كتب: عبدالرحمن صقر
يعد الخليج مطمع لجماعة الإخوان منذ تأسيس الجماعة على يد مؤسسها الأول حسن البنا، وذلك لكي تكون قوة لهم فى قلب الخليج، وتحقق ذلك فى خمسينيات القرن الماضى على يد تلاميذه وعلى رأسهم عبدالبديع صقر ويوسف القرضاوي أبرز قيادات تلك المرحلة، حين وصل دولة قطر.
وتبلغ مساحة قطر 11.521 كم² ، وتمتد لمسافة 200 كيلومتر داخل الخليج العربي، ولها عدة جزر بالخليج، حدودها بالمملكة العربية السعودية براً، والبحرية بالإمارات العربية المتحدة والبحرين وإيران، ولا يتجاوز عدد سكانها أكثر 2 مليون نسمة.
التوغل فى مؤسسات الدولة
ولم تترك جماعة الإخوان هذه الفرصة وتوغل قياداتها داخل الدولة القطرية مع نهاية الخمسينيات بوصول عبد البديع صقر القيادي البارز ومسؤل الدعوة بالإخوان، الذي اصبح مستشارا ثقافيا للشيخ أحمد بن على حاكم قطر آنذاك، وسعي فى زرع أفكار الإخوان وعمل على انشأ دار الكتب القطرية، لكي يحكم السيطرة على العقول، بالاضافة الى وإحكام السيطرة على مفاصل الدولة ، رغم أن الدوحة في ذلك الوقت كانت تابعة للمنهج السلفي كباقي دول الخليج.
عبد البديع صقر، من موليد 1915م، بعزبة صقر قرية بني عياض التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، تتلمذ على يد والده، وكان جد عبد البديع ضابط في جيش محمد علي باشا اللواء إبراهيم أفندي صقر شارك في حرب الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية وأخذ مكافأة على الحرب مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.
تطبيق حكم الله
وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان يزعمون أنهم يريدون تطبيق حكم الله، إلا انهم لا ينفذون أي شيء مع تحكمهم في دولة قطر كاملة خلال تلك الفترة، ولكن هم يقصدون بتطبيق حكم الله هو تطبيق أفكارهم، وقالها الرئيس «جمال عبد الناصر» في احدى خطاباته، وسمح «ناصر» لبعض عناصر الإخوان، بعد وساطة وزير الأوقاف انذاك الشيخ «أحمد حسن الباقوري»، السماح لهم بالسفر إلى بعض الدول العربية، واشترط «عبد الناصر» عدم التدخل في شوون مصر السياسة أومحاربة الدولة.
وبعد تمكن «صقر» في قطر أحضر بدوره كوادر تحمل فكر الإخوان، عقب هروبهم الى السودان، وعلى رأسهم كمال ناجي القيادي البارز فى ذلك الوقت، الذي أصبح من المقربين للشيخ جاسم بن حمد آل ثاني مدير المعارف فى ذلك الوقت، وأصبح المسؤل الاول عن ادارة مكتب الشيخ، وتمكن من مفاتيح التعليم بدولة قطر، والقيادي البارز الآخر علي شحاته الذي تقرب من الشيخ سحيم بن حمد آل ثاني وزير خارجية قطر في ذلك الوقت وأصبح مستشارا ثقافيا له.
في ضوء تلك الصورة يظهر لنا مدى سيطرت جماعة الإخوان على دواليب الامور بقطر وتركيز التنظيم الدولي على الامور التربوية والمؤسسات التعليمية هناك.
التمكين من الدولة
أما «القرضاوي» رسم خططه بالتقرب من الشيخ خليفة بن حمد نائب الحاكم قبل ان ينقلب على ابن عمه ويتولى سدة الحكم، وحين تولي الشيخ خليفة برز اسم القرضاوي، إمام للمسجد الأمير ومستشار في الدين الاول .
وحين هبط يوسف القرضاوي الى الاراضي القطرية فى 1961، بدأ يوسع علاقاته مع صنفين من المواطنيين أولهم أهل العلم وأهل الحكم، وعلى رأسهم الشيخ عبدالعزيز آل محمود قاضي المحكمة الشرعية والشيخ عبدالله الانصاري من علماء قطر والقاضي أحمد بن حجر وغيرهم، والصنف الثاني تعرف عليهم في مصر وهو سحيم بن حمد ابن عم حاكم قطر وأخو ولي العهد، وتمت التعارف عن طريق علي شحاته قيادي البارز بالإخوان، ولم تتوقف خطط القرضاوي بل قام بزيارة الى وزير المعارف فى قطر قاسم بن حمد وكان بصحبة معلمه عبدالمعز عبدالستار قيادي بارز بالإخوان واحمد العسال، كما زار نائب حاكم قطر خليفة بن حمد وكان بصحبة مفتش العلوم الشرعية «عبدالله بن تركي» وزار حاكم قطر أحمد بن علي باقتراح من عبدالبديع صقر المقرب من حاكم قطر في ذلك الوقت.
قطر إخوانية
وبعد ذلك ضمت العاصمة القطرية «الدوحة» عددا من كبيرا من قيادات الإخوان على مستوي العالم لتصبح المدينة المفضلة بالنسبة لعناصر الجماعة فيما بعد، وتم توظيف أموال قطر لتنظيمهم وإعلام الدولة أصبح منبرهم وصوتهم الأبرز، وجعلت قطر رأس الرمح في مشروعهم نحو السلطة واختراق البلدان الأخرى والتأثير على سياساتها كقناة الجزيرة وجريدة الشرق القطرية فيما بعد.
وفتحت قطر لعناصر وقيادات الجماعة ما يسمي بـ «الهجرة الثانية»، عقب هروبهم من السلطات المصرية في أعقاب أحداث المنشية، وانكشاف تنظيمهم السري الإرهابي فى ذلك الوقت، والمحاكمات المصاحبة التي حكم فيها على سيد قطب مفكر «الإخوان» بالإعدام، ثم جاءت «الهجرة الثالثة» ولكن هذه المرة لإخوان سوريا، خلال فترة أحداث حماه الدامية، بالاضافة تشكيلات إخوان «مصر والشام» في التى غزت الخليج، وعملوا على انتشار أفكارهم ويخالطون بدو الخليج.