سقط العدل

سقط العدلأحمد النومي

الرأى29-10-2023 | 15:24

شلالات الدم المتدفقة من غزة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية، أسقطت ورقة التوت عن تشدقات قيم خادعة يروجها عالم غربى منافق، وكشفت عورات نظام دولى بات "دمية" يلهو بها حفنة من البلطجية تسمى كذبًا دولاً، تتحكم فى مصائر شعوب، ترفع شعار "حسب المزاج" وتسن قانون "البلطجة هى الحل" فى التعاطى مع الأزمات الدولية، ولعل الحرب الوحشية التي تدور رحاها فى غزة نموذجًا حيًا بأن الضمير الغربى مات وقيم العدالة سقطت فى بحور سحيقة.

حماية أمن إسرائيل متجذرة فى مراكز صنع القرار الغربى، باعتبارها دولة وظيفية تخدم مصالح استراتيجية للغرب، مقابل حمايته لها من الأشرار العرب.

التبني الغربي للمشروع الصهيوني له مرجعية دينية، عبر إلباس الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ثوب الدين، استنادًا إلى وعود توراتية، باعتبار إقامتها يعجل بنزول المسيح كما تعتقد الصهيونية المسيحية، ولعل وصف السيناتور الأمريكي "ليندسي جراهام" حرب غزة بأنها حرب دينية كاشفا، ومن بعده "أنتوني بلينكن" بأنه جاء إلى إسرائيل كيهودي وليس وزير خارجية أمريكا، الأمر الذي جعل الفهم الدينى يتقدم على الفهم السياسى لهذا الصراع فى أذهان قادة الغرب.

سقط العدل أمام براجماتية السياسة ودبلوماسية المصالح، ووصل الفُجر الغربى إلى عرقلة مشروع قرارين لوقف النار من أجل هدنة إنسانية لإدخال المساعدات، وبلغت الوقاحة الأمريكية مداها بتقديمها مشروع قرار لمجلس الأمن يعطى الحق لإسرائيل فى الدفاع عن نفسها وإدانة المقاومة.

حرب غزة كشفت عورات دول الاتحاد الأوروبي، فلم يهتز لقادتها جفن أمام بحور الدماء، بريطانيا التى أنجبت سِفاحًا دولة الكيان الصهيونى عبر وعد بلفور الشهير، أرسلت بوارجها الحربية لحماية هذا الجنين السفاح، بينما لخص بايدن العلاقة الحرام بين أمريكا ومعشوقتها اللعوب إسرائيل العاشقة لدماء العرب بمقولته الخالدة لو لم تكن هناك إسرائيل لاخترعناها، "وهو ما يلخص سبعة عقود من تلاعبها بالقضية الفلسطينية، فاقدة شرف كونها راعٍ نزيه لعملية السلام، فقد كفنتها وقرأت عليها آيات القرآن والإنجيل والتوراة.

فرنسا "عاصمة الحرية" تحظر التظاهرات المتعاطفة مع الفلسطينيين، بينما ألمانيا تكسر عظام المتظاهرين ضد وحشية العدوان الإسرائيلي، لمحو عار المحرقة واستبدالها بمحرقة أخرى فى الشرق الأوسط.

سقط العدل فى ساحة الإعلام الدولى، والذى تحول إلى مطية صهيونية، فكانت معركة قتل الحقيقة، حين انتهكت شرف الكلمة فى محطات وصحف كبرى، وضربت عرض الحائط بالموضوعية والنزاهة، وأصبح التضليل سيد الموقف، وما شائعة فصل رءوس ٤٠ طفلاً إسرائيليًا سوى مانشيت فى سطور كاذبة.

سقط العدل فى أروقة المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على السلم الدولى، والسبب اختطاف القرار الدولى من باب الفيتو الجائر، وأصيبت منظمات المجتمع المدني بالخرس أمام حمم النار فى مدينة الأنبياء.

ووسط هذه العتمة يسطع شعاع نور فى عواصم الغرب، عبر مشهد مظاهرات متعاطفة مع الحق الفلسطيني لتفضح ممارسات قادتهم، وتثبت أن الضمير الإنساني ينبض فى قلوب الشعوب، بينما توقف عمدا فى عقول الساسة.

حقا فقد استشهد السلام فى وطن السلام وسقط العدل على المداخل.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2