً أن المونديال الأخير فى البرازيل، حقق مكاسب بلغت 14 مليار دولار، وفى ألمانيا 12 مليارا، وفى جنوب أفريقيا اقتربت من 7 مليارات دولار.