ماذا يحدث في غرب ووسط إفريقيا؟!

ماذا يحدث في غرب ووسط إفريقيا؟!جمال رائف

الرأى2-9-2023 | 16:48

رست سفن الاحتلال قديما على الساحل الإفريقي فأحلت تجارة الموت وجعلت الرق مشروعا وأخذت تملأ السفن بخيرات الأرض السمراء، وحينما ذهبت تركت من خلفها إرثا ثقيلا من الخراب والدمار مكنها من العودة مجددا للعب دور المستعمر الودود.

لا خلاف على كون منطقة الساحل الإفريقي كانت ولا تزال مطمعا لما تمتلكه من كنوز وثروات طبيعية وأيضا موقع جوسياسي متميز، وهو السبب الذي جعل الجانب الفرنسي وهو المستعمر القديم الذي حظى على هذه الغنيمة بعد مؤتمر برلين عام 1884، الذي كان بمثابة شرعنة دولية لتواجد الدول الاستعمارية في الداخل الإفريقي لعدم التخلي عن أحلامه هناك، فرغم زوال الاستعمار عن القارة الإفريقية إلا أن صراع النفوذ بين القوى الاستعمارية وبعض القوى الكبرى الأخرى لا يزال يجد من القارة الإفريقية ساحة مناسبة له، ويتضح هذا في منطقة غرب إفريقيا وبالتحديد بمنطقة الساحل الإفريقي، التي يتصاعد فيه التناحر تحديدا بين كل من فرنسا وروسيا وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية ولكل منهم أدواته في الصراع وهذا ما يبرر التمركز العسكري الفرنسي هناك وفي المقابل تواجد عناصر الفاجنرز الروسية وهذا بالتزامن مع توافد أعداد كبيرة من الدواعش وفلول الجماعات الإرهابية الفارين من ليبيا وأيضا الشام؛ ليشتد الصراع مؤخرا في الغرب الإفريقي وتظهر منذ العام 2020 سلسلة من الانقلابات بدول غينيا ومالي وبوركينا فاسو النيجر ومؤخرا الجابون وهو ما يؤكد وجود تحولات كبيرة في مراكز القوى وتغير بخريطة النفوذ الخارجي المتنافس على منطقة الساحل الإفريقي وغرب ووسط إفريقيا.

التلويح بالتدخل العسكري من قبل تجمع الايكوس وهو التكتل الاقتصادي لمنطقة غرب إفريقيا، ينذر بتضاعف المخاطر الأمنية التي تتعرض لها المنطقة التي تمتد إلى ليبيا غير المستقرة وأيضا تشاد التي تحاول البحث عن المزيد من الاستقرار الداخلي، فمنطقة الساحل والصحراء الإفريقي تمتلئ بالألغام والتوترات التي تحتاج إلى حلول وتسويات سياسية بعيدا عن الحلول العسكرية المؤججة للصراع، التي تزيد من ويلات الأوضاع الإنسانية، التي تشهد تدهورا ملحوظات، خاصة في ظل أزمة اقتصادية عالمية تؤثر على الأمن الغذائي الإفريقي وتزيد من معانة شعوب تبحث عن الحق في الحياة.

الغرب والوسط الإفريقي أحد نقاط الصراع الدولي التي تشمل أيضا شرق أوروبا وبحر الصين الجنوبي، فهي النقاط الثلاثة الأكثر اشتعالا في الوقت الراهن، التي تعد ساحات متسعة لصراع فرض النفوذ واستنزاف القوى، ومحاولة استدراج الأطراف المتصارعة دوليا إلى ساحات قتال متنوعة، ولكن العواقب المترتبة على الجانب الإفريقي من ويلات هذا التناحر الدولي قد تكون الأصعب بالمقارنة بالنقاط الأخرى في شرق أوروبا أو بحر الصين الجنوبي، خاصة أن تلك الدول الإفريقية تعاني من الأساس من أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة ومن ثم امتداد صراع النفوذ الدولى إلى هذه للدول من المؤكد أنه سيضاعف أزمات الشعوب الإفريقية بل يعرضهم لمهددات أمنية وإنسانية صعبة، فهل تتحلى للدول الكبرى بمسئوليتها الدولية أم تستمر في التناحر على الجسد الإفريقي الذي يعاني؟

من المؤكد أن الصراع الدولي سيستمر وهنا على الشعوب في منطقة غرب ووسط إفريقيا إدراك الواقع العالمي ومخاطرة على دولهم قد تكون غير محسوبة لهذا التماسك الداخلي وإحداث استقرار داخلي عبر مسارات العمل السياسي وعدم الاستجابة للاستقطاب الدولي كلها عوامل قد تعيد الهدوء النسبي لتلك المنطقة التى هي على وشك الاشتعال.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2